ما بين قهقهتي ودموعي... ووالدتي

ما بين قهقهتي ودموعي... ووالدتي
TT

ما بين قهقهتي ودموعي... ووالدتي

ما بين قهقهتي ودموعي... ووالدتي

مسيرتي الإعلامية بدأت معها، وما زالت تتغنى بها، لولاها لما كنت قد وصلت إلى ما أنا عليه الآن. دعمتني والدتي في حقي في تقرير مصيري المهني، وشجعتني أن التحق بالإعلام كما أردتُ رغم إصرار والدي (رحمه الله) أن أتخصص في إدارة الأعمال بسبب تجربته المريرة التي مر بها كمحامٍ، حيث حالت قوانين لبنان بينه وبين تخصصه، فلم يتمكن كلاجئ من ممارسة المهنة. كنت أتفهم إصراره خصوصاً أن هدفه كان في محاولته إيجاد مجال أستطيع العمل به بسهولة.
تفهمتُ لكني لم أقتنع، وشجعتني والدتي بدءاً بالتخصص ومروراً بكسر قيود اللجوء لأبحث عن إنسانيتي خارج حدود لبنان وسياساته التي حرمتنا من أبسط حقوقنا المدنية، كالتعليم والطبابة والعمل. دفعتي إلى التحرر من بلد أصر على أن يكون نقطة عبور في تغريبتي، لأحصل في نهاية المطاف على إنسانيتي ممثلة بجواز سفر بريطاني بعد أن كنت مجرد لاجئة فلسطينية مسلوبة الحقوق والإنسانية.
استمر الدعم اللامحدود إلى أن وصلت إلى ما أنا عليه، وإلى أن وجدتُ كلماتي تقف عاجزة أمامها عندما فاجأتني «العربية» بها على الهواء في عيد الأم. «مهما كبرنا نبقى صغاراً... كأن والدتي تحتفظ بطفولتي قلادة أزين بها يومي في حضرتها» هكذا غردتُ، وغرد غيري من المتابعين متأثرين بلحظة اللقاء، وخلال دقائق معدودة، كان اللقاء قد انتشر وبسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي كافة.
اختلفت الردود والتعليقات، إلا أن الجميع اتفق على صدق المشاعر، بكيتُ عندما سمعت صوت والدتي على الهواء وقبل 10 سنوات ضحكتُ أو «قهقهتُ» كما وصفها البعض، على الهواء أيضاً بعد أن حدث موقف محرج لزميلة لي وراء الكواليس، وحينها استُنفرت الشبكة العنكبوتية لتنقل الواقعة، وفوجئت في حينها بانتشار المقطع السريع والدعم الكبير من قبل المتابعين الذين اعترفوا بي كإنسانة يمكن لها أن تتفاعل مع محيطها وتتأثر.
وبمقارنة سريعة بما مر من ردود مختلفة لمشاهدينا ومتابعينا ما بين قهقهتي ودموعي ووالدتي، أجد أن العامل المشترك الذي يمكن له أن يحرك الجميع هو المشاعر الصادقة لا المتصنَّعة. ربما أكون قد وصلت إلى هذه القناعة منذ فترة وقد انعكس ذلك، من خلال نشرة الخامسة، والتي ارتأينا من خلالها أن «نؤنسن» القصة لتلامس الواقع، فحوّلنا الأرقام التي تمر في نشرات الأخبار إلى أسماء فيها، وركزنا على الصور لتجسد المعاناة التي نعيشها اليوم، وإن اختلفت الأوجاع والآلام.
تفاعُل المتابعون مع قهقهتي ودموعي ووالدتي أكد لي أنهم كالخامسة، لم ولن يكونوا حياديين لأنهم منحازون للإنسانية وللمشاعر الصادقة. نحن في هذه الأيام أحوج ما نكون إلى إعلام ينقل هموم الإنسان العربي وآراءه وهواجسه، يعزز مفهوم الإنسانية والأخلاق التي للأسف سقطت من عقول بعض أبنائنا فانقلبوا عليها.
نحن اليوم في أشد الحاجة إلى إعلام يطلق ثورة إنسانية ثقافية تقضي على فلول التطرف والحقد وتتغنى بروح المشاعر الصادقة بغض النظر إن ضحكنا أو بكينا.

- إعلامية فلسطينية
مذيعة ومقدمة برامج في قناة «العربية»


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».