مشاريع رائدة لإنتاج الطاقة الكهروشمسية في السعودية

«النفط الجديد» الذي لا ينضب

منشأة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية في العينية شمال العاصمة الرياض (أ.ف.ب)
منشأة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية في العينية شمال العاصمة الرياض (أ.ف.ب)
TT

مشاريع رائدة لإنتاج الطاقة الكهروشمسية في السعودية

منشأة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية في العينية شمال العاصمة الرياض (أ.ف.ب)
منشأة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية في العينية شمال العاصمة الرياض (أ.ف.ب)

تتأهب السعودية لانطلاقة عالمية رائدة في مشاريع الطاقات البديلة بعد الإعلان عن توقيع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، مع «سوفت بنك» الياباني على مذكرة تفاهم للبدء بمشروع لإنتاج 200 غيغاواط من الطاقة الكهربائية المستمدة من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030، بقيمة إجمالية تقدر بـ200 مليار دولار أميركي.
- مشروع ضخم
يعد هذا المشروع الأضخم في التاريخ لإنتاج الطاقة من الشمس وهو أكبر بمئات المرات من أي من المشاريع، وأكبر مشروع موجود حالياً يقدر بنحو 1.5 غيغاواط، أما أكبر الخطط التي بدأ تنفيذها حالياً فهي في اليونان وأستراليا بقدرة 2 غيغاواط لكل منهما.
وستكون أولى محطتين في هذا المشروع بقدرة 7.2 غيغاواط، وسيبدأ الإنتاج منهما في عام 2019 وفقا للخطط. وأشار الخبراء إلى المساحة الهائلة المطلوبة لإنتاج هذا المقدار من الطاقة باستخدام التكنولوجيا المتوفرة حالياً في حال تم البناء في موقع واحد، حيث ذكر موقع «كوارتز» أن المشروع في حال مقارنته مع واحدة من أكبر محطات توليد الطاقة من أشعة الشمس مثل المحطة الموجودة في الهند من ناحية «نسبة الإنتاج لمساحة المحطة» فسيكون بحاجة لنحو 5000 كلم مربع، مما يعني أنه سيكون أكبر من بعض كبرى مدن العالم مثل لندن ومدينة نيويورك؛ بينما بينت إحصاءات أخرى أن المساحة المطلوبة تقدَر بـ2023 كلم مربع، حتى مع هذا التقدير ما زال أكبر من كبرى المدن.
وتتميز السعودية بوجودها داخل نطاق ما يسمى الحزام الشمسي العالمي والمحصور بين 35 درجة شمالا و35 درجة جنوبا، وأغلب أيام السنة هي أيام مشمسة بمعدل 3000 ساعة سنويا.
- حزام شمسي
وتتميز أيضا بالمساحات الشاسعة ونسبة عالية من الإشعاع الشمسي تقدر بنحو 2450 «كيلوواط. ساعة» لكل متر مربع وهذا يجعلها قادرة على إنتاج كميات ضخمة من الطاقة قابلة للبيع، وثروات معدنية من الأرض مهمة في تصنيع الألواح الشمسية والمعدات مثل السيليكا والنحاس وغيرها، مما يجعلها في صدارة الدول للاستثمار في صناعة واستغلال الطاقة الشمسية. هذا غير الحاجة المتزايدة للاعتماد على مصدر آخر للطاقة غير النفط لتوليد الكهرباء مثلا، وخصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار الارتفاع المتزايد للطلب على الطاقة الكهربائية والذي وصل لمعدل عال.
هذا وسيوفر المشروع كما هو متوقع نحو 100 ألف وظيفة وزيادة في الناتج المحلي بنحو 12 مليار دولار، إضافة لتوفير نحو 40 مليار دولار سنوياً.
وتعتبر الطاقة الشمسية نوعاً من أنواع الطاقة النظيفة، وعملية تحويلها إلى طاقة كهربائية لا تتخللها أي انبعاثات لأي مركب كيميائي للبيئة المحيطة، الأمر الذي يجعلها طاقة نظيفة تجنب الإنسان التلوث الذي يؤدي إلى الكثير من المشاكل الصحية ومشاكل المناخ مثل الاحترار الجوي بسبب تلك، وأثر أنواع الطاقة غير المتجددة أو غير النظيفة كبير جدا على البيئة.
كما أن الطاقة الشمسية لن تنضب إلا بزوال الشمس وهذا مستبعد، أضف لذلك أن وسائل التقدم العلمي والتكنولوجي رفعت فاعلية تحويل طاقة هذه الأشعة لطاقة كهربائية لتصل لنحو 40 في المائة، كما أن انخفاض تكلفة البنية التحتية في السنوات الأخيرة لبناء هذه المحطات وقلة الصيانة المطلوبة وطول العمر الافتراضي الذي يكون في الغالب 25 سنة لهذه الألواح بدأ بجعل هذه الطاقة منافسا حقيقيا من ناحية التكلفة أيضا لغيرها.
ولكن الأمور تصعب قليلا عند محاولة تخزين الكهرباء المنتجة. وهناك عامل مهم للكثير من الدول وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة أو على الأقل تقليل الاعتمادية والحاجة للغير.



«نظام هجين» لتحلية المياه بالطاقة الشمسية والرياح

الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)
الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)
TT

«نظام هجين» لتحلية المياه بالطاقة الشمسية والرياح

الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)
الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)

يُعد الوصول إلى مياه نظيفة حقاً أساسياً، لكن العديد من المناطق، خاصة الجافة والنائية، تواجه صعوبات الحصول عليها. وفي هذا السياق، ظهرت تقنيات مُبتكرة تعتمد على الطاقة المتجددة لتحلية المياه بشكل مستدام، في مقدمتها الطاقة الشمسية. وكشفت دراسة أجراها باحثون مصريون عن فاعلية نظام هجين لتحلية المياه يعتمد على التقطير الشمسي والتناضح العكسي، ويعمل بواسطة توربينات الرياح والألواح الشمسية، لإنتاج المياه العذبة بشكل مستدام، وخاصة للمناطق القاحلة ذات الموارد المائية المحدودة.

يدمج هذا النظام الجديد بين أجهزة التقطير الشمسية وتكنولوجيا التناضح العكسي، التي تعمل بواسطة الألواح الكهروضوئية وطواحين الهواء، والتي يتم إدارتها بواسطة نظام تحكم آلي متقدم.

نظام تحكم آلي

ومن خلال تسخير طاقة الشمس والرياح، يمكن للنظام أن يعمل بشكل مستقل، ما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ويخفض التلوث البيئي. ونشرت النتائج، في عدد 24 سبتمبر (أيلول) 2024، من دورية (Sustainable Energy Technologies and Assessments).

يستخدم التقطير الشمسي الطاقة الشمسية لتبخير مياه البحر أو المالحة، تاركاً الشوائب خلفه، بينما يتم تكثيف البخار إلى مياه عذبة تُنقى لاحقاً بواسطة التناضح العكسي، الذي يزيل الأملاح والملوثات المتبقية. ويعتمد تحسين أداء التقطير الشمسي على تحسين عمليات التبخير والتكثيف، وقد أظهرت طرق تبريد الغطاء فاعلية في تعزيز عملية التكثيف.

وخلال الدراسة تم تطبيق نظام تحكم ذاتي لإدارة عمليات تحلية المياه في الوقت الفعلي، ما يضمن أداءً قوياً ومستداماً.

وزُودت الألواح الشمسية بنظام تبريد آلي لزيادة كفاءتها؛ حيث يعمل هذا النظام على تقليل درجة حرارة الألواح الكهروضوئية، ما يحسن من توليد الطاقة. علاوة على ذلك، تم دمج تقنية التقطير الشمسي في النظام مع آليات التسخين المسبق وتبريد الغطاء لتعزيز إنتاج المياه العذبة. وتهدف هذه الآليات إلى زيادة إنتاج المياه إلى أقصى حد.

كما تم تحسين عملية التناضح العكسي بتغذية وحدة التناضح العكسي بالمياه المسخنة مسبقاً من أجهزة التقطير الشمسي، ما يقلل استهلاك الطاقة ويزيد من إنتاج المياه. ويستفيد النظام المبتكر من كل من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ حيث توفر توربينات الرياح طاقة مستمرة لضمان عدم انقطاع عملية التحلية.

تحسين الكفاءة

ووفقاً للدكتور سويلم شرشير، الباحث المشارك في الدراسة من قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة كفر الشيخ، أظهرت الدراسة أن النظام الهجين حسّن الكفاءة؛ حيث حقق إنتاجاً يومياً قدره 303.59 لتر لكل متر مربع.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن نظام التبريد الآلي للألواح الكهروضوئية ساهم في خفض درجة حرارتها بمقدار 18.7 درجة مئوية، ما أسفر عن تقليل استهلاك الطاقة النوعية إلى 1.99 كيلوواط ساعة لكل متر مكعب من المياه المعالجة؛ ما يعكس الكفاءة العالية للنظام في استخدام الطاقة، وهو تحسين كبير مقارنة بأساليب تحلية المياه التقليدية. كما أظهرت النتائج أن نظام تبريد الألواح الشمسية أدى إلى تحسين ملحوظ في الكفاءة، بالإضافة إلى أن أجهزة التقطير الشمسية المزودة بالتسخين المسبق وتبريد الغطاء حققت معدلات إنتاج مياه عذبة أعلى، بزيادة نسبتها 21.89 في المائة مقارنة بالأنظمة التقليدية.

من جانبه، قال الدكتور أشرف أمين، الباحث الرئيسي للدراسة من قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة جامعة سيناء، فرع العريش في مصر، إن الدراسة أجريت باستخدام بيانات مناخية حقيقية من مدينة العريش في شمال سيناء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن النتائج كشفت عن أن هذا النهج الهجين لا يعزز إنتاج المياه فحسب؛ بل يقلل أيضاً من التأثير البيئي من خلال تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة.

وأشار إلى أن نتائج الدراسة تبرز فاعلية النظام الهجين في تحسين إنتاج المياه العذبة وتقليل استهلاك الطاقة، ما يجعله خياراً مستداماً وواعداً لتلبية احتياجات المناطق الجافة والنائية والصحراوية من المياه النظيفة، ودعم الجهود العالمية لمكافحة ندرة المياه وتغير المناخ.