الجيش اللبناني يعتقل خلية في بعلبك تخطط لـ«عمل إرهابي» في عرسال

بين أفرادها قريب انتحاري حارة حريك وثلاثة سوريين.. والإمارات تحذر رعاياها

الجيش اللبناني يعتقل خلية في بعلبك تخطط لـ«عمل إرهابي» في عرسال
TT

الجيش اللبناني يعتقل خلية في بعلبك تخطط لـ«عمل إرهابي» في عرسال

الجيش اللبناني يعتقل خلية في بعلبك تخطط لـ«عمل إرهابي» في عرسال

أوقفت مخابرات الجيش اللبناني، أمس، مجموعة تضم لبنانيين اثنين وثلاثة سوريين على نقطة أمنية في منطقة بعلبك البقاعية، شرق لبنان، يشتبه بانتمائهم إلى أحد التنظيمات الإرهابية، وفي عدادها قريب أحد انتحاريي تفجير حارة حريك، في الضاحية الجنوبية لبيروت، مطلع العام الحالي.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، أن «قوة أوقفت على حاجز حربتا - اللبوة، وبالتنسيق مع مديرية المخابرات، كلا من اللبنانيين عمر مناور الصاطم، وهو ابن عم الإرهابي قتيبة الصاطم الذي أقدم على تفجير نفسه في الضاحية الجنوبية - حارة حريك، والمدعو إبراهيم علي البريدي والسوريين عطا الله راشد البري، عبد الله محمود البكور وجودت رشيد كمون، للاشتباه بانتمائهم إلى إحدى المنظمات الإرهابية».
وفي حين أشارت قيادة الجيش إلى «تسليم الموقوفين إلى المرجع المختص لإجراء اللازم»، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية في لبنان، بأن المجموعة كانت متجهة إلى عرسال وتحضر «لعمل إرهابي».
وتضم المجموعة أحد المطلوبين ويدعى عمر الصاطم، وهو ابن قتيبة الصاطم، الذي نفذ عملية تفجير حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، في الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح آخرين.
ويأتي توقيف هذه المجموعة، التي أحيل أفرادها إلى القضاء المختص للتحقيق معهم، في ظل رفع القوى الأمنية والجيش من جهوزيتها بعد تفجير نفذه انتحاري عند نقطة أمنية في منطقة ضهر البيدر، الفاصلة بين البقاع وبيروت، يوم الجمعة الماضي، مما أدى إلى مقتل عنصر أمني وجرح 33 آخرين.
ويبدي المسؤولون السياسيون والأمنيون في لبنان خشيتهم من تداعيات تمدد نفوذ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في العراق لناحية إيقاظ «خلايا نائمة» أو تحريك أخرى جديدة لإثارة الفوضى الأمنية في لبنان، تزامنا مع شغور سدة الرئاسة منذ 25 مايو (أيار) الماضي.
وفي سياق متصل، أشار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، خلال تفقده حاجز ضهر البيدر الذي استهدفه التفجير الانتحاري، إلى أن «التوقيفات التي حصلت في بيروت نهار الجمعة (بيروت) لا علاقة لها بتفجير الحاجز». ولفت إلى أنه «تعزيز حاجز ضهر البيدر»، عادا أنه «إذا كان لدينا إرهابي واحد، فلدينا آلاف المواطنين ويجب علينا حمايتهم ولو كان ذلك على حسابنا». وأوضح أن «التحقيقات ما زالت جارية بإشراف القضاء المختص بجدية وسرية تامة».
وأدت المخاوف الأمنية إلى دعوة عدد من الدول رعاياها إلى مغادرة لبنان وتجنب المجيء إليه. فبعد تحذير الولايات رعاياها، إثر تفجير الجمعة الانتحاري، أهابت دولة الإمارات مواطنيها أمس بتفادي «السفر في الوقت الحاضر إلى لبنان نظرا للأحداث الأخيرة والأوضاع الأمنية المضطربة»، داعية «مواطنيها الموجودين في لبنان إلى ضرورة المغادرة فورا من خلال التواصل والتنسيق مع سفارة الإمارات في بيروت». وأوضح القائم بالأعمال في سفارة الإمارات في بيروت حمد محمد الجنيبي، أن «هذا التحذير يأتي من حرص وزارة الخارجية على مواطني الدولة وسلامتهم في الخارج»، داعيا المواطنين إلى «ضرورة الالتزام التام بهذا البيان إلى حين صدور إشعار آخر».
سياسيا، عد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أن «الانفجار الذي حصل في ضهر البيدر هو من بقايا ما يمكن أن يتسلل ويستقر في مناطقنا وأحيائنا وبلداننا، لأن رأس السهم لهؤلاء الإرهابيين التكفيريين قد انكسر، فهم يتحركون الآن وفق أوامر تعطى لهم ويستخدمون من أجل مصالح غيرهم».
وقال رعد، خلال احتفال تأبيني في بلدة مجدل سلم الجنوبية، إننا «تجاوزنا مرحلة الخطر الاستراتيجي على الأمن في لبنان، وتجاوزنا مرحلة الخطر الإسرائيلي على سيادة لبنان، ولكن ستستمر المناوشات»، لافتا إلى أن «الوضع لا يزال تحت دائرة السيطرة، ولذلك لا ينبغي لأحد منا أن يخاف، فالأمور تتابع بدقة وبجهوزية عالية وبحكمة».
وفي حين طالب الأجهزة الأمنية والعسكرية بأن «تفتح أعينها وأن تنسق في ما بينها حتى تقلل فيما أمكن من العمليات التخريبية وتقطع الطريق على هؤلاء العابثين المنتحرين بأمننا في هذه الفترة من تاريخ بلدنا»، لفت إلى أن «الإرهابيين التكفيريين يخططون لإطلاق الشر ولتعميم النيران والحرب الأهلية والاقتتال الداخلي في لبنان، فهم لا يريدون في لبنان أن يبقى حجر على حجر».
وفي الإطار ذاته، رأى النائب في «حزب الله» علي فياض، أن «العمل الإرهابي الذي استهدف حاجزا لقوى الأمن الداخلي على ضهر البيدر، إنما يقع ضمن تأثير وارتدادات الهجمة الإرهابية التي تصيب المنطقة»، لافتا إلى أن «ما قامت به الأجهزة الأمنية إنما يستدعي التنويه، وثمة تحسن وتطور وتقدم في عمل الأجهزة الأمنية، وما نرجوه أن هذا التحسن الأمني أن يردف بتحسن سياسي على المستوى الوطني العام». وأضاف: «أقصد بالتحسن السياسي أن يمضي الجميع بمعزل عن انتماءاتهم السياسية باتجاه التعاطي مع الأمن على قاعدة أن هذا الأمن أولوية ويجب أن نتضامن جميعا، ويجب أن نرسم بإرادتنا الوطنية وبتضامننا الخط الأحمر أمام التعرض للأمن الداخلي وأمن الوطن وأمن المواطنين».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.