حملات انتخابية تتصدرها شعارات «الأمن والاستقرار» تواجهها أخرى بـ«البيئة وفرص العمل»

جولة ترويج انتخابي لـ{المستقبل} في عكار شمال لبنان الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
جولة ترويج انتخابي لـ{المستقبل} في عكار شمال لبنان الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

حملات انتخابية تتصدرها شعارات «الأمن والاستقرار» تواجهها أخرى بـ«البيئة وفرص العمل»

جولة ترويج انتخابي لـ{المستقبل} في عكار شمال لبنان الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
جولة ترويج انتخابي لـ{المستقبل} في عكار شمال لبنان الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)

تخوض الأحزاب اللبنانية والقوى الممثلة في الحكومة والمجلس النيابي الآن، حملاتها الانتخابية بشعارات سياسية ومضامين مرتبطة بالأمن والاستقرار و«بناء الدولة القوية»، وتواجه بها القوى الأخرى في المعركة الانتخابية التي ترفع شعارات التنمية والبيئة وتحسين الوضع الاقتصادي وإيجاد فرص العمل، في وقت تتجنب كبرى الأحزاب تقديم وعود من هذه الناحية، على ضوء التعقيدات التي تشوب الاقتصاد اللبناني وطريقة إدارة الملفات.
ويحمل المنافسون في الدوائر الانتخابية لأحزاب السلطة، ملفات الفساد والتقصير في تقديم الخدمات، لتواجه بها كبرى الأحزاب مثل «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، وغيرها من القوى الموجودة في الحكومة، وهو ما دفع الأخيرة للتأكيد بأن الحفاظ على الاستقرار أولوية تتصدر الملفات الحياتية الأخرى.
وعبّر «تيار المستقبل»، أول من أمس، عن منحه الاستقرار أولوية في تجربته السياسية، إذ أعلن أمينه العام أحمد الحريري خلال جولة انتخابية في البقاع (شرق لبنان)، «أن هدف الرئيس سعد الحريري تحصين الاستقرار الأمني والمؤسساتي والحفاظ على اتفاق الطائف». وشدد الحريري على أن «تيار المستقبل يمثل الأكثرية الصامتة والمعتدلة في البلد، والتي يحاول معها حماية لبنان من النار المشتعلة في المنطقة».
من جهته، دعا النائب نديم الجميل في خطاب له في الأشرفية، الناخبين للاختيار «بين الصح والخطأ، بين مرجعية الدستور ومرجعية ولاية الفقيه، بين سيادة الجيش وغابة الميليشيات المسلحة، بين القرارات الدولية 1559 و1701 وبين 7 مايو (أيار) جديد».
في المقابل، يتبنى رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل خطاب المجتمع المدني، إذ أعلن بيان صدر عقب لقائه بالمرشح كميل دوري شيمعون، أن يوم السادس من سيكون فرصة حقيقية للناخب في لبنان عامة والشوف وعاليه بشكل خاص، ليختار ممثلين له يحملون معهم إلى الندوة البرلمانية نهجا جديدا في التعاطي مع الأزمات المزمنة التي يعاني منها لبنان، فيصوتون لمن أثبت أنه حريص على وضعهم الأمني والاقتصادي والمعيشي والبيئي ويحمل مشروعا واضحا لتحقيق أهدافه».
في المقابل، ورد في إعلان للائحة المجتمع المدني في المتن، على لسان المرشحة نادين موسى، «إننا للمرة الأولى في تاريخنا، نملك الإمكانية والقدرة لإيصال قضايانا وأولوياتنا إلى المجلس النيابي، ولمعالجة مشكلاتنا الحياتية والمعيشية والاقتصادية والتربوية والبيئية والصحية وغيرها».
وتكرس الأحزاب الممثلة في الحكومة، خطاب استراتيجيتها السياسية، لأنها «لا تستطيع أن تقدم وعوداً إضافية في مجال الإنماء، بعد أن بات الجمهور لديه قدرة على الوصول إلى لمعلومات»، وهو ما يدفعها لالتزام «خطاب الاستراتيجية السياسية»، ومن ضمنه «خطاب التخويف»، كما قال الباحث السياسي اللبناني الدكتور مكرم رباح.
وأضاف رباح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتخابات النيابية لم تقم خلال التجارب السابقة إلا على فكرة تكريس زعيم وخيار سياسي، ولم تقم على خطة سياسية»، مشيراً إلى أن «المنافسين المدنيين للأحزاب التقليدية الآن، لا يمتلكون مشروعاً وخططاً غير مشروع إنتاج زعامة جديدة»، مضيفاً: «المجتمع المدني الآن، مثل أحزاب السلطة، لا يخوض الانتخابات على خطة سياسية واقتصادية مدروسة»، مستدلاً على العثرات في تجربة الانتخابات البلدية في «بيروت مدينتي».
وأوضح رباح أن هذا الخطاب الانتخابي «طبيعي لأن الأحزاب هي التي تمثل السلطة الحالية في لبنان، وتدرك أن الخلل قائم في المحاصصات، وتطبق على أرض الواقع خططا مختلفة عن الخطط المرسومة»، مضيفاً: «انطلاقاً من هنا، لا يستطيعون الترويج لخطط ووعود بالتنمية، لأن الناس منفتحة وتستطيع الوصول للمعلومات التي قد تضع الأحزاب في موقف حرج». وأشار إلى أن الأفكار المطروحة في الخطاب الانتخابي «تقليدية ولا يمكن أن تغير في الواقع الإنمائي»، مؤكداً أن الاقتصاد فعلياً «لا يدار من الحكومة بل من مصرف لبنان».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».