تأجيل عودة نازحي بيت جن إلى سوريا للمرة الثالثة

ترجيح تعثّرها بسبب انشغال النظام بدوما

عائلات سورية نازحة في شبعا تأجلت عودتها إلى بلدة بيت جن السورية نهاية الشهر الماضي («الشرق الأوسط»)
عائلات سورية نازحة في شبعا تأجلت عودتها إلى بلدة بيت جن السورية نهاية الشهر الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

تأجيل عودة نازحي بيت جن إلى سوريا للمرة الثالثة

عائلات سورية نازحة في شبعا تأجلت عودتها إلى بلدة بيت جن السورية نهاية الشهر الماضي («الشرق الأوسط»)
عائلات سورية نازحة في شبعا تأجلت عودتها إلى بلدة بيت جن السورية نهاية الشهر الماضي («الشرق الأوسط»)

لا يزال نازحو بيت جن السورية، في منطقة شبعا اللبنانية، ينتظرون منذ 10 أيام موعد عودتهم الذي تأجّل للمرة الثالثة على التوالي. وفيما لم تتضّح الأسباب الحقيقية وراء هذا التأجيل، خصوصاً أن عشرات العائلات سبق أن أرسلت أغراضها وأمتعتها إلى سوريا تمهيداً للمغادرة، تشير بعض المعلومات إلى أن تعثّر السير بهذه العملية يعود لانشغال النظام السوري، الذي كان سيرسل باصات خضراء لنقل النازحين من المنطقة الحدودية، بقضية دوما في الغوطة الشرقية.
وفي حين اكتفت مصادر الأمن العام اللبناني بالقول إن هناك بعض الإجراءات اللوجيستية التي لم يتم الانتهاء منها، قال رئيس بلدية شبعا، محمد صعب، لـ«الشرق الأوسط»: «لا معلومات لدينا حول أسباب التأجيل، لكن العائلات تعيش في وضع دقيق، خصوصاً أن معظم الذين سجّلوا أسماءهم للمغادرة أرسلوا أغراضهم، وتركوا منازلهم التي كانوا يستأجرونها، وباتوا يسكنون عند أقربائهم بانتظار تحديد الموعد النهائي، الذي كان بداية قبل نحو أسبوعين، ثم تأجل مرتين، كان آخرهما أول من أمس»، ولفت إلى أن البلدية لا تملك الإجابة الواضحة عن سبب التأخير، لكن بعض المعلومات التي يتناقلها النازحون تشير إلى أن التعثّر هو نتيجة انشغال النظام بقضية دوما في الغوطة الشرقية.
كذلك نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر في بلدية شبعا قولها إن «الموظفة في لجنة العودة السورية، التي كانت تتواصل مع النازحين لتأمين عودتهم، غابت عن السمع يوم أول من أمس، وبالتالي تعذرت عملية العودة للمرة الثالثة».
وعزت مصادر معنية بملف النازحين للوكالة تأجيل العودة إلى بيت جن، التي خضعت للمصالحة مع النظام قبل 4 أشهر، إلى «انشغال الحكومة السورية بملف دوما وتشعباته، وما سبقه ورافقه من أحداث»، معتبرة أن «استعادة قوات النظام لبلدة بيت جن ليست كافية لعودة النازحين، فالبنى التحتية فيها غير مجهزة، كما أن البلدات السورية المحيطة بها غير مستقرة أمنياً، ومنها جباتة الخشب التي لا تزال تشهد وجوداً لـ(داعش) و(جبهة النصرة)»، مشيرة إلى أن «الوضع الأمني ينبئ بمتغيرات غير محسوبة».
وتتابع مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان عملية العودة المتوقعة لنازحي بيت جن، من دون تدخّل مباشر منها في الإجراءات، بحيث يقتصر دورها على الاطلاع على أوضاعهم وحمايتهم، مع تأكيدها على موقفها الثابت من أنّ الأوضاع في سوريا غير مناسبة في الوقت الحالي للعودة، بحسب ما تقول المتحدثة باسم المفوضية ليزا بو خالد لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة في الوقت عينه إلى أن فرق المفوضية تتناقش مع اللاجئين والسلطات المعنية لتقييم قراراتهم، والظروف التي ستتم فيها هذه العودة، مع احترامها لخيارهم عند اتخاذه بشكل فردي.
ولفتت بو خالد إلى أهمية توفير المعلومات اللازمة للاجئين حول الأوضاع والظروف التي سينتقلون إليها، حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارهم، خصوصاً أن اللقاءات مع بعض منهم لم تعكس هذا الأمر.
وكان نحو 550 شخصاً، من أصل 6 آلاف لاجئ يعيشون في شبعا، قد سجّلوا أسماءهم للمغادرة، بحسب ما قاله رئيس بلدية بيت جن السابق، هيثم حمودي، لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، مشيراً إلى حصولهم على تطمينات من النظام بأنه لم تعد هناك أي خطورة على جميع المواطنين، على أن تتم تسوية أوضاع كل المطلوبين قبل تاريخ 8 - 1 - 2018، وسيتم منح الشباب المطلوبين للخدمة 6 أشهر للالتحاق. وفي حين لفت إلى أن معظم المسجلين هم من أبناء مزرعة بيت جن الذين بإمكانهم العودة إلى بيوتهم، ويعتمدون على بعض الموارد الزراعية لتأمين لقمة عيشهم، قال إن معظم من فضّل البقاء في شبعا هم من عائلات بيت جن التي هدّمت منازلها أو باتت غير قابلة للسكن.
ويبلغ عدد العائلات المتحدرة من بيت جن نحو 140 عائلة، من أصل 380، وما يقارب 5 آلاف لاجئ هربوا إلى شبعا والعرقوب المجاورة من مناطق سوريا عدة، منها حمص وإدلب ودرعا.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.