احتدام الخلافات بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية ينذر بخطر في مقديشو

«أميصوم» تمنع معارك في مقر البرلمان بين ترويكا السلطة

TT

احتدام الخلافات بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية ينذر بخطر في مقديشو

حالت قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، مساء أول من أمس، دون حدوث اقتتال دموي بين أطراف الترويكا الحاكمة في البلاد، بعدما تدخلت في اللحظات الأخيرة على خلفية التوتر الذي يسود العلاقة بين المؤسستين التشريعية والبرلمانية، بينما تم اعتقال 45 جنديا على الأقل بتهمة اقتحام مقر البرلمان في العاصمة الصومالية مقديشو.
وكان نواب اتهموا رئيس البرلمان محمد جواري بالاستيلاء على مقر البرلمان في مقديشو، إلا أنه نفى ذلك ووصف في مؤتمر صحافي الاتهام بأنه لا أساس له من الصحة.
وقال جواري إنه لا يمكن أن يسيطر حرسه المكون من 11 جنديا على مقر مجلس الشعب، مؤكدا أنه شخصيا منع دخول المجلس بأمر من وزير الأمن حيث أوقف موكبه خارج مقر المجلس، كما منع أكثر من مائة نائب من دخول مقر البرلمان.
وأوضح أنه التقى بقادة الجيش الصومالي وطالبهم بالتزام الدستور الذي يأمرهم بالحياد وعدم الانخراط في السياسة، لكنه أشار إلى أنهم لم يلتزموا بذلك.
وأبدى جواري استغرابه من نشر آلاف الجنود في شوارع العاصمة ودخول بعضهم إلى قاعة المجلس، مشيرا إلى أن قيادات الجيش يتعرضون لضغوط كبيرة تجبرهم على خرق القانون، حسب تعبيره. وفي المقابل، أعلن قائد الجيش الوطني الجنرال عبد الولي جورد أنه تم إيقاف أغلب القوات التي اقتحمت مقر البرلمان الفيدرالي عنوة بالأسلحة وإحالتهم للتحقيق، مشيرا في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس إلى أن قوات الجيش الصومالي تتعقب الجنود الذين كانوا يرتدون الزي الأبيض.
وقال جورد في تصريحات بثتها وكالة الأنباء لصومالية الرسمية إن المعلومات التي تلقاها تشير إلى احتمال وجود قوات أخرى ليست من القوات المسلحة قد اندست في صفوفها من أجل تنفيذ فعلتها غير القانونية، موضحا أنه تم القبض على الجنود الذين خالفوا القانون، حيث سيتم اتخاذ الخطوات المناسبة بحقهم.
كما أن الوضع الحالي تحت السيطرة، حيث انتهت عملية القبض على الجنود المخالفين بسلام من أماكن وجودهم.
وقالت مصادر في الحكومة الصومالية وأخرى في قوات أميصوم لـ«الشرق الأوسط» إن العميد بول لوكيش القائد الأوغندي للقوات الأفريقية، توسط للتوصل إلى تفاهم مؤقت بين رئيس البرلمان محمد جواري ورئيس الحكومة علي حسن خيري، لمنع استفحال الخلافات بين الطرفين، مشيرة إلى أن قوات بعثة «أميصوم» ستتولى تأمين مقر البرلمان الصومالي في العاصمة مقديشو إلى حين إشعار آخر.
وظهر لوكيش في عدة لقطات فيديو مصورة متحدثا إلى قادة في ترويكا الحكم الصومالي من بينهم رئيس البرلمان جواري، وهو يحدد ثلاثة خيارات لحل الأزمة الناشبة في البلاد، بينما كان يحث المسؤولين في الصومال على وضع مصالح بلادهم العليا فوق أي خلافات ثنائية طارئة.
وقال لوكيش إنه يمنح 3 خيارات لكل من السلطة التنفيذية والتشريعية لحل الخلافات العالقة بينهما، في مقدمتها تولي قوات «أميصوم» مسؤولية تأمين مقر البرلمان بحيث يمكن للنواب أن يناقشوا بحرية الخلافات بينهم، أو البحث عن أرض محايدة لعقد اجتماع بين مسؤولي الطرفين، مستبعدا الخيار الثالث الذي قال إنه يتضمن انسحاب قوات أميصوم وترك أعضاء البرلمان لحل مشكلاتهم. وهدد خلاف بين جواري رئيس البرلمان الصومالي من جهة، والرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورئيس حكومته حسن على خيري، من جهة أخرى، لفترة قصيرة، بالتحول إلى العنف في أحدث تطور في جدل معقد بشأن مقترح بتأجير ميناء رئيسي لشركة تسيطر عليها الإمارات العربية المتحدة. ونجا جواري المتهم بتجاوز سلطات التشريعية وعرقلة الإصلاح الدستوري من اقتراح حجب الثقة، بعدما ألغى الرئيس فرماجو جلسة للبرلمان للتصويت على الإطاحة به.
وحاول مجلس الشيوخ في البرلمان التوسط في أكبر أزمة سياسية منذ تولي الحكومة السلطة منذ أكثر من عام، بينما اضطر الرئيس فرماجو إلى تأجيل عدة اجتماعات ورحلات للخارج لمحاولة إنهاء هذه الأزمة. وشهد مقر البرلمان الصومالي في الساعات الأخيرة حالة من الفوضى وتبادل اتهامات بين طرفي الخلاف، حيث يتهم بعض النواب، رئيس البرلمان بالزج بقوات موالية له لعرقلة جلسة البرلمان، بينما يتهم نواب آخرون موالون لجواري، الحكومة، بمنع النواب من الدخول إلى مقر البرلمان واحتجازهم عند المدخل، وكذلك نشر قوات إضافية في محيط المقر.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.