قصر قرطاج ومعركة إطفاء الحرائق

تونس بعد 62 سنة من استقلالها عن فرنسا

قصر قرطاج ومعركة إطفاء الحرائق
TT

قصر قرطاج ومعركة إطفاء الحرائق

قصر قرطاج ومعركة إطفاء الحرائق

تعقد التجاذب السياسي مجدداً في تونس بين أنصار المسار الانتخابي والداعين إلى تأجيله أو إيقافه بحجة التخوف من أن يؤدي إلى فوز ساحق لمرشحي التيارات المحسوبة على «الإسلام السياسي»، على غرار ما جرى في الجزائر قبل نحو 30 سنة ثم في بلدان عربية كثيرة. ولقد تأزم المشهد الأمني والسياسي والاجتماعي مجدداً وتعاقبت الحرائق والاضطرابات في مؤسسات التعليم في الذكرى 62 لإعلان الاستقلال عن فرنسا، رغم رهانات الدولة منذ الزعيم الاستقلالي الحبيب بورقيبة على خيارات تعميم التعليم ورصد ثلث ميزانية الدولة لقطاع التربية.
ولكن، رغم مناخ الأزمة السياسية والاجتماعية، انتظمت في قصر قرطاج الرئاسي، وفي عدة مدن، بطلب من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ومساعديه، احتفالات خاصة بذكرى الاستقلال. وتزايد الاهتمام الشعبي بهذه الاحتفالات بسبب الزوبعة التي انفجرت في المواقع الاجتماعية ووسائل الإعلام رداً على الانتقادات غير المسبوقة التي وجهتها سهام بن سدرين، الناشطة الحقوقية اليسارية، ورئيسة هيئة الكشف عن تجاوزات الدولة في العقود الماضية لبورقيبة ولوثيقة الاستقلال، انطلاقاً من وثائق قالت إنها سرية وحصلت عليها بطريقتها الخاصة في فرنسا. وبعدما رد 60 مؤرخاً جامعياً تونسياً على بن سدرين، استقبل الرئيس التونسي بعضهم فازداد تعاطف بعض نشطاء «فيسبوك» معها.
السؤال الكبير يظل في تونس بعد 6 عقود من المد والجزر: هل سينجح النموذج التنموي والسياسي التحديثي الذي وضع أسسه الزعيم الاستقلالي الحبيب بورقيبة، ويدافع عنه اليوم «تلميذه» الباجي قائد السبسي... أم تنهار تونس مثلما انهارت دول عربية أخرى بسبب تراكم مشكلاتها وأزماتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية؟
واستطراداً، هل ينجح قائد السبسي، وريث بورقيبة في قصر قرطاج، في إطفاء الحرائق التي تندلع في البلد على أكثر من جبهة منذ سنوات... أم تعصف شظايا تلك الحرائق مجدداً بمؤسسات الدولة والمجتمع، مثلما أحرق الرومان قرطاج (قرطاجة) البونيقية عام 146 قبل الميلاد... وقضوا نهائياً على إمبراطوريتها وحضارتها ومجدها؟
وزير التربية التونسي حاتم بن سالم أعلن بمناسبة تفقده مؤسسات تعليم شملتها الحرائق وإضرابات نقابات الأساتذة في محافظة القصرين، بالقرب من الحدود الجزائرية، أن مجلس الوزراء قرر تطبيق القانون بحزم مع النقابات دفاعاً عن مصالح ملايين الطلاب وعن البلاد وعن هيبة الدولة، بما في ذلك عبر قطع رواتب رجال التعليم المضربين ومحاكمة المتهمين في جرائم حرق عدد من مبيتات الطالبات في عدة مدن.

إضرابات وحرائق
في الوقت نفسه، عادت قيادات بعض النقابات التي نجحت في إسقاط عدد من الوزراء والحكومات خلال الأعوام الماضية إلى تصعيد لهجتها والقيام بتحركات للمطالبة بتعديل جديد في تركيبة الحكومة. ولقد اعترض رئيس الحكومة يوسف الشاهد وعدد من الوزراء وقيادات الأحزاب الكبرى على هذه الدعوات، وأكدوا حاجة البلاد إلى الاستقرار. كذلك أكد الخطاب المطوّل الذي توجه به الرئيس الباجي قائد السبسي إلى الشعب في ذكرى الاستقلال على حاجة البلاد إلى «إطفاء نيران الاضطرابات»، وإلى إنجاح النموذج السياسي الديمقراطي التعددي التونسي عبر تدارك الخسائر التي لحقت بالاقتصاد التونسي بفعل الإضرابات والعمليات الإرهابية، وتضخم حجم الأجور في ميزانية الدولة، واستفحال الديون التي تطورت من 40 إلى 70 في المائة من الناتج الوطني خلال الأعوام السبعة الماضية. ويعتقد بعض الخبراء الاقتصاديين، مثل الصادق جبنون، أن إشعال فتيل الإضرابات بصفة مسترسلة أربك اقتصاد البلاد وأضر بمصالح ملايين العائلات. غير أن الخطب النارية لبعض النقابيين والمعارضين اليساريين لا تزال تدفع الشباب العاطل عن العمل والفقراء نحو مزيد من الاحتجاجات.

