قادة الأحزاب المغربية يدعون من العيون إلى «إجراءات رادعة» ضد «بوليساريو»

العثماني يتحدث في مؤتمر للأحزاب المغربية في مدينة العيون أمس (أ.ف.ب)
العثماني يتحدث في مؤتمر للأحزاب المغربية في مدينة العيون أمس (أ.ف.ب)
TT

قادة الأحزاب المغربية يدعون من العيون إلى «إجراءات رادعة» ضد «بوليساريو»

العثماني يتحدث في مؤتمر للأحزاب المغربية في مدينة العيون أمس (أ.ف.ب)
العثماني يتحدث في مؤتمر للأحزاب المغربية في مدينة العيون أمس (أ.ف.ب)

دعا قادة الأحزاب السياسية المغربية وبرلمانيون ومنتخبون وشيوخ قبائل صحراوية، أمس، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حازمة ورادعة ضد جبهة «بوليساريو» لإجبارها على الانسحاب من المناطق العازلة في الصحراء، وإزالة كل مظاهر محاولاتها «إحداث واقع جديد» في المنطقة.
كما دعوا الأمم المتحدة إلى عدم التساهل مع ما وصفوها بـ«التصرفات الاستفزازية» للجبهة، والتعامل معها بما تفرضه مسؤولية صيانة أمن المنطقة واستقرارها.
وأعلن زعماء الأحزاب السياسية المغربية والمنتخبون في بيان أصدروه أمس من العيون، كبرى مدن المحافظات الصحراوية، عن رفضهم ما وصفوه بـ«الأعمال العدائية» التي قامت بها «بوليساريو»، وذلك بشروعها في محاولة نقل عناصر مدنية وعسكرية من لحمادة في الجزائر إلى المناطق العازلة في الصحراء، وهو أمر اعتبره موقعو البيان «خرقاً سافراً لاتفاق وقف النار، وتجاهلاً لإرادة المنتظم الأممي وقرارات مجلس الأمن».
وجدد المسؤولون المغاربة تشبثهم بـ«الحل السلمي السياسي المستدام والمتوافق عليه، تحت إشراف الأمم المتحدة، باعتبارها الجهة الوحيدة ذات الصلاحية للبحث عن حل يضمن صيانة حقوق بلادنا ويصون السلم في منطقتنا»، معتبرين أن «الخيار الوحيد لإنهاء هذا الصراع المفتعل يكمن في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الذي اقترحه المغرب كإطار للتفاوض، والذي وصفه المنتظم الدولي بأنه جدي ويتمتع بالصدقية». وناشدوا، في المقابل، المجتمع الدولي، وضع حد لمعاناة «المحتجزين بمخيمات لحمادة بعيداً عن أرضهم وأهلهم في ظروف مأساوية وحرمان تام من أبسط حقوق الإنسان»، كما دعوا المنتظم الدولي للضغط على الجزائر و«بوليساريو» من أجل تمكين منظمة غوث اللاجئين من إحصائهم وفق المعايير الدولية.
وأشاد السياسيون المغاربة وممثلو المجتمع المدني في البيان ذاته بـ«الخطوات الرائدة والسياسات الحكيمة التي يقودها الملك محمد السادس للدفاع عن حقوقنا الثابتة على مختلف الأصعدة»، كما نوهوا بمضامين الرسالة التي وجهها للأمين العام للأمم المتحدة بشأن التطورات الأخيرة بالمنطقة. وأعربوا عن استنكارهم ما وصفوه بـ«تمادي النظام الجزائري» في «تجنيد كل طاقاته لمعاكسة بلادنا إقليمياً وقارياً ودولياً»، في إشارة إلى دعم الجزائر لـ«بوليساريو».
من جهة أخرى، دعا قادة الأحزاب السياسية المغربية الممثلة للغالبية والمعارضة، في البيان الذي أطلق عليه «إعلان العيون»، إلى «مزيد من تقوية الجبهة الداخلية - ديمقراطياً وتنموياً واجتماعياً - وتكريس تضافر جهود كل فعاليات وشرائح مجتمعنا، لمواصلة التعبئة واليقظة لإحباط كل أشكال المناورات الممنهجة والمتصاعدة التي يدبرها خصوم البلاد».
والتزموا بتشكيل «جبهة سياسية» للدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد، مؤكدين ضرورة تضافر جهود الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشعبية ممثلة بالأحزاب السياسية والبرلمان والنقابات وفعاليات المجتمع المدني ورجال الأعمال، للرفع من وتيرة التنسيق وتنويع آليات التواصل مع المؤسسات المماثلة والجهات المؤثرة في اتخاذ القرار، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا وأفريقيا.
ونوهوا بإسهام سكان الأقاليم الصحراوية وشيوخها وقبائلها «الإيجابي والفاعل في المسار السياسي الديمقراطي والتنموي للبلاد»، مشددين على أنهم يشكلون غالبية سكان أقاليم الساقية الحمراء ووادي الذهب (الصحراء). ودعوا إلى إعطاء الصدارة لـ«الأقاليم الجنوبية» (الصحراوية) في تطبيق الجهوية المتقدمة (الحكم اللامركزي) والتسريع بذلك في أفق تحقيق الحكم الذاتي بهذه الأقاليم.
من جهته، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن الهدف من زيارته مدينة العيون هو التواصل مع الأحزاب في الأقاليم الصحراوية، لتوجيه رسالة بأن الشعب المغربي بمختلف مكوناته متضامن عندما يتعلق بسيادته الوطنية ووحدته الترابية.
وأضاف في تصريح لوسائل الإعلام، أن المنتخبين في هذه الأقاليم لهم دور كبير في مواجهة «مناورات الانفصاليين واستفزازاتهم»، موضحاً أن «ما وقع أخيراً أمر خطير جداً، ومحاولة لخرق قرار وقف إطلاق النار، ما تطلب من المغرب مواجهته بكل صرامة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.