معركة الرسوم الأميركية ـ الصينية تدخل مراحل «تكسير العظام»

واشنطن تستهدف واردات قيمتها 50 مليار دولار... و«بوينغ» و«الصويا» في مرمى تهديدات بكين

معركة الرسوم الأميركية ـ الصينية تدخل مراحل «تكسير العظام»
TT

معركة الرسوم الأميركية ـ الصينية تدخل مراحل «تكسير العظام»

معركة الرسوم الأميركية ـ الصينية تدخل مراحل «تكسير العظام»

دخلت معركة الرسوم الأميركية الصينية التي تهدد بإشعال حرب تجارية عالمية بين أكبر اقتصاديين في العالم مرحلة متقدمة أمس، بعد أن أفصحت واشنطن عن قائمة تحتوي 1333 منتجا صينيا في قطاعات التكنولوجيا والصناعة، مستهدفا بضرائب جمركية تصل إلى 25 في المائة، فيما هددت بكين برد قاس عبر استهداف القطاعات ثقيلة الوزن من وارداتها الأميركية خاصة الطائرات والسيارات وفول الصويا... ورغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب غرد قائلا إنه ليس بصدد حرب تجارية مع الصين، إلا أن بكين أكدت أن أميركا تضيع الفرصة تلو الأخرى لحل المشكلة.

وفي تعليق سريع عقب التصعيد الكبير المتبادل، أكد أنخيل جوريا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أمس الأربعاء أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين «مقلق»، وذلك بعدما تبادلت البلدان فرض رسوم جمركية على واردات قيمتها 50 مليار دولار. وقال في معهد تشاتام هاوس الدولي البحثي في لندن: «هذا أمر مقلق للغاية. تتحدثون عن أكبر بلدين تجاريين في العالم». وأضاف: «هذا ليس في مصلحة أحد، إنه أمر سيئ... وضع يخسر فيه الجميع».
بينما توقع وزير التجارة الأميركي ويلبور روس أمس أن تقود الإجراءات التجارية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين - على الأرجح - إلى اتفاق عن طريق التفاوض، لكن لم يتضح إن كانت هذه المحادثات ستجرى قبل نهاية مايو (أيار) أو بعد ذلك.
وقال روس في مقابلة مع «سي إن بي سي»: «لن يكون مفاجئا بالمرة أن يثمر ذلك كله عن مفاوضات من نوع ما». وأضاف: «من الصعب جدا تحديد إطار زمني معين لمفاوضات معقدة كهذه».
وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء، كشفت إدارة الرئيس الأميركي عن قائمتها المستهدفة ضريبيا من السلع الصينية، في إطار مسعاها لحمل بكين على تغيير ممارساتها للملكية الفكرية، بحسب قولها.
وكشف مكتب الممثل التجاري الأميركي النقاب عن قائمة غالبيتها «منتجات غير استهلاكية»، تمثل واردات سنوية قيمتها نحو 50 مليار دولار. وتشمل القائمة منتجات في مجالات الطيران والفضاء، وتكنولوجيا المعلومات، والنقل والكيماويات وأجهزة الطبية. وقال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر إن الولايات المتحدة بحاجة إلى اتخاذ «إجراءات فعالة لمواجهة الصين بسبب جهودها التي تقودها لدفع سياسات القوة وحتى سرقة التكنولوجيا الأميركية والملكية الفكرية».
وستطرح القائمة للتعليقات العامة بعد نشرها، ومن المتوقع أن تستمر فترة المشاورات نحو شهرين. وجرى استثناء الكثير من المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية مثل الهواتف المحمولة التي تصنعها «آبل»، وأجهزة الكومبيوتر المحمول التي تصنعها «دل»، وكذلك الأحذية والملابس، مما أثار حالة من الارتياح بين تجار التجزئة الذين كانوا يخشون ارتفاع التكلفة على المستهلكين الأميركيين.
وتدعم الكثير من دوائر الأعمال الأميركية جهود ترمب لوقف «سرقة الملكية الفكرية الأميركية»، لكنها تشكك فيما إذا كانت الرسوم الجمركية هي الأسلوب الصحيح. وتحذر هذه الدوائر من اضطراب سلاسل الإمداد التي تعتمد على مكونات صينية بما يرفع التكاليف على المستهلكين في نهاية الأمر. كما يحذر عدد من كبار رجال الأعمال وأعضاء من حزب ترمب الجمهوري من تلك التعريفات.
لكن ترمب أكد أمس إنه لا يهتم بالخسائر المحتملة للمعركة... قائلا في تغريدة على موقع «تويتر»: «حينما تكون متأخرا (في الميزان التجاري) بـ500 مليار دولار... لا تهمك الخسارة»، في إشارة إلى السلع ذات الـ50 مليار دولار التي قد تستهدفها الصين... وذلك عقب ساعات من تغريدة أخرى قال فيها: «لسنا في حرب تجارية مع الصين... هذه الحرب خسرها بالفعل أشخاص حمقى وغير أكفاء كانوا يمثلون الولايات المتحدة؛ منذ أعوام كثيرة...» متابعا بقوله: «نحن الآن لدينا عجز تجاري بقيمة 500 مليار دولار سنويا، وسرقة ملكية فكرية بقيمة 300 مليار دولار أخرى. لا نستطيع أن ندع هذا يستمر».
ونددت الصين بشدة بالخطوة التصعيدية الأميركية، ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن متحدث باسم وزارة التجارة في بيان أن تلك المقترحات «غير مستندة لأي أساس»، ووصفها بأنها «ممارسة أحادية وحمائية تدينها الصين وتعارضها بشدة».
وقالت شينخوا إن الصين تعتزم إحالة تلك الإجراءات الأميركية إلى منظمة التجارة العالمية، وإنها مستعدة لاتخاذ إجراءات مضادة حيال المنتجات الأميركية بـ«نفس القوة والحجم». وأشارت وزارة التجارة إلى أنها بدأت بالفعل إجراءات أمام منظمة التجارة بشأن تحقيق بموجب المادة 301 من قانون التجارة الأميركي أمس. فيما حث سفير الصين لدى المنظمة تشانغ شيانغ تشين الدول الأعضاء على «التعاون مع الصين في التصدي بحزم للحماية التجارية الأميركية».
وفي غضون ذلك، قالت وزارة المالية الصينية إن بكين ستفرض رسوما إضافية نسبتها 25 في المائة على 106 منتجات أميركية، من بينها فول الصويا والسيارات والكيماويات وبعض أنواع الطائرات والذرة بالإضافة إلى منتجات زراعية أخرى.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ في مؤتمر صحافي أمس: «الجانب الأميركي ضيع - أكثر من مرة - فرصا كبيرة لحل المشاكل والمناقشات». وأضاف: «بالفعل، لقد قلنا عدة مرات من قبل إنه لا يوجد فائز في الحروب التجارية. الدولة التي بدأت الحرب التجارية سوف تضر الآخرين في النهاية وتلحق الضرر بنفسها»، موضحا أن الصين «يمكنها تحمل» تأثير الصراع التجاري.
وبحسب بيان منفصل من وزارة التجارة، فإن حجم المنتجات المستهدفة بالرسوم الجمركية بلغ 50 مليار دولار في 2017. وقالت الوزارة إن رسوما إضافية ستُفرض على منتجات مثل الويسكي والسيجار والتبغ وبعض أنواع لحوم الأبقار والزيوت والبروبان ومنتجات بلاستيكية أخرى. وأضافت أن الرسوم الجديدة ستُفرض أيضا على عصير البرتقال الأميركي وبعض منتجات الذرة السكرية والقطن وبعض أنواع القمح، إضافة إلى الشاحنات وبعض السيارات الرياضية المتعددة الاستخدامات وسيارات كهربائية محددة.
ويقول الخبراء إن الرسوم الصينية على المنتجات الزراعية الأميركية، ومنها فول الصويا، سوف تلحق الضرر بالمزارعين الذين ينتمون بصورة كبيرة لولايات صوتت لصالح الرئيس الأميركي دونالد ترمب. كما أن شركة بوينغ الأميركية لصناعة الطائرات قد تتضرر، حيث إن شركات الطيران الصينية قد تقرر شراء مزيد من الطائرات من شركة إيرباص الأوروبية.
ويشار إلى أن أميركا تصدر 62 في المائة من فول الصويا و25 في المائة من طائرات بوينغ للصين، وذلك بحسب ما ذكرته وزارة الخارجية الصينية.


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
TT

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب، والذي عَدَّ أن هذا المشروع سيكون إضافة نوعية لسوق العقارات الفاخرة في السعودية.

وعبّر إريك ترمب، في كلمة له، عن فخره وسعادته بإطلاق هذا المشروع، وقال: «نحن متحمسون جداً لتقديم مشروع يجسد معايير الفخامة والابتكار، ويعكس التزام منظمة ترمب بالجودة العالمية».

برج ترمب جدة هو مشروع سكني فاخر يقع في منطقة استثنائية على كورنيش جدة، ويتميز بإطلالات مباشرة على البحر الأحمر، مع قربه من أبرز معالم المدينة مثل النافورة الملكية، والمارينا، وحلبة سباق الـ«فورمولا 1».

ويضم البرج، وهو بارتفاع يصل إلى 200 متر على 47 طابقاً، 350 وحدة سكنية تتنوع بين شقق فاخرة من غرفة إلى أربع غرف نوم، إضافة إلى بنتهاوس فاخر بثلاث وأربع غرف نوم.

وجرى تصميمه بلمسات تجمع بين الأناقة العصرية والرقيّ الكلاسيكي، حيث جرت مراعاة أدق التفاصيل لتوفير تجربة سكنية فاخرة بإطلالات ساحرة على البحر الأحمر، مما يجعله أحد أبرز معالم جدة المستقبلية.

تبدأ أسعار الوحدات السكنية في برج ترمب جدة من مليونيْ ريال، وتصل إلى 15 مليوناً. وقد بِيعت جميع الوحدات التي بلغت قيمتها 15 مليون ريال، مع بقاء عدد محدود من الوحدات بأسعار تبدأ من 12 مليوناً.

إريك ترمب ابن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ومن بين أبرز مبيعات البرج، جرى بيع وحدة سكنية مميزة تحتل مساحة كامل الدور، بسعر قياسي بلغ 50 مليون ريال، ما يعكس الطلب الكبير على العقارات الفاخرة في السوق السعودية وجاذبيتها للمستثمرين المحليين والدوليين.

جرى تنفيذ هذا المشروع بالشراكة بين منظمة ترمب وشركة «دار غلوبال» للتطوير العقاري، المُدرجة في بورصة لندن.

تُعد «دار غلوبال» من الشركات الرائدة عالمياً في مجال العقارات الفاخرة، حيث تدير مشاريع بقيمة إجمالية تتجاوز 5.9 مليار دولار في 6 بلدان تشمل الإمارات، وعمان، وقطر، وبريطانيا، وإسبانيا، والبوسنة.

يأتي هذا المشروع ضمن طفرة عقارية تشهدها المملكة، حيث جرى الإعلان عن مشاريع بقيمة 1.3 تريليون دولار في السنوات الثماني الماضية.

ويُعدّ برج ترمب جدة جزءاً من «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز قطاع السياحة والترفيه، وجذب الاستثمارات الأجنبية.