إيقاف المسار الانتخابي
رضا الشكندالي، الخبير المدير العام السابق لمؤسسة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، حذر من جانبه من الصبغة الكارثية للاضطرابات الاجتماعية، وغياب الاستقرار الحكومي، والقرارات السياسية التي تؤثر سلباً في أجواء الانتخابات وفي مناخ الاستثمار والإنتاج وتعمق أزمة الثقة في السياسيين وفي صناع القرار وفي المؤمنين بالإصلاح السياسي وإمكانية تكريس المصالحة بين الثقافات الشرقية والديمقراطية. كما اعتبر المحامي والناشط السياسي عماد بن حليمة، أن الحكومة مطالبة بتطبيق القوانين بحزم، ويحق لها اقتطاع رواتب المضربين عن العمل والمتسببين في خسائر للمجتمع والبلاد. أما سفيان طوبال، رئيس كتلة الحزب الحاكم في البرلمان، وزياد العذاري وزير التنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والأمين العام لحزب «النهضة»، فانتقدا التحركات الجديدة التي تهدف إلى إسقاط الحكومة أو إيقاف المسار الانتخابي، ودفع مزيد من الشباب نحو الاعتصامات والاضطرابات، بحجة ارتفاع عدد العاطلين عن العمل من نحو 13 في المائة قبل ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 إلى نحو 16 في المائة حالياً. أيضاً، أكد الوزير اليساري سمير الطيب وعدد من زعماء الأحزاب المشاركة في حكومة «الوحدة الوطنية» حاجة البلاد إلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وإيقاف نزيف الاضطرابات الاجتماعية التي تسببت - حسب خطاب الرئيس التونسي قائد السبسي - في خسائر بالمليارات في قطاعات الفوسفات والمحروقات والسياحة والاستثمار والتصدير.

المسكوت عنه
إلا أن أخطر ما في تصعيد الاضطرابات النقابية والتحركات الاجتماعية السياسية، حسب عدد من الخبراء والسياسيين، مثل محمد عبو زعيم حركة التيار الديمقراطي في البرلمان، وجود مساعٍ من قبل عدة أطراف لإيقاف المسار الانتخابي الذي بدأ قبل أسابيع، ومن المقرر أن يؤدي إلى تنظيم انتخابات بلدية عامة يوم 6 مايو (أيار) المقبل. وتخشى أطراف كثيرة راهناً من أن تؤدي هذه الانتخابات إلى تغيير المشهد السياسي واختفاء الغالبية الساحقة من الأحزاب الصغيرة التي تجاوز عددها 200 منذ الإطاحة بحكم الرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011. أيضاً لا يخفي كثير من الساسة تخوفهم من أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات في التحضيرات للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة لعام 2019، من حيث تكريس حزبين كبيرين أو 3 لا غير. وحقاً، صدرت دعوات إلى رئيس الجمهورية بإيقاف هذه الانتخابات أو إلغائها عن عدد من السياسيين البارزين، مثل أحمد نجيب الشابي، زعيم الحزب الجمهوري سابقاً وزعيم المعارضة القانونية قبل 2011. واعتبر البرلماني السابق محمود البارودي أن «المسكوت عنه» بالنسبة لدعاة تأجيل الانتخابات أو إلغائها «تجنب تكرار سيناريو انتخابات 1990 في الجزائر»، عندما تسبب الفوز الساحق لمرشحي تيار ما تسمى جماعات «الإسلام السياسي» إلى منعرج عسكري أمني خطير وإلى وقف كامل للتجربة الديمقراطية والتعددية.

