توجهات المستهلكين السعوديين في تغيّر متسارع

وعي أكبر حول التكلفة مع تراجع الولاء للعلامات التجارية

توجهات المستهلكين السعوديين في تغيّر متسارع
TT

توجهات المستهلكين السعوديين في تغيّر متسارع

توجهات المستهلكين السعوديين في تغيّر متسارع

ألقى استبيان «انطباعات المستهلكين في الشرق الأوسط لعام 2018» الذي أجرته شركة «ماكينزي آند كومباني»، الضوء على التغير السريع في سلوك المستهلكين في المنطقة العربية ليصبح أكثر وعياً بالتكلفة، وتراجع الولاء للعلامات التجارية. حيث يظهر التقرير، أن ما يقرب من 55 في المائة من المستهلكين في مختلف الأسواق بالمنطقة يبحثون عن فرص للتوفير، وفي الطليعة يأتي المستهلكون في المملكة العربية السعودية من خلال الكثير من الطرق والأساليب الإبداعية للحد من الإنفاق والتفكير في علامات تجارية بديلة بشكل أكبر من الأعوام الماضية.
وقد سلط الضوء على هذا التقرير، الذي أطلق الأسبوع الماضي، كل من بيتر بروير وجيما دي أوريا من شركة «ماكينزي آند كومباني» خلال عرض تقديمي بعنوان «أسلوب جديد لاتخاذ القرارات في قطاع بيع التجزئة: تأثير انطباع المستهلكين على قرارات التجار في دول مجلس التعاون الخليجي»، وذلك خلال الدورة الرابعة لقمة قادة التجزئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي عقدت في دبي الأسبوع الماضي.
ومن بين النتائج التي كشف عنها الاستبيان، فإنه في الوقت الحالي، يتطلع 35 في المائة من المستهلكين في كافة أنحاء المنطقة إلى الحصول على العلامات التجارية المفضلة لديهم بأي تكلفة دون النظر إلى علامات تجارية أرخص، وذلك أقل من النسبة التي تم استطلاعها في أبريل (نيسان) 2017 والتي بلغ قدرها 45 في المائة.
كما كشف الاستبيان عن نسبة 78 في المائة من المستهلكين في المنطقة قد غيروا من عاداتهم الشرائية لتميل أكثر تجاه التوفير والادخار. كما أن المتسوقين من قنوات عدة قاموا بخفض الإنفاق على مستوى كافة القنوات الشرائية وأصبحوا يفضلون بشكل كبير الخصومات وسلاسل محال البقالة الكبيرة.
وقد أظهر الاستبيان، أن المستهلكين في السعودية والإمارات كانوا مضطرين خلال العامين الماضيين لتغيير عاداتهم الشرائية، وأصبحوا الآن يشعرون بتفاؤل أكبر بشأن قدراتهم على الإنفاق لاستعادة قوتهم الشرائية. كما أن المستهلكين في السعودية وبنسبة 34 في المائة منهم يتطلعون لشراء العلامة التجارية المفضلة بأي سعر، مقارنة بنسبة 42 في المائة وفقاً لاستبيان أبريل 2017، أما في الإمارات، فتشير هذه النسبة إلى 34 في المائة حالياً، مقارنة بنسبة 41 في المائة حسب بيانات العام الماضي.
وقد علقت جيما دي أوريا، مسؤولة قطاع التجزئة بالشرق الأوسط في شركة «ماكينزي آند كومباني» قائلة: «من المثير للاهتمام أن نرى إجابات متقاربة أو متشابهة بين المستهلكين في السعودية والإمارات، على الرغم من الانطباعات المالية المتغيرة في السوقين، حيث يعتقد المستهلكون أنهم أصبحوا يقللون عمليات الشراء والاتجاه نحو الادخار بشكل أقل من ربيع عام 2017».
ووفقاً للاستبيان، يتم تقسيم المستهلكين إلى خمس فئات استناداً إلى سلوكياتهم الشرائية: الأولوية للأرخص، الولاء للعلامات التجارية بحذر، التقليد الانتقائي، التحول إلى الأرخص، والتسوق متعدد القنوات.
ويشير الاستبيان إلى أن الكثير من المستهلكين حول العالم قد تحولوا إلى شراء علامات تجارية أكثر تكلفة، في حين تحولت نسبة ضئيلة إلى الخيارات الأرخص. بينما تشير المؤشرات العامة لانطباعات المستهلكين إلى وجود تحول تجاه الوعي بالتكلفة، ولا تزال هناك نسبة ثابتة من المستهلكين المستعدين للتحول إلى العلامات التجارية الفاخرة.
وعلى مستوى المنطقة، فقد تحولت نسبة 16 في المائة من المستهلكين إلى العلامات التجارية الأقل تكلفة، في حين تحولت نسبة 11 في المائة إلى العلامات التجارية الأكثر تكلفة. وبينما يستمر المستهلكون في الابتعاد عن العلامات التجارية المتوسطة، فقد حصلت السعودية على المركز الثامن، في حين حصلت الإمارات على المركز الـ11 من بين 30 دولة قام فيها المستهلكون بالتحول إلى علامات تجارية أكثر تكلفة. حيث أوضح الاستبيان، أن 14 في المائة من المستهلكين في الإمارات تحولوا إلى علامات تجارية أرخص، ونسبة 12 في المائة تحولوا إلى علامات تجارية أكثر تكلفة، مقارنة بنسبة 16 و11 في المائة على التوالي في السعودية.
