أدب الرعب يغزو كتابات الأدباء الشباب في مصر

يعيد إنتاج الأساطير الشعبية وأصبح الأكثر مبيعاً في المكتبات

بعض أغلفة روايات رعب
بعض أغلفة روايات رعب
TT

أدب الرعب يغزو كتابات الأدباء الشباب في مصر

بعض أغلفة روايات رعب
بعض أغلفة روايات رعب

هل يمكن أن نتحدث الآن عن نوع أدبي جديد علينا هو «أدب الرعب»؟
يراهن أدباء مصريون شبان على إمكانية ازدهار هذا النوع في بلداننا، وتحديداً في مصر. وهم يستشهدون بمؤشر المبيعات المرتفع للكثير من إنتاجهم القصصي والروائي. «ثقافة» استطلعت في هذا التحقيق آراء عدد من كتاب أدب الرعب الشباب، وكيف استطاع خلال نحو 7 سنوات أن يحقق هذه الطفرة في سوق النشر في لحظة فارقة من حياة المجتمع، شهدت تأججاً للصراعات السياسية والاجتماعية، وتجاهل الحركة النقدية لهذا النوع الأدبي الناشئ.
الروائي الدكتور أحمد خالد توفيق، الذي رحل عن عالمنا هذا الشهر، يعد بمثابة الأب الروحي لذلك النوع من الأدب، كما يؤكد الروائي عمرو مرزوق، صاحب رواية «ميدوم»، التي مزج فيها الكاتب بين أدب الرعب والجريمة والفانتازيا التاريخية، وحققت مبيعات جيدة.
يقول مرزوق: «تأثر جيلا التسعينات والثمانينات بسلسلة (ما وراء الطبيعة) للكاتب أحمد خالد توفيق، منذ صدور أول أعدادها عام 1994، حتى العدد الأخير الصادر عام 2014. وكانت السلسلة الشهرية تتناول مغامرات الدكتور رفعت إسماعيل، الشره الأصلع الذي لا يخلو جسده من الأمراض، في عوالم غامضة ومثيرة، بحبكة فنية جيدة». لكن هذا لا يعني أن كل ما ينشره الأدباء الشباب -المتأثرين بتلك السلسلة- هو أدب جيد، كما يؤكد مرزوق، بل أحياناً تكون الكتابات سطحية ورديئة، والسبب في ذلك يرجع لبعض دور النشر، التي لا همّ لها سوى زيادة نسبة التوزيع، ولو كان ذلك على حساب المضمون.
ويرى مرزوق أن «هناك العشرات من الكتاب الناقلين حرفياً لأفكار الروايات الغربية، كأنه استبدل باسمه اسم الروائي الأصلي بعد ترجمة الرواية، إلا أن هناك بعض الكتاب الحقيقيين، الذين نجحوا في وضع بصمتهم على روايات الرعب المصري».
وقبل الحديث عن أهم التيمات الخاصة بأدب الرعب المصري، يفضل كتاب ذلك النوع من الأدب، الحديث أولاً عن الموضوعات التي لا يجب التطرق إليها، كما يرى عمرو المنوفي، أحد رواد هذا النوع من الأدب، قائلاً: «إن الأدباء المصريين حاولوا الابتعاد عن التيمات الشهيرة في أدب الرعب العالمي، مثل مصاصي الدماء، والزومبي أو الموتى الأحياء».
وعن كيفية استلهام موضوعات لرواياته، يقول إنه كغيره من الكتاب لجأ إلى لقاء الدجالين، للتعرف على عالمهم، وجمع الحكايات الغرائبية من الريف والقرى المصرية، للخروج بنكهة مختلفة محلية الطابع، ومع ذلك يحاول المنوفي عدم ترسيخ تلك الخرافات في أذهان القراء اليافعين، فأدب الرعب يختلف عن الشعوذة والسحر والخرافات.
ويتذكر المنوفي رواية له بعنوان «شمس المعارف»، التي تتناول كتاب سحر اشتهر بنفس الاسم، يُنسب تأليفه إلى «أحمد بن علي البوني».
تجاهل النقاد
من ناحية أخرى، يرى الروائي محمود الجعيدي، صاحب رواية «الخبيث»، وهي واحدة من أشهر روايات الرعب الصادرة عن دار نشر «تويا»، أن أزمة الحكم المسبق على أدب الرعب عائد لسببين، أولهما أن بعض كتاب هذا النوع يفتقر إلى آليات السرد، ويهتم بالحدث داخل الرواية على حساب الزمان والمكان، ولا يمنح الشخصيات العمق الكافي، إضافة إلى رفض النقاد الاطلاع في الأساس على أدب الرعب، باعتباره مجرد روايات خفيفة سطحية، رغم ما يحمله هذا الأدب من قدرة على تناول موضوعات جديدة، وإدخال القارئ في عوالم مغايرة، تتيح له التنفيس عن مخاوفه وقلقة والتخلص من طاقته السلبية.
يقول: «إن أدب الرعب ليس فقط أدب جن وأشباح وعفاريت، فتلك تيمات قديمة جداً ومستهلكة. أدب الرعب بالأساس يلعب على تجسيد مخاوف الإنسان، من العزلة والوحدة والتتبع بواسطة قوى خارقة أو الدفن حياً، وهنا ينبغي أن يكون الكاتب ملماً بالنفس البشرية».
دور النشر
يتبنى أغلب دور النشر الجديدة نشر أدب العرب، مثل دور نشر: «تويا»، و«دون»، و«نون».
وبلغت عناوين روايات الرعب التي أصدرتها دار «نون» وحدها 12 عنواناً خلال معرض الكتاب الماضي، وذلك وفقاً لحسام حسين مدير النشر بالدار، الذي يرى أنها من الروايات الأكثر مبيعاً، كما أن لجان القراءة التي يتم على أساسها اختيار الأعمال للنشر لا تختلف عن لجان القراءة الأخرى، حيث يتم تأكيد أصالة الفكرة وتماسكها، وأسلوب الكاتب ولغته، وتمكنه من تقنيات السرد، مضيفاً أن عدداً من دور النشر الأجنبية رغبت في ترجمة بعض عناوين روايات الرعب الصادرة عن الدار، والتي سيعلَن عنها قريباً.
أما دار «دون» للنشر، فتعد واحدة من الدور التي تميزت في إصدار هذا النوع من الأدب، ووصلت إصدارات الدار خلال العام الحالي إلى 12 عنواناً، إضافة إلى الكتب الفكرية والثقافية الأخرى التي تنشرها الدار بالتوازي، كما تؤكد سارة فؤاد، مسؤولة النشر بالدار.
وترى سارة فؤاد أن القارئ مهتم بهذا النوع من الأدب، بدليل الإقبال عليه وزيادة نسبة التوزيع، حتى إن عدداً من العناوين التي أصدرتها الدار أُعيد طبعها في طبعة خامسة وسابعة، مضيفة أن أغلب الكتاب من الأسماء الجديدة، لكنّ هذا لا يقلّل من جودة العمل.
ويرى الناقد الأدبي الدكتور شريف الجيار، أن ظاهرة روايات الفانتازيا، والخيال الشعبي، التي تنتمي إليها روايات الرعب، فرضت نفسها على المشهد الأدبي خلال السنوات الأخيرة، كما تجد إقبالاً لافتاً من الشباب، وتحقق مبيعات كبيرة، وهذه ظاهرة جديدة يجب الانتباه إليها، والاهتمام بها نقدياً، وعدم التسرع في الحكم عليها.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.