«الخطر الداهم»
من ناحية ثانية، تعالت الأصوات في صفوف المركزية النقابية والبرلمانيين والسياسيين لمطالبة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي باستخدام صلاحياته الدستورية لاعتبار البلاد في وضع خطير جداً، ما يستوجب تعطيل المسار الانتخابي وإحالة صلاحيات الحكومة والبرلمان إلى رئاسة الجمهورية. كذلك طالب عدد من السياسيين مثل الوزير السابق محسن مرزوق زعيم حزب «مشروع تونس»، وياسين إبراهيم زعيم حزب «آفاق»، الرئيس التونسي، بتعديل النظام السياسي الحالي عبر التقدم بمشروع لتعديل الدستور يعطي صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية وينهي الأزمات المتعاقبة بين البرلمان والمؤسسات التنفيذية للدولة. ويحتج هؤلاء بتعاقب الاضطرابات الاجتماعية في مناطق إنتاج الفوسفات والمحروقات والتجاوزات للسلطة من قبل نقابات مهنية في كامل البلاد، وخصوصاً نقابات الأساتذة والأطباء الشبان وبعض نقابات الأمن التي هاجم أنصارها إحدى المحاكم في العاصمة تونس وأفرجوا عن رجال أمن موقوفين بقوة السلاح.
ومن جانب آخر، يحتج آخرون باستفحال المؤشرات المالية وطنياً، وخصوصاً تدهور قيمة الدينار التونسي، والتراجع الذي يسجل لأول مرة منذ 30 سنة في احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية، إذ بلغ نحو 77 يوماً فقط مقابل معدل يحوم حول 120 يوماً عادة. ولكن هل ترتقي كل هذه الصعوبات والمشكلات إلى درجة الكلام عن خطر داهم، وفق ما ينص عليه الدستور الذي يبيح لرئيس الجمهورية بسببه إعلان «حالة طوارئ»، ومعها أيضاً إجراءات استثنائية جداً من بينها إيقاف المسار الانتخابي؟

... تضخيم
في اتجاه موازٍ، ردّ برلمانيون وسياسيون من الائتلاف الحاكم مطالب دعاة تعطيل المسارين الانتخابي والسياسي، واتهموا أصحابها بتضخيم حجم الأزمات المالية والاجتماعية والأمنية التي تمر بها البلاد «لأهداف انقلابية»، وبسبب انعدام ثقتهم في النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع. وفي هذا السياق، أصدر زعيم الحزب الحاكم حافظ قائد السبسي بياناً رداً على تلك الحملات أعلن فيه تمسك حزبه بالمسار الانتخابي وتوقع فوز حزبه بالمرتبة الأولى فيها. وصدرت مواقف مماثلة من قيادات أحزاب «النهضة» والمسار والتيار الديمقراطي والحراك.
بل إن قيادات الأحزاب التي تصنّف ضمن مجموعات أقصى اليسار، أي أحزاب «الجبهة الشعبية» بزعامة حمه الهمامي رئيس الحزب العمالي الشيوعي، انخرطت بدورها في المسار الانتخابي وقدّمت مرشحين لها في أكثر من 140 بلدية، أي في نحو نصف عدد البلديات التي يجري التنافس فيها. وكشف استفحال الصدام السياسي بين الأطراف المؤثرة في الأحزاب والنقابات من جهة، وفي الحكومة والمعارضة من جهة أخرى، تعمق الهوة بين الفاعلين الكبار في القرار السياسي والاقتصادي والأمني التونسي. واستفحلت الأزمة عندما ساند سمير ماجول، الرئيس الجديد لاتحاد نقابة رجال الأعمال، المطالبين بتغيير جديد في تركيبة الحكومة بزعامة نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد نقابات العمال، ومحسن مرزوق زعيم حزب «مشروع تونس» وصاحب ثالث كتلة في البرلمان. لكن قيادات الأحزاب الرئيسية المشاركة في حكومة «الوحدة الوطنية»، مثل الوزير السابق للعدل نور الدين البحيري، تعترض على خيار توريط البلاد في إضاعة الوقت في مزيد من التعديلات الحكومية والدستورية والقانونية.