ويوضح الاستبيان أيضاً أن نسبة 54 في المائة من المستهلكين الذين تحولوا إلى علامات تجارية أرخص راضون عن العلامات التجارية الجديدة، في حين أن نسبة 46 في المائة يودون العودة إلى العلامات التجارية التي اعتادوا على شرائها مسبقاً. ففي السعودية، أصبحت نسبة 45 في المائة من المستهلكين الذين تحولوا إلى علامات تجارية أرخص راضين عن العلامات التجارية الجديدة، مقارنة بنسبة 41 في المائة للمؤشر ذاته في سبتمبر (أيلول) 2016.
في هذا السياق، قالت جيما دي أوريا: «أصبح المستهلكون أقل انتماءً للعلامات التجارية، على عكس الوقت السابق عندما كانوا يقدِمون على البحث عن العلامة التجارية المفضلة لديهم بسعر أقل. أما الآن فقد تغير الوضع وأصبح المستهلكون أكثر ميلاً للتكلفة الأقل، هذا التحول الناتج من زيادة في الجودة الحقيقية المتحصل عليها من العلامات التجارية الأرخص».
وتشير التقارير إلى أن الرواد في قطاع التجزئة يعتمدون على البيانات والتحليلات، مثل انطباعات العملاء لاتخاذ قرارات مدفوعة بتحليل البيانات، كما تشير إلى التفوق الواضح لكل من يتبع هذا الأسلوب مقارنة بنظرائهم. ودائماً ما كانت عملية صنع القرار معتمدة على البيانات، لكن هناك ثلاثة عوامل تسارع في هذا التطور وهي المستويات غير المعهودة من تطور البيانات، والتكاليف المنخفضة، والحواسيب والبرمجيات ذات القوة الهائلة.
وقد علق بيتر بروي، مسؤول قطاع التجزئة بأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «ماكينزي آند كومباني» قائلاً: «يعد تحسين الجودة وتنوع المنتجات هو التهديد الحقيقي للعلامات التجارية. حيث يعمل كبار تجار التجزئة على تحويل مؤسساتهم لكي تكون مدفوعة بالبيانات والتحليلات، وهذا ممكن حتى في ظل ندرة البيانات المجتمعية. كما أن امتلاك رؤية واضحة عن المستهلكين هي من أهم الأصول التي يحتاج إليها تجار التجزئة، وعليهم أن يركزوا على التأثير الحقيقي على الأعمال عند اتخاذ القرارات المبنية على تحليل البيانات. ويستلزم عليهم إيجاد تأثير سريع، وفي الوقت ذاته العمل على خريطة طريق لتمكين القدرات المتاحة».
كما كشف الاستبيان، عن أن التحول إلى التجارة الإلكترونية يحدث بشكل أسرع مما كان عليه في الماضي. ولا يُنظر إليه فقط بين المستهلكين ذوي الدخل المرتفع، وإنما على جميع مستويات الدخل، وتتماشى في ذلك المؤشرات الإقليمية مع بقية العالم.


مقالات ذات صلة

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر ارتفاع أعداد المسافرين 15 في المائة عام 2024 لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

«ستاندرد آند بورز» تتوقع تأثيراً محدوداً لزيادة أسعار الديزل على كبرى الشركات السعودية

قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني إن زيادة أسعار وقود الديزل في السعودية ستؤدي إلى زيادة هامشية في تكاليف الإنتاج للشركات الكبرى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رجل يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به بجوار شعارات «لينوفو» خلال مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة (رويترز)

«لينوفو» تبدأ إنتاج ملايين الحواسيب والخوادم من مصنعها في السعودية خلال 2026

أعلنت مجموعة «لينوفو المحدودة» أنها ستبدأ إنتاج ملايين الحواسيب الشخصية والخوادم من مصنعها بالسعودية خلال 2026.

الاقتصاد أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

واصل الإنتاج الصناعي في السعودية ارتفاعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوماً بنمو أنشطة التعدين والصناعات التحويلية، وفي ظل زيادة للإنتاج النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.