الخلافات الفنية تفشل مفاوضات «سد النهضة» بالخرطوم

متحدث الخارجية المصرية لـ {الشرق الأوسط}: مباحثات الخرطوم اتسمت بالصراحة والمُكاشفة

سامح شكري وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماعات «سد النهضة» أول من أمس (أ.ف.ب)
سامح شكري وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماعات «سد النهضة» أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الخلافات الفنية تفشل مفاوضات «سد النهضة» بالخرطوم

سامح شكري وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماعات «سد النهضة» أول من أمس (أ.ف.ب)
سامح شكري وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماعات «سد النهضة» أول من أمس (أ.ف.ب)

كما توقع المراقبون، فشلت اللجنة الوزارية الثلاثية المصرية - السودانية - الإثيوبية، التي عقدت جولة مفاوضات «سد النهضة» بالعاصمة السودانية الخرطوم نهار أول من أمس (الخميس)، وتواصلت أعمالها حتى صبيحة الجمعة، في التوصل إلى اتفاق على قرار مشترك بشأن القضايا الخلافية المطروحة على الاجتماع. فبعد 18 ساعة من المفاوضات المستمرة، خرج وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور بادي التعب ليقول: «فشلنا في أن نتفق، رغم توفر الصبر والأناة والإرادة»، وجاء ما اقتضبه غندور في الصباح الباكر من يوم الجمعة تلخيصاً «يائساً» لإخفاق جهوده طيلة النهار وآناء الليل والفجر، في «ماراثون التفاوض» الذي كانت تشي مقدماته بفشله. وقال غندور للصحافيين، إن الاجتماع «فشل» في الوصول إلى توافق والخروج بقرار مشترك متفق عليه، وأضاف: «جلسنا منذ الصباح، وناقشنا كثيراً من القضايا، لكنا في النهاية لم نستطع الوصول إلى توافق للخروج بقرار مشترك».
النتيجة التي أعلنها غندور، كانت بائنة منذ البداية للصحافيين الذين صبروا طويلاً بانتظار وصول الأطراف إلى «شيء ما» يرضي نهم وسائطهم للمعلومات والأخبار. المتفاوضون أحاطوا ما يجري بالداخل بسياج متين من الكتمان والسرية غير المعهودة في مثل تلك المفاوضات، ولم تفلح وسيلة واحدة في الحصول على «تسريب» يرضي هذا النهم.
ورغم عدم إعلان «أجندة محددة» فقد تفاوضت الدول الثلاث - بشكل أساسي على عدد سنوات ملء بحيرة سد النهضة الإثيوبي، وتشغيل السد وإدارته، وتطمين مخاوف دول المصب، ومصر على وجه الخصوص، من عدم تأثر حصتها المائية في مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، تأتي 80 في المائة منها من نهر النيل الأزرق الذي ينبع في الهضبة الإثيوبية.
الاجتماع الذي قال عنه غندور إنه عقد بإرادة قوية كان يحوم حول القضايا التي اختلفت عليها الأطراف في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأدت لتجميد المفاوضات حتى فكت عقدتها قمة الرؤساء الثلاثة في أديس أبابا يناير (كانون الثاني) الماضي.
من جهته، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، إن «مباحثات الخرطوم حول سد النهضة اتسمت بالصراحة الكاملة والمُكاشفة، وتناولت كل الموضوعات العالقة، بهدف تنفيذ التوجهات خلال اجتماع القادة الثلاثة على هامش القمة الأفريقية الأخيرة، بضرورة التوصل إلى حلول لتجاوز التعثر في المسار الفني». وأضاف أبو زيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، أنه «على الرغم من استمرار مباحثات الخرطوم إلى أكثر من 16 ساعة، فإن الأطراف لم تتوصل إلى توافق في الموضوعات محل البحث».
ودخلت مصر جولة جديدة من المفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة»، حين التقى وزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات بكل من مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم الأربعاء والخميس الماضيين. وكانت مصر والسودان تجاوزا توترات شابت العلاقات بين البلدين، قبل عدة أشهر، من بينها الخلاف حول الموقف من «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل.