قرطاج وإطفاء الحرائق
وهكذا، مرة أخرى تجد النخب السياسية والثقافية نفسها مضطرة إلى اللجوء إلى قصر الرئاسة في قرطاج وإلى السلطة المعنوية للأب الروحي. ولقد كان موكب إحياء الذكرى السنوية 62 لاستقلال تونس في قصر قرطاج مناسبة نجح خلالها الرئيس الباجي قائد السبسي في أن يجمع حوله زعماء وممثلون عن كل الأطراف السياسية المشاركة في الحكم أو المعارضة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومن وزراء حكومات الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي... إلى حكومات ما بعد ثورة يناير 2011.
وبالفعل، جمع الحدث الرئيس السبسي، مدير الأمن ثم وزير الداخلية والدفاع والخارجية في عهد الحبيب بورقيبة، ورئيس أول برلمان في عهد بن علي الهادي البكوش الأمين العام للحزب الحاكم في عهد بورقيبة وبن علي وأول رئيس حكومة في عهد بن علي، والرئيس الأسبق لتونس فؤاد المبزع ومعارضيهم السابقين الذين وصلوا إلى سدة الحكم مثل علي العريّض رئيس الحكومة عام 2013 وزعامات التيارات الدستورية الليبرالية واليسارية والقومية العروبية والإسلامية.
كذلك جمعت القاعة ذاتها زعامات النقابات والمعارضة التي صعدت انتقاداتها للحكم ولوثيقة قرطاج التي وقعتها أبرز الأحزاب والنقابات في سبتمبر (أيلول) 2016، ما أدى إلى تشكيل حكومة «الوحدة الوطنية» الحالية برئاسة يوسف الشاهد بمشاركة ممثلين عن نحو 10 أحزاب ونقابات. ورغم تجاوزه الـ90 من عمره صمد الباجي قائد السبسي وارتجل كعادته خطاباً تجاوز الساعة حاول من خلاله إطفاء الحرائق التي أضمت في كل الجهات... ووظف الشبه بينه وبين الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة من حيث أسلوب الخطابة والكاريزماتية. وأسهم خطابه واستضافته لخصومه ومعارضيه مع مسانديه بمناسبة العيد الوطني 62 في إطفاء كثير من الحرائق وتحييد كثير من الألغام، خصوصاً أنه التقى على هامش الاحتفالات برموز من المعارضة.

ورقة ترمب وماكرون
وإذ تجنب رئيس الجمهورية، كعادته، قراءة خطابه فإنه اعتمد فيه منهجية إطفاء حرائق واضحة استهلها بتلاوة مقتطفات من رؤساء العالم التي تنوه بالمسارين الديمقراطي والانتخابي في تونس، من بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. قائد السبسي رد على المشككين في المسار السياسي والانتخابي بورقة الدعم الدولي لما يوصف بالاستثناء الديمقراطي التونسي، ورغم الضغوط الكبيرة التي مارستها أحزاب علمانية وأطراف مالية وسياسية ونقابية وأمنية على الرئيس التونسي لكي يتقدم للبرلمان بمشروع تعديل الدستور ويفك التحالف الحالي بين حزبه وبقية مكونات حكومة «الوحدة الوطنية»، وخصوصاً «النهضة»، فإنه فاجأهم مجدداً بالدفاع عن الدستور الحالي وعن خيار الوحدة الوطنية الذي تبناه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة عند تشكيل حكومات شارك فيها ممثلو النقابات ومختلف التيارات. بل، كان قائد السبسي براغماتياً جداً إذ قال: «لم أشارك في صياغة هذا الدستور الذي انتخبني الشعب اعتماداً عليه، وليس دوري تعديله، ولكن البرلمان هو الذي يقوم بذلك».

تجاذبات... ولكن
وفي هذه الأثناء، في ظل استمرار التجاذبات من جهة، ومحاولات إنجاح المسار الانتخابي من جهة أخرى، قد يزداد الاهتمام بالشواغل السياسية على حساب الملفات الاقتصادية والمالية والتنموية. وفي ظل تدهور المقدرة الشرائية للطبقتين الوسطى والفقيرة، يخشى علماء الاجتماع من انفجار الأوضاع في أي وقت، خصوصاً في المحافظات الداخلية والأحياء الفقيرة حول العاصمة والمدن الكبرى. وفي مثل هذه الحالة قد تجد تونس نفسها مهددة مرة أخرى بانتفاضة جديدة يفجرها المهمشون والشباب العاطل عن العمل ويجني ثمرتها بعض السياسيين.
فهل يكون قارب النجاة بالنسبة لتونس والاستثناء التونسي سياسياً... أم يحتاج ضمانات اقتصادية ومالية وأمنية؟

