ليبيا: «الأعلى للدولة» ينتخب رئيساً جديداً... ومسلحون يخطفون عميد بلدية

البحرية الليبية تنقذ أكثر من مائتي مهاجر غير شرعي

خفر السواحل الليبي خلال عملية إنقاذ مهاجرين غير شرعيين قبالة الشواطئ الليبية (رويترز)
خفر السواحل الليبي خلال عملية إنقاذ مهاجرين غير شرعيين قبالة الشواطئ الليبية (رويترز)
TT

ليبيا: «الأعلى للدولة» ينتخب رئيساً جديداً... ومسلحون يخطفون عميد بلدية

خفر السواحل الليبي خلال عملية إنقاذ مهاجرين غير شرعيين قبالة الشواطئ الليبية (رويترز)
خفر السواحل الليبي خلال عملية إنقاذ مهاجرين غير شرعيين قبالة الشواطئ الليبية (رويترز)

في الوقت الذي يُنتظر فيه أن يختار أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ليبيا رئيسهم الجديد اليوم، ظهرت بوادر انشقاق بين جماعة «الإخوان» والميلشيات المتطرفة، وذلك على خلفية تصريحات أطلقها محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء (الذراع السياسي للجماعة) تبرأ فيها من العلاقات، التي لطالما جمعت بين الطرفين.
وللمرة الثالثة على التوالي سيعقد أعضاء المجلس الأعلى للدولة، غير المعترف به دوليا، اجتماعاً بمقرهم في العاصمة الليبية طرابلس، بهدف اختيار الرئيس الجديد، وسط تكهنات بأن رئيسه الحالي عبد الرحمن السويحلي قد يفقد منصبه.
ورأس السويحلي قبل أكثر من عامين هذا المجلس، عقب اتفاق السلام المبرم برعاية بعثة الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات بالمغرب، وقال إنه مضطر لتسلم السلطة في مشهد سياسي عبثي أثار سخرية وتندر الليبيين آنذاك. لكن السويحلي يواجه على ما يبدو رفضا متصاعدا دخل المجلس.
فبينما يقول أعضاء في المجلس إن اختيار الرئيس الجديد للمجلس سيكون مختلفا عما حدث خلال العامين الماضيين، اعتبر أعضاء آخرون أن الحظوظ متساوية بين السويحلي وثلاثة منافسين له. فيما أشاعت مصادر غير رسمية وناشطون محليون معلومات، مفادها أن أعضاء المجلس عن مدينة مصراتة قرروا عدم التصويت للسويحلي في الانتخابات، التي ستتم بأحد فنادق العاصمة طرابلس. لكن تقارير إعلامية أوردها موقع «بوابة أفريقيا» الإلكتروني تحدثت عن تقديم السويحلي أموالا لبعض أعضاء المجلس كجزء من مرتباتهم بهدف استمالتهم للتصويت لصالحه، مشيرة إلى أن «مقربين من السويحلي هددوا بإفشال جلسة التصويت في حال كانت حظوظه متدنية».
وكان مقررا أن تتم عملية اختيار الرئيس الجديد للمجلس الأسبوع الماضي، لكن تم تأجيلها إلى اليوم بسبب البحث عن مكان لعقد جلسة الاقتراع، وهو ما اعتبره البعض مجرد تلكؤ من السويحلي للبقاء رئيسا للمرة الثالثة.
وانتخب السويحلي، الذي ينتمي لمدينة مصراتة، رئيسا للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا للمرة الأولى في أبريل (نيسان) عام 2016، علما بأن اللائحة الداخلية للمجلس تنص على انتهاء ولايته بعد عام من انتخابه، دون تحديد مدة الرئاسة.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للدولة، المشكل من أعضاء المؤتمر الوطني (البرلمان) السابق، (المنتهية ولايته)، هو مجلس استشاري وقراراته غير ملزمة للبرلمان.
إلى ذلك، وفي مؤشر على تدهور في العلاقات بين جماعة الإخوان وميلشيات متطرفة كانت متحالفة معها، اعتبر علي ساطي، رئيس مجلس حكماء وأعيان بنغازي بالمنطقة الغربية، أن تصريحات محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء، هي «بمثابة استفزاز لعائلات بنغازي المهجرة بالمنطقة الغربية».
وكان صوان قد قال في تصريحات تلفزيونية إن الإخوان نددوا بالتنظيمات المتطرفة التي تورطت في الإرهاب في ليبيا، كما حاول مغازلة المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، الذي قال إن «الإخوان» لن يعارضوا توليه الرئاسة في حال ترشحيه لها، إذا ما جاء عبر صناديق الاقتراع.
من جهة أخرى، أعلنت مصادر أمنية عن قيام مسلحين مجهولين باختطاف جمال الطيف، عميد بلدية العزيزية، من منزله بمنطقة الساعدية، الواقعة على بعد 35 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس.
وقال المجلس التسييري لبلدية العزيزية في بيان له أمس إنه تم اقتياد الطيف إلى جهة غير معلومة، معتبرا أن عملية خطفه تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار بالمدينة، وتعطيل عملية تفعيل مؤسسات الدولة الخدماتية بالمدينة، ويشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
وحث المجلس الجهات الأمنية والعسكرية على سرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالكشف عن مكان وجوده، وإعادته لأهله سالماً، واعتقال الجناة، وإحالتهم للجهات القضائية لمحاسبتهم على هذه الجريمة.
في شأن آخر، أعلنت سويسرا أمس عن وصول دفعة، تضم 40 لاجئاً من معسكرات احتجاز في ليبيا إليها، وقالت الإذاعة السويسرية إن هذا الاستقبال جزء من خطة الطوارئ التي وضعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مشيرة إلى أن أول طائرة تحمل على متنها أربعين لاجئاً، وصلت بالفعل إلى سويسرا الأربعاء الماضي.
وطبقاً لتقرير منظمة الهجرة الدولية فإن اللاجئين هم 34 بالغاً وأربعة أطفال ورضيعان، أغلبهم من النساء المفتقرات للحماية، واللاتي تم إجلاؤهن في مرحلة أولى من ليبيا إلى النيجر.
من جهتها، أعلنت البحرية الليبية أن قوات خفر السواحل أنقذ أكثر من مائتي مهاجر غير شرعي، تعطل قاربان كانا يقلونهم قبالة سواحل مدينتي صبراتة وزوارة غرب طرابلس.
وقال المتحدث باسم القوات البحرية الليبية العميد أيوب قاسم لوكالة «شينخوا» الصينية «إن دورية لخفر السواحل تمكنت من إنقاذ 202 مهاجر غير شرعي كانوا على متن قاربين مطاطيين، بعد تعطل محركيهما».
وجرى إنقاذ المهاجرين في عمليتين منفصلتين، الأولى تمت على مسافة 29 ميلا شمال شرق صبراتة، حيث أنقذ خفر السواحل قاربا على متنه 92 مهاجرا، تم الوصول بهم إلى قاعدة طرابلس البحرية.
ومع دخول فصل الصيف، تتصاعد وتيرة انطلاق قوارب المهاجرين غير الشرعيين في عرض البحر المتوسط من السواحل الليبية، خاصة قبالة سواحل مدينتي صبراتة وزوارة (غربا) والقره بوللي (شرق طرابلس)، حيث تعد ليبيا دولة عبور للمهاجرين غير الشرعيين القاصدين أوروبا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.