وكشف أبو زيد أنه كانت هناك تفاهمات حول عدد من النقاط، وفى أحيان أخرى اقتضى الأمر مزيداً من النقاش، مضيفاً: «ما يقلقنا في مصر، هو استمرار التأخر في إطلاق الدراسات التي من شأنها أن تحدد حجم الأضرار المتوقعة من السد على دولتي المصب وكيفية تجنبها، وبالتالي لا بد أن يكون واضحاً لدى الجميع أن اتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام 2015 يعتبر الإطار القانوني الوحيد الذي يحكم العلاقة التعاونية بين الدول الثلاث»، لافتاً إلى أنه يتعين تنفيذ جميع بنوده، وفى مقدمتها البند الخاص باستكمال الدراسات والاسترشاد بنتائجها في التوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد.
ويتضمن اتفاق المبادئ الذي وقعه قادة الدول الثلاث في مارس (آذار) 2015، 10 مبادئ أساسية؛ تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية، والتعاون على أساس التفاهم والمنفعة المشتركة، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب، وعدم التسبب في ضرر لأي من الدول الثلاث. وأشار المتحدث الرسمي للخارجية المصرية إلى أنه من المهم أن نشير إلى التكليف الصادر من القادة الثلاثة لمصر والسودان وإثيوبيا؛ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا السابق هايلي مريم ديسالين، بضرورة التوصل إلى حلول لتجاوز التعثر في المسار الفني خلال 30 يوماً، وقد بدأت تلك المدة باجتماع 5 أبريل (نيسان) (الحالي) في الخرطوم، ومن ثم من المفترض أن تعقد اجتماعات أخرى، لضمان تنفيذ اتفاق المبادئ الذي وقع في 2015 باعتباره الإطار القانوني الوحيد. وكان سامح شكري، وزير الخارجية المصري، قد أكد في مؤتمر صحافي عقب مباحثات الخرطوم: «بحثنا كل الموضوعات المتعلقة وكيفية تنفيذ التعليمات التي صدرت عن الزعماء الثلاثة فيما يتعلق بإيجاد وسيلة للخروج من التعثر الذي ينتاب المسار الفني في مفاوضات سد النهضة من خلال المشاورات الثلاثة لوزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات العامة». على صعيد متصل، ذكرت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع الخرطوم ناقش كل التفاصيل المتعلقة بسد النهضة، لكن بقيت المسائل الفنية مُعلقة ولم يتم التوافق حولها، لذا تم تركها لوزراء الري، وإذا كانت لهم حاجة إلى معلومات استخباراتية أو تشاور مع وزراء الخارجية، ستتم العودة إلى اجتماع مرة أخرى. وأكدت المصادر أن «هناك رغبة صادقة للخروج بقرار مشترك تنفيذاً لتوجيهات قادة الدول الثلاث خلال الاجتماع الذي تم في أديس أبابا، لكن يبدو أن القضايا الخلافية تحتاج إلى صبر، وسوف يترك الأمر لبعض الوقت ولاجتماع اللجان الفنية ووزراء الري»، مضيفاً أن هناك حرصاً على عدم ذكر نقاط الخلاف في وسائل الإعلام لأسباب، من بينها، أن المباحثات مستمرة، ويمكن حلها في أي وقت.
وتشير التكهنات إلى أن الخلاف ظل باقياً في مربع مدة وسعة خزان السد، حيث تصر إثيوبيا على ارتفاع المنسوب إلى 74 مليار متر مكعب، وكذلك مدة التخزين، وهو الأمر الذي يضر بمصالح مصر وحصتها في مياه النيل، وقد تواجه فقراً وشحاً في المياه غير مسبوق.
وتتخوّف مصر من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب) مصدر المياه الرئيسي في البلاد. ومنذ نحو 3 سنوات دخلت في مفاوضات مع إثيوبيا والسودان، غير أنها تعثرت مراراً جراء خلافات حول سعة تخزين السد وعدد سنوات عملية ملء المياه. ولم تستبعد المصادر نفسها، عقد قمة ثلاثية محتملة مرة أخرى، لكن في القاهرة بين الرئيسين السيسي والبشير ورئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد، لكنها أوضحت أن «اجتماع وزراء الري والفنيين له الأولوية لحل المسائل العالقة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.