محطات في تاريخ تونس المستقلة
في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) كان الحزب الحر الدستوري (الجديد) - تمييزاً له عن الحزب الحر الدستوري الذي كان قد أسسه الشيخ عبد العزيز الثعالبي عام 1920، الذي أصبح يعرف بعد ظهور الحزب الجديد بـ«الحزب القديم» - أبرز محاور الحراك الوطني من تقرير المصير وإنجاز الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي. ولقد أسس الحزب الجديد نخبة من الناشطين على رأسهم الطبيب الدكتور محمود الماطري رئيس ديوانه السياسي والمحامي الحبيب بورقيبة أمينه العام (أو الكاتب العام) ومعهم الطاهر صفر والبحري قيقة ومحمد بورقيبة. وظهر الدستور الجديد للحزب في المؤتمر الذي انعقد يوم 2 مارس (آذار) 1934 بمدينة قصر هلال في الساحل التونسي.
ما يجدر ذكره أن فرنسا كانت قد وعدت الحزب بالاستقلال عام 1952، بيد أن تراجعها عن وعدها أدى إلى اندلاع الثورة الشعبية المسلحة. وبالتالي، اضطرت السلطات الفرنسية للدخول في مفاوضات عام 1955 أقرت فيها حكومة رئيس الوزراء الاشتراكي بيار منديس فرانس بـ«الاستقلال الداخلي» لتونس. ثم الاستقلال التام في العام التالي 1956 على الرغم من معارضة قوى اليمين الفرنسي.
حركة المقاومة التونسي المسلحة ظهرت بين ربيع 1952 و1954، وتشكّلت من زمر ومجموعات صغيرة انخرطت في معارك كثيرة ضد الأهداف الاستعمارية، وخصوصاً جنوب تونس وغربها، وكان بين أبرز قادتها الميدانيين الساسي الأسود والأزهر الشرايطي. أما الحبيب بورقيبة، أبرز الزعماء السياسيين فعاد من المنفى وأطلق العملية التفاوضية مع الفرنسيين حول الاستقلال. ولقد واصل بورقيبة التفاوض بعد سقوط حكومة منديس فرانس، وأنجز «بروتوكول الاستقلال» يوم 20 مارس 1956.
شخصية بورقيبة كانت محورية في الحراك الاستقلالي. ومن أبرز نشاطاته توجهه إلى العاصمة المصرية القاهرة وفتحه مكتب المغرب العربي وسفره إلى نيويورك عام 1945. ولكن مسيرته لم تخلُ من الاعتقال والنفي والمعاناة. ومنذ عام 1949 أعاد بورقيبة تنظيم الحزب الحر الدستوري، وبعد إنجاز الاستقلال يوم 20 مارس 1956، انتخب بورقيبة رئيساً للمجلس القومي التأسيسي يوم 8 أبريل (نيسان) ثم كلّف يوم 11 أبريل بتشكيل الحكومة التونسية الأولى. وفي 25 يوليو (تموز) 1957 قرر المجلس القومي التأسيسي بالإجماع إعلان الجمهورية وأصبح الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية.
بعد ذلك، وبعد إنجاز قيادة تونس المستقلة بناء الدولة الحديثة، ونجاحها في احتواء الولاء القبلي والجهوي وتعزيز الروح الوطنية وتحديثها التعليم و«تونسة» الإعلام والإدارة، جرى تغيير اسم الحزب الحاكم ليغدو الحزب الاشتراكي الدستوري.



خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)
TT

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار والطروحات «التخريبية» التي حملها برنامجه وباشر بتطبيقها منذ توليه المنصب في مثل هذه الأيام من العام الفائت. حالة لم يتح لها الوقت الكافي بعد كي تفجّر كل «مواهبها» ومفاجآتها التي لا يوفّر ميلي مناسبة ليتوعّد بها، خاصة بعد نيله «بركة» مثاله الأعلى، دونالد ترمب، الذي يستعد للعودة قريباً إلى البيت الأبيض.

في مقابلة أجرتها معه مجلة «الإيكونوميست» نهاية الشهر الماضي، قال ميلي إنه يشعر بازدراء لا نهاية له تجاه الدولة، مؤكداً أنه سيفعل كل ما بوسعه للقضاء على تدخل الدولة في شؤون المواطنين وتنظيم حياتهم «لأن ذلك يشكّل أسرع الطرق إلى الاشتراكية». لكن اللافت أن «الإيكونوميست»، الموصوفة برصانتها، تعتبر أن ما يقوم به هذا «المخرّب الأكبر» - كما يحلو له أن يطلق على نفسه – يجب أن يكون قدوة للولايات المتحدة وحكومتها الجديدة التي يبدو أنها مستعدة لتحذو حذو الرئيس الأرجنتيني وتكليف هذه المهمة إلى الملياردير إيلون ماسك.

