مقتل صحافي كردي في أطراف السليمانية أمام والدته

تعرض لكثير من التهديدات لنشره ملفات فساد مسؤولين

الصحافي الضحية كاوه كرمياني
الصحافي الضحية كاوه كرمياني
TT

مقتل صحافي كردي في أطراف السليمانية أمام والدته

الصحافي الضحية كاوه كرمياني
الصحافي الضحية كاوه كرمياني

قتل مساء أول من أمس الصحافي الكردي كاوه كرمياني، أمام بيته في قضاء كلا من قبل مسلحين مجهولين.
وكرمياني (مواليد عام 1981)، كان يشغل منصب رئيس تحرير مجلة «رايل» الكردية وعمل أيضا مراسلا لمجلة «ئاوينة» الكردية، وكان أيضا «عضوا في الحزب الشيوعي الكردستاني وناشطا في عدد من منظمات المجتمع المدني في قضاء كلار، وعرف عنه كتاباته التي تكشف قضايا الفساد في المؤسسات الحكومية والحزبية في الإقليم».
وحسب التحقيقات الأولية لشرطة المنطقة، فإن الحادثة حصلت في المحلة التي يقيم فيها كرمياني، سه ركه وتن (الانتصار)، في قضاء كلار، التابع لمحافظة السليمانية والقريب من الحدود العراقية الإيرانية، ولم يعرف لحد الآن السبب وراء قتل هذا الصحافي».
وحسب تقرير الشرطة فإنه جرى إيصال كرمياني لمستشفى الطوارئ في كلار بعد تعرضه لـ«ثلاث طلقات إحداها في رأسه والأخرى في مناطق متفرقة من جسمه، حيث توفي فيها متأثرا بجراحه»
المقدم محمد حسن، المتحدث باسم مديرية الشرطة في القضاء قال لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين طرقوا باب المجني عليه لتفتح لهم أم الصحافي وطلبوا منها مناداته، وما إن حضر حتى فتحوا عليه النار وأردوه قتيلا أمام باب بيته»، نافيا ما أشيع عن أن المسلحين استخدموا سيارة (بي إم دبليو) سوداء لتنفيذ عملية القتل وهذا ما أشيع في بعض الأوساط الصحافية، إذ إن مثل هذه السيارات استخدمت في سنوات سابقة لتنفيذ عمليات خطف وقتل في المنطقة الممتدة ما بين حدود محافظتي كركوك وصلاح الدين، ولإعطاء انطباع أن العمل من تنفيذ جهة إرهابية.
ورفض المتحدث باسم المديرية في قضاء كالار توجيه أي اتهام لآي طرف «حتى انتهاء التحقيقات التي بدأت فور حدوث الجريمة».
وقوبلت حادثة مقتل الصحافي كاوه كرمياني بإدانة شديدة من قبل الأوساط السياسية والصحافية في الإقليم، وقال رحمن غريب، أحد المسؤولين في مركز «مترو» للدفاع عن حقوق الصحافيين في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مسلحين مجهولين اغتالوا مساء أول أمس الصحافي كاوه أحمد كرمياني (32 عاما) داخل منزله في ناحية كلار» الواقعة إلى الجنوب من مدينة السليمانية (270 كلم شمال بغداد).
وذكر غريب أن الصحافي «قتل بالرصاص في الرأس والصدر وأمام والدته»، مشيرا إلى أنه «تعرض لكثير من التهديدات ووجهت له كثيرا من الاتهامات القضائية من قبل مسؤولين سياسيين وآخرين في حكومة الإقليم، لنشره مواضيع تتعلق بالفساد».
بدوره، قال سردار محمد، رئيس تحرير صحيفة «أوينا» المحلية التي تنشر كذلك مقالات للصحافي الضحية، إن «كرمياني كان صحافيا نشيطا، خصوصا في البحث في ملفات الفساد وقد رفعت ضده كثير من الدعاوى القضائية من قبل مسؤولين».
ويتعرض الصحافيون في السليمانية إلى تهديدات متواصلة، فيما يتعرض الصحافيون في عموم العراق إلى أعمال عنف.
ويعود مقتل آخر صحافي إلى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حيث قتل الصحافي علاء أدور (38 عاما) في هجوم مسلح قرب منزله في مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد).
وأعلن بيان لمنظمة «مراسلون بلاد حدود» عن مقتل كاوه كرمياني وطالب حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية بإجراء تحقيق في الهجمات التي تستهدف الصحافيين». وتقول المنظمة ذاتها إن «كثيرا من الصحافيين العراقيين يتعرضون يوميا للتهديدات، ومحاولات القتل، والاعتداءات، والمعاناة من أجل الحصول على تراخيص، والمنع من الدخول، ومصادرة أدوات عملهم».
من جهتها، أدانت رئاسة إقليم كردستان العراق هذه الحادثة واصفة إياها بـ«الجريمة النكراء ضد الإنسانية وحرية الصحافة والتي لن يساوم عليها الإقليم ولن يقبل تكرارها».كما أكد البيان على «سيادة القانون في الإقليم والتحقيق سريعا في ملابسات الحادث». من جانبها أدانت حكومة الإقليم، وعلى لسان متحدثها سفين دزيي هذه الحادثة بشدة، مؤكدة على أن «حكومة إقليم كردستان تستنكر جميع أشكال التطاول على أي مواطن».
كما دعت من الجهات ذات العلاقة إلى «المتابعة والتحقيق المكثف لكشف منفذي عملية الاغتيال وتقديمهم للعدالة».
كما أدان فرع السليمانية لنقابة صحافيي كردستان في بيان له، هذه الحادثة محملا «السلطات الأمنية في القضاء مسوؤلية هذه الحادثة والتي عدها محاولة لقمع حرية الصحافة»، مطالبا الجهات الأمنية بالإسراع في التحقيق في هذه الحادثة وتقديم الجناة للعدالة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.