«الملتقى الوطني» الليبي... خطوة إلى الانتخابات أم قفز على «الصخيرات»؟

مقرر البرلمان لـ {الشرق الأوسط} : البعثة الأممية انحرفت عن خطتها

جانب من مشاورات الملتقى الوطني بمنطقة براك الشاطئ
جانب من مشاورات الملتقى الوطني بمنطقة براك الشاطئ
TT

«الملتقى الوطني» الليبي... خطوة إلى الانتخابات أم قفز على «الصخيرات»؟

جانب من مشاورات الملتقى الوطني بمنطقة براك الشاطئ
جانب من مشاورات الملتقى الوطني بمنطقة براك الشاطئ

أحدث إعلان غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، بخصوص انطلاق الجلسات التشاورية استعداداً لـ«الملتقى الوطني الجامع»، الذي يستهدف دمج «المنبوذين والمهمشين»، قبيل خوض الانتخابات المرتقبة في البلاد العام الحالي، حالة من التباين والاندهاش في أوساط الليبيين، وطرح عدة التساؤلات حول مدى قدرتها على حلحلة الأوضاع بعد «فشل» جولات تعديل اتفاق الصخيرات، في وقت رأى بعض السياسيين في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» أن البعثة الأممية «قفزت على مراحل الخطة»، التي سبق وأعلنت عنها للحل في البلاد.
سلامة الذي فاجأ الجميع، أواخر الأسبوع الماضي، بالإعلان عن «الملتقى الوطني»، سبق أن قال أمام مجلس الأمن الدولي إنه «كلما اقتربت ليبيا نحو الانتخابات، كانت التعديلات على الاتفاق السياسي أقل أهمية. وسوف أبدأ من (غدٍ) محاولة جديدة وأخيرة في هذا الاتجاه».
كانت هذه الإفادة في الحادي والعشرين من مارس (آذار) الماضي، وبعدها انتظر أعضاء مجلس النواب و«الأعلى للدولة»، المكلفون بالحوار، دعوة المبعوث الأممي لاستكمال تعديلات اتفاق الصخيرات، لكنها لم تأتِ، وحل عوضاً عنها ما سماه البعض بـ«قفز المبعوث الأممي إلى الخطة (ب)»، عقب تعثر الخطة (أ)، المتمثلة في تعديل الصخيرات، وذلك بتبنيه مشاورات «الملتقى» الذي يواصل فعالياته في مدن ليبية، ويدير جلساته مركز الحوار الإنساني بجنيف، بتكليف من البعثة.
وقال صالح قلمة، مقرر مجلس النواب، إن «مستقبل هذا الملتقى كسابقيه، ولن يغيّر من أوضاع البلاد شيئاً»، معتبراً أن البعثة الأممية «انحرفت عن الخطة التي أعلنت عنها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة للحل في البلاد».
وأضاف قلمة لـ«الشرق الأوسط» أن «جل الليبيين لا يعلمون المقصود من هذه الملتقيات، ولماذا؟»، مستغرباً «إسناد إدارتها إلى مركز الحوار الإنساني بجنيف»، ومضى يقول: «في ظني البعثة مرتبكة، ولم تضع يدها على الجرح الحقيقي في المشهد الليبي، وما تقوم به مجرد (محاولات خجولة)».
ووقّع الأفرقاء الليبيون اتفاقاً سياسياً بمنتجع الصخيرات بالمغرب في 17 من ديسمبر (كانون الأول) 2015، تمخض عنه مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومجلس الدولة (هيئة استشارية)، بالإضافة إلى تمديد عهدة مجلس النواب (برلمان طبرق)، باعتباره الجسم التشريعي للبلاد.
وسعى سلامة للخروج من حالة الجمود، التي سادت المشهد الليبي، بإجراء تعديلات على الاتفاق، لكنها تعثرت بعد جولتين من الحوار في تونس بين أعضاء من مجلس النواب والأعلى للدولة، أرجعها البعض إلى تمسك كل فريق بـ«مكتسباته في السلطة مستقبلاً».