تدلّ كل المؤشرات على أن الهدف الأساسي من وصول ميلي إلى الحكم، أواخر العام الفائت، هو «تدمير» الدولة من الداخل. ألغى 13 وزارة، وسرّح ما يزيد على ثلاثين ألفاً من الموظفين العموميين، وخفّض بنسب وصلت إلى 74% مخصصات الرواتب التقاعدية والتعليم والصحة والعلوم والثقافة والتنمية الاجتماعية. وعلى هذه الخلفية، سارعت أسواق المال للاحتفاء بالفائض المالي وتراجع التضخم الذي ليس سوى ثمرة واحدة من أكبر الجراحات المالية في التاريخ. لكن الوجه الآخر لهذه العملة البرّاقة كان انضمام 5 ملايين أرجنتيني إلى قافلة الفقراء الذين يعيش معظمهم على المعونة الغذائية في واحد من أغنى البلدان الزراعية والغذائية في العالم، وانكماشا اقتصاديا... من غير أن تتراجع شعبية ميلي الذي يفاخر بأنه الرئيس الأوسع شعبية على وجه الكرة الأرضية.

لا يكفّ ميلي عن مخاطبة مواطنيه عبر وسائط التواصل التي لعبت دوراً أساسياً في وصوله إلى الرئاسة، ويقول إن «القوى السماوية» التي تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى».

رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر (أ.ب)

لا يعترف الرئيس الأرجنتيني بالتغيّر المناخي، ولا بالمساواة بين الرجل والمرأة، أو بالعدالة الاجتماعية، وينكر الذاكرة التاريخية لأنظمة الاستبداد التي تعاقبت على بلاده، ويعتبر أن كل ذلك ليس سوى بدع يسارية يتوعّد بالقضاء عليها في «حرب ثقافية» يتبّلها بكل أنواع الشتائم التي توقد الحماسة في صفوف أنصاره وتزرع الحيرة في أوساط المعارضة المشتتة.

الأغرب في كل ذلك هو أن ميلي لا تؤيده سوى أقلية في مجلسي الشيوخ والنواب، فضلاً عن أن جميع حكّام الولايات الذين يتمتعون بصلاحيات واسعة، ليسوا من حزبه «الحرية تتقدم». كما أنه اضطر للإبقاء على العديد من كبار موظفي الحكومة اليسارية السابقة في مناصبهم لعدم وجود كوادر مؤهلة كافية في حزبه. لكن رغم هذا العجر الهائل، تمكّن ميلي من إقرار حزمة قوانين يعتبرها أساسية لمشروع تفكيك الدولة ورفع القيود عن العجلة الاقتصادية، من غير أن يتضّح بعد إذا كانت هذه السنة الأولى من ولايته مدخلاً لإحكام سيطرته على الدولة، أو هي تمهيد لهيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي.

يعتمد ميلي على التأييد الشعبي الواسع الذي ما زال يلقاه، وعلى حاجة حكّام الولايات لموارد الدولة، وبشكل خاص على الحلف التشريعي الذي أقامه مع اليمين المعتدل ممثلاً بالحزب الذي يقوده رئيس الجمهورية الأسبق ماوريسيو ماكري. ومنذ نزوله المعترك السياسي، بعد أن كان ينشر أفكاره وطروحاته عبر البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها، استمد شعبيته وقوته ضد ما يسميه «السلالة»، أي الطبقة السياسية التقليدية. أما الاتفاقات أو الائتلافات التي سعى إليها، فهي لم تكن سوى تكتيكية، ولم يفاوض على برنامجه مع الأحزاب أو القوى التي تحالف معها، بل بقي تحالفه الأساسي مع القاعدة الشعبية التي ما زالت تدعمه، والتي يرجّح أن تكون هي أيضاً نقطة ضعفه الرئيسية التي ستؤدي إلى سقوطه عندما تتوقف عن دعمه بعد أن تفقد الأمل الضئيل الذي ما زال يحدوها في أن تتحسن الأوضاع المعيشية.

وصفة ميلي تحقق نتائجها

يقول المقربون من ميلي إن سر استمرار شعبيته التي توقع كثيرون أنها إلى زوال سريع، هو أنه ينفّذ كل الوعود التي قطعها في حملته الانتخابية، فيما بدأ بعض منتقديه يعترفون بأن «وصفته» تحقق النتائج التي وعد بها.

