معاقون بصريا يقدمون للسعوديين عشاء فرنسيا {مظلما}

مسؤولون ورجال أعمال خاضوا تجربة الأكل من دون ضوء في الرياض

الأمير سلطان بن سلمان يتحدث إلى معاق بصريا مساء أول أمس (تصوير: خالد المصري)
الأمير سلطان بن سلمان يتحدث إلى معاق بصريا مساء أول أمس (تصوير: خالد المصري)
TT

معاقون بصريا يقدمون للسعوديين عشاء فرنسيا {مظلما}

الأمير سلطان بن سلمان يتحدث إلى معاق بصريا مساء أول أمس (تصوير: خالد المصري)
الأمير سلطان بن سلمان يتحدث إلى معاق بصريا مساء أول أمس (تصوير: خالد المصري)

في صورة معاكسة للواقع تماما، تمكن شبان سعوديون فقدوا أبصارهم لأسباب مختلفة، من إثبات قدرة الإصرار على مقاومة الإعاقة.
الشبان تسيدوا موقفا لا يستطيع المبصرون مجاراتهم فيه، ألا وهو التحرك بكل سهولة بين طاولات العشاء، في الوقت الذي يرتبك فيه أفضل المبصرين إذا ما أراد ارتشاف قطرة ماء من الأكواب. يستحضر المرء عندما يعيش موقفا مشابها قول الراحل نزار قباني لقامة الأدب المصري طه حسين: «ارم نظارتيك، فأنت لست بأعمى، إنما نحن جوقة العميان».
كان المكان حالكا في الظلمة، تشتعل فيه الحواس الأخرى، ويشعر الشخص فعلا بصعوبة أن تناول لقيمات بسيطة يستغرق وقتا وجهدا واسعا، ومن دون مبالغة بالقول إن العشاء كان لذيذا، لكن الألذ هو تجربة ساعة من الزمن، يفقد فيها شخص بصره.
ودشن الأمير عبد العزيز بن أحمد بن عبد العزيز رئيس مجموعة عذيب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة العمى فعالية «عشاء في الظلام - شوف اللي أشوفه» بمطعم كريستال الذي يقبع وسط فندق الفيصلية في الرياض، ونظم الفعالية قسم التنمية الاجتماعية لمجموعة عذيب بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة العمى.
وجرى تقسيم حضور «عشاء في الظلام» إلى ست مجموعات، يتولى كل مجموعة أحد المتدربين من أصحاب الإعاقة البصرية لقيادتهم إلى الأماكن المخصصة للعشاء ومن ثم تقديم العشاء لهم.
وكان في مقدمة المشاركين بهذه التجربة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار رئيس جمعية الأطفال المعوقين.
وتهدف الفعالية بحسب المنظمين إلى تجربة «العشاء في الظلام في جو مظلم تماما يعتمد فيه كليا على معاقين بصريا من استقبال الضيوف إلى إجلاسهم في أماكنهم المخصصة بالمطعم بالإضافة إلى تقديم العشاء لهم، وتهدف هذه الفعالية إلى جعل المبصرين يوقنون بنعمة البصر».
كما أثبت المعاقون بصريا قدرتهم على المشاركة وإصرارهم إذا توفرت لهم عوامل ومقومات العمل.
وقالت الشركة المنظمة في بيان «يعود ريع فعالية عشاء في الظلام إلى تدريب وتأهيل أصحاب الإعاقة البصرية لسوق العمل واعتمادهم على أنفسهم».
وقال الأمير عبد العزيز بن أحمد بن عبد العزيز «دعونا المطعم الفرنسي دان لو نوار لتدريب عشرين من الشباب والشابات من أصحاب الإعاقة البصرية خلال فترة التحضير للفعالية، وإن حماس المتدربين كان أكبر من المتوقع»، وطالب بدعم برامج تدريب أصحاب الإعاقة البصرية من خلال تجربة فعالية عشاء في الظلام.
وشهدت نهاية الحفل تكريم الشركاء والداعمين للفعالية ومن ضمنهم «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق».
يشار إلى أن العشاء ينظم في المطعم نفسه كل يوم حتى الـ14 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وجرى تقسيم الأيام بين الرجال والنساء لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الحضور.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».