تمام سلام في الكويت: على الخليجيين مداواة جروح لبنان

الإمارات تنصح رعاياها بتجنب السفر إلى بيروت

أمير الكويت خلال لقائه رئيس وزراء لبنان أمس (كونا)
أمير الكويت خلال لقائه رئيس وزراء لبنان أمس (كونا)
TT

تمام سلام في الكويت: على الخليجيين مداواة جروح لبنان

أمير الكويت خلال لقائه رئيس وزراء لبنان أمس (كونا)
أمير الكويت خلال لقائه رئيس وزراء لبنان أمس (كونا)

أكد رئيس الوزراء اللبناني تمام صائب سلام أن الوضع الأمني في بلاده مستقر حاليا، وتمنى خلال زيارته أمس لدولة الكويت، من دول الخليج المساهمة في مداواة جروح لبنان، ليعود لاستقبال ضيوفه الخليجيين الذين عدهم جزءا من بلدهم لبنان.
وأجرى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بقصر السيف أمس مباحثات مع سلام والوفد المرافق له بمناسبة زيارته الرسمية للكويت.
وبحسب بيان رسمي صادر من الديوان الأميري فإن اللقاء تخلله «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».
وكان رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام وصل صباح أمس إلى الكويت في زيارة تستمر يوما واحدا بدعوة من رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح. وشكر رئيس الوزراء اللبناني الكويت لما يحظى فيه لبنان من رعاية واحتضان واهتمام، أميرا وحكومة وشعبا.
وقال سلام في مؤتمر صحافي عقده في قصر بيان «جئنا لنقول كلمة واضحة صريحة قوية، شكرا للكويت على كل الدعم والمؤازرة ولم نأت إلى هنا اليوم لنطلب شيئا بل جئنا لنطالب بالمزيد من المحبة والتعاون الأخوي ونعبر عن هذا الشكر بمختلف الطرق والوسائل».
وأضاف أن «اللقاءات التي أجريناها تناولت علاقات أخوية عريقة وقديمة بيننا كبلدين شقيقين مرا بمعاناة وواجهها أمورا مصيرية كان لشعبينا فيها مواقف تاريخية عززت ووطدت العلاقة بين لبنان والكويت».
وردا على سؤال بشأن طلب دولة الإمارات لمواطنيها تجنب السفر إلى لبنان وتأثير ذلك على الموسم الصيفي في لبنان، أكد سلام أن «الوضع الأمني اليوم مستقر في كل نواحي لبنان ولم يكن مستقرا كما اليوم منذ زمن بعيد، ونتمنى من إخواننا في دول مجلس التعاون أن يعودوا عن هذا القرار وأن يساهموا في بلسمة لبنان ومداواة جراحه خاصة أن الوضع مستقر وبشكل يعيد إلى اللبنانيين كل ضيوفهم وكل ضيوفنا في الخليج الذين يعدون لبنان جزءا من بلدهم ويجب ألا ننسى هنا أن نشكر الجيش وقوى الأمن على بسط سيطرتها واستعادة الأمن في كل نواحي لبنان».
وعن تأثر لبنان بالأحداث في سوريا والعراق، أشار رئيس الوزراء اللبناني إلى أن لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي يشكل اللاجئين والنازحين أكثر من ربع عدد سكانه، موضحا أن هذا الأمر جرى بحثه مع المسؤولين الكويتيين الذين يوجهون دائما بمساعدة اللاجئين وتوفير احتياجاتهم الإنسانية. وكشف سلام عن تمكن جهاز المخابرات في الجيش اللبناني من تفكيك خلية إرهابية جديدة يوم أمس كانت تحضر لعمل تخريبي مبينا أن لبنان لا يعاني من وجود جماعات إرهابية مسلحة بقدر ما يواجه خلايا إرهابية يتم تفكيكها وضبطها بين الحين والآخر.
وحول الأزمة السياسية في لبنان في غياب رئيس للدولة، عد سلام أن النظام الديمقراطي أوكل لمجلس الوزراء القيام بأعمال رئاسة الدولة في حال فراغها: «إلا أن عدم وجود رئيس لأي دولة يعني أن هذه الدولة فاقدة أحد المكونات الرئيسية لاعتبارها دولة كاملة الأركان»، متمنيا من الفرقاء السياسيين ترك الصراع الذي بلغ مداه والعمل وفقا لرؤية وطنية وبعيدا عن المحاصصة أو الرغبة بالاستفادة من غلبة فريق على آخر، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مجلس الوزراء اللبناني سيلتئم هذا الأسبوع للنظر في تصورات من شأنها حلحلة أزمة الرئاسة.
يذكر أن رئيسي الوزراء الكويتي واللبناني عقدا جلسة مباحثات رسمية في قصر السيف أمس وذكر البيان الرسمي أنها «تناولت عمق العلاقات الأخوية التاريخية العميقة بين البلدين الشقيقين تعزيز آفاق التعاون في مختلف المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين إضافة إلى مواقف البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». وحضر المباحثات عن الجانب الكويتي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبد الله المبارك ووزير المالية أنس الصالح ووزير المواصلات عيسى الكندري ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح والمستشار بديوان رئيس مجلس الوزراء ورئيس بعثة الشرف المرافقة الشيخ الدكتور سالم جابر الأحمد الصباح ووكيل ديوان رئيس مجلس الوزراء الشيخة اعتماد خالد الأحمد الجابر الصباح وعدد من كبار المسؤولين في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ووزارة الخارجية وسفير دولة الكويت لدى الجمهورية اللبنانية عبد العال القناعي، فيما حضرها عن الجانب اللبناني الوفد المرافق لرئيس الوزراء اللبناني.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.