وقد شهدت الأشهر الأخيرة انشقاق بعض رموز الحزب البيروني واصطفافهم إلى جانب ميلي، مثل العضو البارز في مجلس الشيوخ كارلوس باغوتو، وهو قريب من الرئيس الأسبق كارلوس منعم. وقال باغوتو: «إن ميلي هو الشخص الذي تحتاجه الأرجنتين للتخلص من الموجة الشعبوية الاشتراكية التي حكمتها طيلة العقدين المنصرمين... كنا في حال من التحلل الاجتماعي الذي بلغ مستويات يصعب تصورها. وبعد أن أصبحت الدولة تتدخل في جميع مسالك الحياة، عاجزة عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لشريحة واسعة من المواطنين، وبعد أن أخفقت جميع المحاولات لضبط التضخم الهائل، أدركت الطبقات المتواضعة أن الخلاص لا يمكن أن يأتي من غير تضحيات... وكان ميلي».

"يقول ميلي إن «القوى السماوية» تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى»."

خدمة مصالح رجال الأعمال

لكن قراءة المعارضة للمشهد الاجتماعي تختلف كلياً، إذ يرى وزير الداخلية السابق إدواردو دي بيدرو المقرّب من الرئيسة السابقة كريستينا كيرشنر، أن ميلي قضى على حقوق وخدمات أساسية، مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بينما خدم، في المقابل، مصالح رجال الأعمال والمراكز المالية. ويضيف: «إن قرارات مثل قطع الأدوية عن مرضى السرطان في المراحل الأخيرة، أو الكف عن توفير التغطية العلاجية للمتقاعدين، أو إقفال المطاعم الشعبية التي كانت تؤمن وجبات أساسية لحوالي 19% من السكان يعيشون على المعونة الغذائية، هي دليل ساطع على قسوة هذه الحكومة وعدم إحساسها».

يردّ ميلي على هذه الانتقادات بوصفها من أفعال الشيوعيين المناهضين للحرية، ويكرر أنه يقود «أفضل حكومة في التاريخ»، مقتنعاً بأنه مكلّف مهمة سماوية، ويقترح حرباً نضالية عالمية تحت راية «اليمين الدولي» من أجل القضاء نهائياً على اليسار، يجوز فيها استخدام كل الوسائل، بما في ذلك العنف. كما أكّد مؤخراً في أحد المهرجانات السياسية: «لست في وارد اللياقة أو الوفاق. لن أتراجع أبداً، وسأواصل السير نحو النار، لأن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع. لسنا ملزمين بتبرير أفعالنا، وإذا فعلنا فسوف يعتبرون ذلك من باب الضعف. كلما تعرضنا لضربة من خصومنا، سنردّ الواحدة بثلاث».

تكيف وبراغماتية

الهجوم الدائم هو العلامة الفارقة في أسلوب الرئيس الأرجنتيني، لكن ميلي أظهر قدرة لافتة على التكيّف والبراغماتية التفاوضية كلّما وجد نفسه بحاجة إلى أصوات المعارضة، في مجلسي الشيوخ والنواب وبين حكام الولايات، خاصة عندما طرح «قانون الأساسات» الذي يتضمّن مئات المواد التي تعتبرها الحكومة ضرورية لتنفيذ برنامجها. يفعل ذلك وهو يدرك جيداً أن الأحزاب التقليدية فقدت شعبيتها، وهي في حال من الانهيار السريع الذي يمكن لحزبه أن يستفيد منه في الانتخابات العامة المرحلية في خريف العام المقبل ليقلب المعادلة البرلمانية الحالية التي تشكّل عائقاً كبيراً أمام مشروعه «التخريبي».

ستكون انتخابات العام المقبل حاسمة بالنسبة لميلي ليقلب المعادلة البرلمانية ويضمن الأغلبية التي تحرره من التفاوض مع المعارضة كلما أقدم على خطوة اشتراعية لتنفيذ برنامجه، خاصة أن التأييد الشعبي ليس مضموناً في المدى الطويل.

ويخشى معاونوه من أن جنوحه الشديد نحو التعصب والصدام العنيف مع خصومه السياسيين قد يبعده عن تحقيق هدفه الأساسي الذي كان وراء فوزه في الانتخابات الرئاسية، وهو معالجة الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تتخبط فيها البلاد منذ عقود. وينصحه المقربون بعدم التمادي في «الحروب الثقافية» مع حلفائه الغربيين الذين حصرهم منذ اليوم الأول بالولايات المتحدة وإسرائيل والدول «الحرة»، وسمّى الاشتراكيين واليساريين خصومه إلى الأبد.

