الصدريون يدافعون عن استعراضهم العسكري وسط مخاوف من تكرار سيناريو 2006

قيادي في التيار: الأسلحة المعروضة بعضها مغانم من الأميركيين وأخرى صنعناها في بغداد

مظاهرة نسوية تضامنا مع القوات العراقية في كربلاء أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة نسوية تضامنا مع القوات العراقية في كربلاء أمس (إ.ب.أ)
TT

الصدريون يدافعون عن استعراضهم العسكري وسط مخاوف من تكرار سيناريو 2006

مظاهرة نسوية تضامنا مع القوات العراقية في كربلاء أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة نسوية تضامنا مع القوات العراقية في كربلاء أمس (إ.ب.أ)

في وقت جدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التأكيد على أنه لا تسمية للتشكيل الجديد الذي أعلن عنه وهو «سرايا السلام»، دافع التيار الصدري عن الاستعراض العسكري الذي نظمه أول من أمس في بغداد وعرض خلاله أسلحة ثقيلة بما فيها صواريخ حملت اسم زعيم التيار «مقتدى واحد».
وشكر الصدر في بيان أمس «المشاركين في الاستعراض» وهاجم «القنوات الفضائية لا سيما الشيعية منها التي تجاهلت الاستعراض»، داعيا في الوقت نفسه إلى «الابتعاد عن أي تسمية طائفية» في إشارة إلى عودة الحديث عن «جيش المهدي» الذي جمده الصدر عام 2012 ويعد من وجهة نظر السنة أحد رموز الحرب الطائفية خلال أعوام 2006 - 2008 بعد تفجير مرقدي سامراء.
وبينما التزمت الجهات الرسمية العراقية الصمت حيال الأسلحة حديثة الصنع، ومن بينها أسلحة ثقيلة (صواريخ ومدفعية)، التي لا تملكها سوى الجيوش الرسمية خصوصا مع تكرار الدعوات التي ظهرت مؤخرا من قبل المرجعيات الشيعية بعدم حمل السلاح خارج إطار الدولة وأجهزتها الأمنية، فقد دافع الصدريون عن الأسلحة التي تم الكشف عنها لأول مرة في الاستعراض. وقال القيادي في التيار الصدري محمد الخفاجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم الأسلحة التي تم عرضها خلال استعراض سرايا السلام تعود للواء اليوم الموعود الذي استثناه السيد الصدر من التجميد خلال قراره القاضي بتجميد جيش المهدي عام 2012»، مشيرا إلى أن «لواء اليوم الموعود كان أحد أبرز أذرع المقاومة ضد الاحتلال الأميركي للعراق وقد تمكن من جمع الكثير من الأسلحة التي تركها الأميركيون وأصبحت غنائم حرب ومن حقه استخدامها». وأضاف أن «بعض الأسلحة صنعت في بغداد، إذ أن لـ(لواء اليوم) الموعود بنيته التحتية التي كونها أثناء مقاومته للاحتلال واليوم نجد أن المخاطر بدأت تتجدد على العراق وهو ما يلزمنا بالدفاع مجددا عن الأرض والعرض والدين والمذهب»، موضحا أن «التهديدات بتدمير الأضرحة والمراقد المقدسة باتت معلنة من قبل تنظيم (داعش) وبالتالي فإن التصدي لهذه المهمة إنما هي أحد عوامل منع اندلاع حرب أهلية وهذا مسؤولية السنة مثلما هو مسؤولية الشيعة».
وردا على سؤال بشأن المخاوف من إمكانية استخدام هذه الأسلحة في أي نزاع محلي، قال الخفاجي «أولا إننا الآن جميعا كعراقيين سنة وشيعة نواجه عدوا مشتركا وهو (داعش) والتنظيمات الإرهابية التي لا تحسب على دين أو طائفة ومثلما يقاتل إخوتنا السنة في مناطقهم هذه العصابات ويحيطون بسامراء لحمايتها فإن هذه الأسلحة موجهة ضد الإرهابيين»، مشددا على أن «تعليمات السيد الصدر تنص على التنسيق مع الأجهزة الأمنية وطبقا للتوجيهات الصادرة من قبل المرجعية بهذا الصدد».
في سياق ذلك، تداولت مواقع إخبارية صورا لـ«أبي درع» المعروف بـ«زرقاوي الشيعة» الذي جرى تداول اسمه كأحد أبرز الذباحين في الوسط الشيعي خلال أعوام 2006 و2007 و2008 كنظير لأبي مصعب الزرقاوي (قتل بغارة أميركية عام 2006). لكن مصدرا أمنيا عراقيا أبلغ «الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، بأن «ظاهرة أبي درع مبالغ فيها إلى حد كبير وقد جرى استخدامها خلال تلك السنوات كجزء من عملية التحدي المقابل بين (القاعدة) في الجبهة السنية وجيش المهدي آنذاك في الجبهة الشيعية»، مشيرا إلى أن «وضع أبي درع ضعف تماما بعد إقصائه من جيش المهدي والتبرؤ منه قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر». وأضاف أن «هناك تأكيدات صارمة الآن لا سيما من قبل المرجعيات الشيعية على عدم الانجرار خلف أي حديث من هذا النوع لأن الأوضاع في البلاد لم تعد تسمح بذلك وأي تصعيد طائفي في ظل ما يجري، لا سيما على صعيد تراجع أداء المؤسسة العسكرية، ستكون عواقبه الخطيرة لمن يتبنى مثل هذه الطروحات أو يروج لها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم