الجيش الإسرائيلي يفتح تحقيقاً في عملياته القاتلة في غزة لتفادي «تحقيق دولي»

متظاهرون فلسطينيون على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون فلسطينيون على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يفتح تحقيقاً في عملياته القاتلة في غزة لتفادي «تحقيق دولي»

متظاهرون فلسطينيون على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون فلسطينيون على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (أ.ف.ب)

بعد ساعات على إعلان المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، احتمال التحقيق في عمليات القتل الجماعي الإسرائيلية في قطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الاثنين، عن تشكيل طاقم تحقيق في قيادة الأركان العامة، لفحص أداء قواته في الأحداث الأخيرة التي قُتل فيها المتظاهرون الفلسطينيون بنيران القناصة على حدود قطاع غزة. وسيرأس الطاقم العميد موطي باروخ، رئيس قسم التدريب والتعليم في هيئة الأركان العامة. ولم يتم في هذه المرحلة تحديد عدد الوفيات التي سيتم التحقيق فيها، ولكن يبدو أن التحقيق سيركز على الحوادث التي كان فيها الضحايا من المدنيين، بمن فيهم المصور الفلسطيني ياسر مرتجى، الذي قُتل يوم الجمعة الماضي بنيران الجيش وهو يؤدي عمله المهني.
وادعى الجيش الإسرائيلي، بعد أحداث القتل الأولى، أن «القسم الأكبر من القتلى الفلسطينيين كانوا نشطاء في الأذرع العسكرية لـ(حماس) وتنظيمات الإرهاب الأخرى». وقرر رئيس الأركان غادي أيزنكوت تفعيل آلية الفحص هذه بالاتفاق مع النائب العسكري الرئيسي العميد شارون أفيك. ولا يعتبر هذا التحقيق جنائياً، وفي نهايته سيتم تحول النتائج إلى النائب العسكري الذي سيقرر هل يجب فتح تحقيق جنائي أم لا.
وكانت المدعية العامة في المحكمة الجنائية، بنسودا، قد أصدرت بياناً، الأحد، حول الوضع في غزة، حذّرت فيه من أن المحكمة تراقب ما يحدث، معتبرة أن أوامر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين قد تعتبر جريمة بموجب القانون الدولي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى استخدام المدنيين «لحماية نشاط عسكري».
ومعروف أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تأخذ بعين الاعتبار قيام الدولة المعنية بالتحقيق في أخطائها. فإذا ضمنت وجود مثل هذا التحقيق، فإنها تمتنع عن إجراء تحقيق دولي. وقد سلكت إسرائيل السلوك نفسه عام 2014، عندما قدمت طلبات للمحكمة الدولية بالتحقيق في الهجوم الحربي على قطاع غزة الذي حمل اسم «الجرف الصامد»، فأوقفت المحكمة تحقيقها، مع أن نتائج التحقيق الإسرائيلي لم تفض إلى محاسبة أو محاكمة أي جندي أو ضابط على ممارساته.
وقد خرج الخبير القانوني مردخاي كرمنتسر، نائب رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، بانتقادات واسعة للجيش والحكومة، وشكك في جدوى هذا التحقيق. وقال: «عندما تتم الإشارة إلى التحقيقات بسبب القلق من انتهاكات حقوق الإنسان (على سبيل المثال، إطلاق النار على الرجال العزل الذين لا يشكلون أي تهديد، مهما كانت آراؤهم فاحشة ومثيرة للفزع)، فإن مصطلح (التحقيقات) يخدم غرضين متعارضين: البعض يسعى إلى التحقيق بشكل تهدف نتائجه إلى التغطية، والبعض يريد التحقيق من أجل الفحص الحقيقي. في حالتنا، الحديث عن مظاهرات واضطرابات وقعت قرب الحدود مع قطاع غزة. الضالعون هم، أولاً، القيادة العليا في الجيش والقيادة السياسية، التي يخضع الجيش لسلطتها، وهي المسؤولة عن أوامر فتح النار. وفقاً لتصريحات وزير الأمن، كانت القيادة السياسية هي التي وجهت السياسة التي تحدد أن محاولة تخريب السياج، وعبور السياج، وربما حتى الاقتراب منه، تبرر استخدام الأسلحة النارية. لذلك فإن ما يجب فحصه هو ليس سلوك القنّاص أو قائد آخر (وهو ما يمكن أن يفحصه طاقم من القيادة العامة)، وإنما سلوك القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل؛ وأوامر فتح النار والمفهوم القانوني الذي اعتمدت عليه».
وتابع: «إذا كان المطلوب إجراء تحقيق حقيقي، فيمكن أن تقوم به لجنة مستقلة، مثل لجنة كاهان للتحقيق في أحداث صبرا وشاتيلا، ولجنة شتراسبرغ - كوهين للتحقيق في عملية اغتيال صلاح شحادة (التي قتل خلالها غير ضالعين في الإرهاب)، ولجنة تركيل للتحقيق في أحداث (مافي مرمرة)، الأسطول الذي كان متوجها إلى غزة. فالفحص الحقيقي ضروري؛ لأن إسرائيل دولة قانون»، بحسب رأيه. وقال كرمنتسر: «الافتراض بأن العالم (سيشتري) العلاج العسكري الداخلي في السياق الحالي هو ازدراء لحكمة العالم. إذا أردنا منع تدخل العالم، فيجب أن نظهر الجدية في مسألة التحقيق؛ أي العمل من أجل تحقيق مستقل».
الجدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي خرج بموقف يكذّب فيه وزير الأمن المسؤول عنه. فقد أعلن أنه لا يعرف عن حالة تم خلالها استخدام مروحية للتصوير، خلال مظاهرات غزة يوم الجمعة، وذلك خلافاً لتصريح وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، الذي زعم أن الصحافي ياسر مرتجى، الذي قتله الجيش، قام بتفعيل مروحية فوق رؤوس الجنود. وكان ليبرمان قد سئل، السبت، عن مقتل الصحافي مرتجى بنيران الجيش، فقال: «لا أعرف من هو. سواء كان مصوراً أم لا: من يقوم بتشغيل مروحية فوق جنود الجيش يجب أن يعرف بأنه يخاطر بحياته»! لكن الفحص الذي أجراه الجيش لم يُبين أن مرتجى قام بتفعيل مروحية، وبيّن الفحص أنه لم يتم يوم الجمعة التبليغ من قبل أي نقطة احتكاك، عن استخدام مروحية تشكل خطراً على الجنود. كما أن الصور والأفلام التي التقطها فلسطينيون ساعة إصابة مرتجى، لم تظهر أي أثر لمروحية. وظهر مرتجى في الصور التي التقطت له بعد إصابته، وهو يرتدي سترة واقية كتب عليها كلمة (Press) وقالت رابطة الصحافيين الفلسطينيين، إنه كان يقف على مسافة 350 متراً من السياج عند إطلاق النار عليه.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.