ليبرمان: لن نسمح لايران بترسيخ أقدامها

TT

ليبرمان: لن نسمح لايران بترسيخ أقدامها

صرح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بأن إسرائيل «لن تسمح لإيران بترسيخ أقدامها في سوريا، مهما بلغ الثمن، ولا يوجد لنا خيار آخر».
وقال ليبرمان في أثناء زيارته قاعدة عسكرية في كتصرين في الجولان السوري المحتل في مؤتمر صحافي: «لن نسمح لإيران بترسيخ أقدامها في سوريا، مهما بلغ الثمن، ولا يوجد لنا خيار آخر. قبولنا ببقاء الإيرانيين هناك كالقبول بالسماح لهم بشد الخناق حول رقابنا». ونفى ليبرمان أن تكون لإسرائيل علاقة بضرب قاعدة تيفور في محافظة حمص، وقال: «لا أعرف مَن كان في سوريا ولا أعرف مَن هاجم تيفور».
واتهمت دمشق وموسكو وإيران، إسرائيل باستهداف قاعدة تيفور الجوية العسكرية في وسط البلاد، موقِعةً 14 قتيلاً من قوات النظام ومقاتلين موالين لها، «بينهم 3 ضباط سوريين ومقاتلون إيرانيون»، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الضربة.
لكنها ليست المرة الأولى التي تقصف فيها إسرائيل مطار تيفور، إذ استهدفته في العاشر من فبراير (شباط) الماضي، بعدما اتهمت إيران بإرسال طائرة مسيّرة من تلك القاعدة للتحليق في أجوائها.
وأكدت الخارجية الإسرائيلية، أمس (الثلاثاء)، أن السفير الإسرائيلي في موسكو جيري كورين، استُدعي من قبل الخارجية الروسية لمناقشة آخر التطورات في ما يتعلق بالأزمة السورية، بما في ذلك قصف مطار تيفور.
وأوضحت الخارجية الإسرائيلية أنها في حوار مستمر مع الروس.
ولوحظ انه لأول مرة منذ عدة سنوات، اتخذ قادة جميع الأجهزة الأمنية في إسرائيل، موقفا مؤيدا للخطاب السياسي للحكومة فيما يتعلق بالنشاط الإيراني في سوريا. وأبدوا في الأسابيع الأخيرة موقفا حازما ومتشددا وموحدا يرمي إلى صد الوجود الإيراني ودفع طهران إلى سحب قواتها. ومع أنهم لا يتحدثون عن أعمال حربية في الوقت الحاضر، إلا أنهم يتحدثون عن «التصميم على منع النفوذ الإيراني العسكري في سوريا بأي شكل».
وتم مؤخراً عرض هذا الموقف المتشدد، الذي تشارك فيه جميع الأذرع الأمنية، أمام القيادة السياسية في المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة وأمام رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، في جلسات ثنائية. وحسب مصادر سياسية مطلعة، فقد أوضح وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ورئيس الأركان، غادي إيزنكوت، في الأشهر الأخيرة أن تعميق الوجود العسكري الإيراني في سوريا، سيعتبر خطا أحمر وأن إسرائيل ستعمل على حماية مصالحها الأمنية.
وأضافت المصادر أنه بعدما التأم رؤساء روسيا وإيران وتركيا، في أنقرة الأسبوع الماضي، لمناقشة الوضع في سوريا، قرر الجنرالات الإسرائيليون تسريب موقفهم هذا، علما بأنهم كانوا قد اعترضوا على قصف إيران في سنة 2010. وقد أثارت قمة أنقرة، وفقا للمصادر، قلقا كبيرا في إسرائيل، وساد الانطباع بأن روسيا تساند إيران الآن، في مساعيها لترسيخ وجودها العسكري في سوريا، حتى وإن كلف ذلك ازدياد الاحتكاك مع إسرائيل. وسربوا معلومات تقول إن القوات الشيعية الموجودة في سوريا تحت سلطة إيران الآن تصل إلى 20 ألف عنصر، وفي السنوات الأخيرة لم يكن هناك تغيير كبير في عددها. ووفقاً لتقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن نحو 2000 من المستشارين والمقاتلين الإيرانيين يتمركزون في سوريا، ونحو 7.500 مقاتل من «حزب الله» ونحو 9 آلاف من أفراد الميليشيات من العراق وأفغانستان وباكستان. وفي مقابلة أجرتها «هآرتس» عشية عيد الفصح، مع رئيس الأركان إيزنكوت، قال إن «الوضع النهائي المرغوب فيه هو انسحاب جميع القوات الإيرانية - الشيعية من سوريا، بما في ذلك (حزب الله) والميليشيات». وأوضح رئيس الأركان أن إسرائيل أقامت حزاما على طول الحدود السورية، لن تسمح بنشر القوات الموالية للنظام الإيراني فيه، لكنه امتنع عن تحديد هذا الخط الجغرافي. ومع ذلك، فإن جهود إيران لترسيخ وجودها في سوريا لا تقتصر على اليابسة، وإنما تتعلق، أيضا، بتعميق القدرات الجوية لقوات النظام. وقاعدة T - 4 التابعة لسلاح الجو السوري، التي تعرضت للهجوم أول من أمس، تم استخدامها من قبل مشغلي الطائرة الإيرانية غير المأهولة التي تسللت إلى إسرائيل. وعلى مسافة غير بعيدة عنها، هناك قاعدة جوية أخرى تخدم إيران وحلفاءها - مطار الشعيرات.
لكن العائق أمام النوايا الإسرائيلية يكمن في الوجود الروسي العسكري في سوريا. وفي تل أبيب يسجلون بقلق خطوات موسكو الأخيرة، التي تتراوح ما بين التحذير والتهديد. فهم يلاحظون أن روسيا بادرت إلى الكشف أن إسرائيل هي التي قامت بمهاجمة قاعدة سلاح الجو السورية T - 4 بالقرب من حمص. وفي بيان صدر عن الجيش الروسي، جاء أن طائرتين أطلقتا ثمانية صواريخ على القاعدة من الأجواء اللبنانية. وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الهجوم على القاعدة السورية كان «تطورا خطيرا».
وما تخشاه إسرائيل هو أن تقع في صدام مع روسيا على الأرض السورية. فالجيشان، الإسرائيلي والروسي، يقيمان جهاز تنسيق أمني على أعلى المستويات منذ سنتين، يقوده نائب رئيس أركان الجيش من كل طرف. والهدف الأساسي منه هو منع الصدام. ولكنه تحول إلى جهاز تعاون ساهم في تقريب القيادتين السياسيتين والعسكريتين بينهما، وفي تحسين العلاقات على جميع المستويات. وصار نتنياهو يتحدث عن الرئيس فلاديمير بوتين على أنه صديق شخصي والتقاه خمس مرات في غضون سنتين. وكذلك الروس غير معنيين بالتصادم، ويحاولون لجم إسرائيل عن المشاركة في عمل عسكري أميركي ضد إيران أو ضد النظام السوري. ويفضلون في تل أبيب استمرار التنسيق مع موسكو، ولكن وفق خطوط حمراء جديدة تمنع طهران من تقوية نفوذها وتوطيد وجودها العسكري في سوريا. وتسعى الآن لتخفيض لهيب الخلافات مع موسكو.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.