لكن رغم خطابه الناري والتهديدي الذي لا يخلو أبداً من الألفاظ البذيئة، والذي بدأ مستشاروه يواجهون صعوبة في تبريره بالقول إن هذا هو أسلوبه والناس تعرف ذلك، بدأ ميلي يعطي مؤشرات على أنه ليس غريباً كلياً عن البراغماتية والواقعية. وهو اعترف قبل أيام أنه تعلّم الكثير في السياسة خلال هذه السنة الأولى من ولايته. وقال إنه لم يعد لديه أعداء سياسيون في الأرجنتين، بل خصوم يريدون الخير للبلاد. وبعد أن كان صرّح مراراً خلال الحملة الانتخابية بأن الصين هي في معسكر الأعداء وبأنه لن يتعامل مع «القتلة»، قال مؤخراً: «إن الصين شريك رائع لا يطلب شيئاً سوى التبادل التجاري الهادئ» وإن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان وصفه غير مرة بأنه «يساري فاسد»، لن يصبح صديقه، لكن مسؤوليته الدستورية تقتضي منه التعامل معه.

الأرقام الاقتصادية في نهاية العام الأول من ولاية ميلي تظهر أن الشركات الكبرى في قطاع المحروقات، وكبار المستثمرين في أسواق المال والمصارف، هم الذين حققوا أرباحاً استثنائية خلال هذه السنة، وأن الجائزة الكبرى كانت من نصيب المتهربين من دفع الضرائب الذين استفادوا من خطة «التبييض» التي وضعها، بما يزيد على 20 مليار دولار، أي نصف القرض الذي حصلت عليه الأرجنتين منذ سنوات من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار الاقتصادي التام وما زالت حتى اليوم عاجزة عن سداده أو حتى عن جدولته. أما في الجهة المقابلة فكان المتقاعدون والموظفون العموميون وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هم الأكثر تضرراً من النموذج الذي خفّض الإنفاق العام وألغى القيود على الواردات بهدف احتواء التضخم الجامح الذي يقضّ مضاجع ملايين الأسر منذ سنوات، فضلاً عن الفقراء (19% من السكان حسب الإحصاء الأخير) الذين حُرموا فجأة من المعونة الغذائية التي كانت تقدمها الدولة.

أرباح الشركات الكبرى في قطاع الطاقة بلغت أرقاماً قياسية هذا العام بفضل زيادة الإنتاج وتحرير الأسعار والتدابير الضريبية والجمركية والقانونية التي أعلنها ميلي الذي يريد لهذا القطاع أن يكون المحرك الأساسي لاقتصاد الأرجنتين في العقود الثلاثة المقبلة، انطلاقاً من منطقة «باتاغونيا» الشاسعة في أقصى الجنوب التي تختزن، بحسب تقديرات، ثاني أكبر احتياطي من الغاز ورابع احتياطي من النفط في العالم. وفي نهاية الشهر الماضي كانت أسعار أسهم شركة النفط الرسمية قد ارتفعت بنسبة 140% عن العام الفائت، فيما ارتفعت أسعار أسهم الشركات الخاصة 75%.

تمديد الإنفاق

في موازاة ذلك قرر ميلي تجميد الإنفاق على المشاريع العامة، بينما كان الاستهلاك يتراجع إلى أدنى مستوياته والصناعة الأرجنتينية تعاني على جبهات ثلاث: انخفاض المبيعات، وتدفق السلع المستوردة بأسعار تصعب منافستها، وتراجع الصادرات بسبب ارتفاع سعر البيزو مقابل الدولار الأميركي. إلى جانب ذلك، سحب ميلي جميع إجراءات الدعم التي كانت اتخذتها الحكومات السابقة لمساعدة الطبقات الفقيرة، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار النقل العام بنسبة 1000% وفواتير الغاز والكهرباء والتأمين الطبي والتعليم الخاص بنسب تزيد على 500%. وكانت الأشهر الستة الأولى من ولاية ميلي هي الأكثر صعوبة، إذ تزامنت مع نسبة تضخم قاربت 30% شهرياً بحيث تجاوزت نسبة المصنفين فقراء بين السكان 53%.

ستكون الأشهر الأولى من العام الثاني لولاية ميلي، حاسمة في تقدير عدد من المراقبين، لأنها ستبيّن مدى صمود شعبيته أمام انهيار الخدمات الأساسية والمساعدات التي تعيش نسبة عالية من السكان عليها، فيما يصرّ هو على رهانه بأن الفشل الذريع الذي تتخبط فيه القوى السياسية الأرجنتينية منذ عقود سيكون الخزان الذي سيغرف منه لترسيخ شعبيته حتى نهاية الولاية.