باريس: {سيدر} ليس مؤتمر مانحين للبنان

مصادر فرنسية شددت على ضرورة آلية المتابعة... والبنك الدولي وصندوق النقد من ضمنها

إعلان على واجهة مصرف لبناني وسط بيروت عشية انعقاد مؤتمر {سيدر} في باريس (أ.ب)
إعلان على واجهة مصرف لبناني وسط بيروت عشية انعقاد مؤتمر {سيدر} في باريس (أ.ب)
TT

باريس: {سيدر} ليس مؤتمر مانحين للبنان

إعلان على واجهة مصرف لبناني وسط بيروت عشية انعقاد مؤتمر {سيدر} في باريس (أ.ب)
إعلان على واجهة مصرف لبناني وسط بيروت عشية انعقاد مؤتمر {سيدر} في باريس (أ.ب)

لا تريد باريس أن ينظر إلى مؤتمر دعم الاستثمار والإصلاحات في لبنان الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية اليوم كحلقة جديدة من المؤتمرات التي استضافتها فرنسا في السنوات الماضية تحت اسم «باريس 1 و2 و3». وخلال تقديمها للمؤتمر، شددت المصادر الرئاسية على أن مؤتمر «سيدر» «ليس مؤتمر مانحين»، بل إنه ينعقد تتويجا لشهور من الاتصالات والمشاورات التي قامت فرنسا بإجراء القسم الأهم منها ليس فقط مع البلدان والهيئات المدعوة بل خصوصا مع الأطراف اللبنانيين، أكان الحكومة أو الجمعيات والمجتمع المدني.
وبحسب هذه المصادر، فإن مؤتمر اليوم الذي يختتم أعماله الرئيس ماكرون ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يدور حول ثلاثة محاور أولها التفاهم على خطة استثمارية في القطاعات الأساسية في لبنان كالمياه والطاقة والبنى التحتية والصحة والتعليم والتنمية المستدامة. وثانيها، النظر في الإصلاحات التي يعد لبنان بتنفيذها والتي هي إلى حد ما أحد الشروط ليحصل على الوعود المالية التي سيكشف عنها خلال المؤتمر. وبحسب هذه المصادر، فإن «الجميع يعي أن الاستثمارات لن تكون مفيدة من غير أن تسبقها إصلاحات بنيوية مهمة عمد الوفد الفني اللبناني الذي جاء إلى الاجتماع التحضيري قبل عشرة أيام إلى تفصيلها. أما الضلع الثالث للمؤتمر فهو بالطبع تعبئة الدول والمؤسسات المالية القادرة على المشاركة ولكن أيضا استنهاض القطاع الخاص اللبناني والأجنبي بحيث يتحمل قسطا من العبء المالي المترتب على هذه الخطط».
غير أن العنصر الجديد وربما يجوز وصفه بـ«الجوهري»، يكمن في الحرص العام على أن يقر المؤتمر إنشاء «آلية متابعة» لن يكون هدفها فقط «ملاحقة» الدول والأطراف التي تكون قد قدمت التزامات مالية لتنفيذ التزاماتها ولكن أيضا متابعة الإصلاحات المطلوبة من الدولة اللبنانية وخطتها الاستثمارية. وأفادت المصادر الرئاسية بأن هذه الآلية ستضم، إلى لبنان، عددا من الدول المشاركة، وخصوصا المؤسسات المالية الدولية وأهمها اثنتان وهما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. والجدير بالانتباه أن هذه «الآلية» لن تنطلق إلا بعد الانتخابات التشريعية التي ستجرى في لبنان في السادس من الشهر المقبل.
ويمكن فهم التأجيل من زاويتين: الأولى، عملية، وهي أنه يتعين انتظار نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة التي سيعود إليها تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالجانب اللبناني. والثانية، أن باريس التي هي اللولب الأساسي للمؤتمر لم ترد أن تعطي وقودا إضافيا لمن يصوب على المؤتمر والحكومة ويدعي أنها «سلمت البلد» إلى أطراف خارجية بحيث تسحب هذه الحجة من سوق الجدل السياسي.
حتى مساء اليوم، كانت الأرقام والمساعدات التي سيحصل عليها لبنان بأشكالها المختلفة غير واضحة. واستبقت الأوساط الرئاسية انعقاد المؤتمر لتؤكد أن نجاحه «ليس رهن الأرقام» التي ستعلن، وهي كذلك تستعيد تجارب الماضي حيث غالبا ما أُعلنت أرقام مرتفعة لم تتحقق أو رُصدت أموال لم يكن لبنان قادرا على استيعابها.
وبالمقابل، فإن التحدي في نظرها هو التوصل إلى خطة استثمارية ذات صدقية توافق عليها البلدان المشاركة والمؤسسات المالية الدولية. ومن المفترض أن يشارك في المؤتمر 40 دولة و10 مؤسسات مالية منها ما ينتمي إلى القطاع الخاص. وسيفتتح المؤتمر وزير الخارجية جان إيف لودريان والرئيس الحريري، بينما مسك الختام، بعد الظهر، فسيكون للرئيس ماكرون ومجددا للحريري.
وكشفت الأوساط الرئاسية عن أن الاتصالات التي أجرتها مع الطرف السعودي بينت أن الرياض «منخرطة بقوة» في المؤتمر.
وفي أي حال، فإن الأهداف السياسية للمؤتمر واضحة لجهة دعم لبنان الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية ومالية ألمت به منذ ثلاثين عاما فضلا عن تأثره بما يحصل في جواره المباشر. وهذا المؤتمر هو الحلقة الثانية من مؤتمرات الدعم للبنان بعد مؤتمر روما لدعم الجيش والقوات الأمنية الذي عقد في 15 فبراير (شباط) الماضي ومؤتمر بروكسل حول اللاجئين المقرر في 25 أبريل (نيسان) الحالي.



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.