وبينما دافع عدد من المشاركين في الملتقى، تحدثت معهم «الشرق الأوسط» عن الهدف منه «في تقريب المسافات بين الليبيين»، ذهب ضو المنصوري، عضو الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور، إلى أن هذه المشاورات «لن تنتهي إلى نتائج ملموسة تكون معبرة عن الناس»، وأرجع ذلك إلى «افتقارها لبرنامج محدد الملامح»، مبرزاً أن «أي إجراء قبل الاستفتاء على الدستور والمصالحة الشاملة تضييع للوقت».
وأضاف المنصوري في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «للأسف هذا الملتقى لن يمكن البلاد من الخروج من أزمتها، ولن تنتهي المرحلة الانتقالية، وسنحتاج لمراحل رابعة وخامسة (...) حتى نصل إلى الاستقرار»، مشيراً إلى أن المشكلات والأزمات الليبية كثيرة، أقلُّها عدم السيطرة على الميليشيات المسلحة التي تحتاج إلى سنوات لحلها، والتمكن منها.
وانتهت مشاورات الملتقى الوطني في مدينتي بنغازي، شرق البلاد، وزوارة بأقصى الغرب، وبدأت أمس في براك الشاطئ بالجنوب، وغريان بالشمال الغربي، على أن تُستكمل في نحو 20 مدنية ليبية، وستتواصل هذه الملتقيات حتى يوليو (تموز) في 19 مدينة ليبية أخرى، كما ستعقد ملتقيات في بعض العواصم العربية كمصر وتونس لليبيين المقيمين في الخارج.
وقال حافظ بن ساسي، عميد بلدية زوارة، إن جلسة المشاورات كانت «فرصة للتحاور وعرض المشكلات التي يجب حلها قبل انتقال البلاد إلى مرحلة الانتخابات، ويتمثل ذلك في حقوق دستورية، وعدم الإقصاء، بما يسهم في المحافظة على المورث الثقافي».
من جهته، رأى السياسي الليبي سليمان البيوضي أن إطلاق المسار التشاوري للملتقى الليبي عبر وسيط دولي غير الأمم المتحدة، هو «محل استغراب وإدانة»، بغض النظر عن تبنيه من البعثة الأممية، وقال إن إطلاق المرحلة الثانية من الخطة الأممية قبل إعلان سلامة «نجاح أو فشل» المرحلة الأولى، التي قدمها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، «مثير للتساؤل». وأبدى البيوضي، الذي يُعرف نفسه بـ«المستقل»، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» تخوفه من تمرير ما سماه بـ«أسماء مُعدة سلفاً» للمشاركة في الملتقى الليبي، وقال إن «أحد أبرز المشاركين في هذا الملتقى سيكون من منتسبي الإسلام السياسي»، مطالباً البعثة الأممية بـ«الحفاظ على نفسها كوسيط نزيه، وأن تبيّن بوضوح خطتها في ليبيا».
وما بين منتقدي البعثة والرافضين لاجتماعات التشاور، رأى الدكتور محمد عامر العباني، النائب «المتنحي» عن مجلس النواب، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن الحل للأزمة في ليبيا يكمن في «الاستفتاء على مشروع الدستور الصادر عن هيئته التأسيسية بشكل عاجل، على أن يعقب ذلك الدخول في الاستحقاقات الدستورية للمرحلة الدائمة، المتمثلة في الانتخابات التشريعية والرئاسية».
وسبق لسلامة أن اقترح أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، خطة من ثلاث مراحل للحل في ليبيا، تبدأ بتعديل اتفاق الصخيرات، والثانية عقد «مؤتمر وطني جامع» لدمج الفاعلين «المنبوذين أو المهمشين» على الساحة، وإقامة حوار مع الجماعات المسلحة بهدف إدماج أفرادها في العملية السياسية والحياة المدنية، فضلاً عن معالجة قضية النازحين داخلياً، وفي المرحلة الثالثة إجراء استفتاء لاعتماد دستور جديد، ما سيفتح الباب أمام انتخابات عامة في ليبيا، يعين فيها الرئيس وأعضاء البرلمان، لكن كثيراً من الليبيين يرون أن الخطة الأممية لم يتحقق منها شيء على الأرض تتوافق عليه القوى السياسية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.