زياد العذاري... عراقي يستحضر أزياء ملكات الرافدين منذ أكثر من 5 آلاف سنة

المصمم زياد العذاري يحيّي الجمهور بعد عرضه  -  الإكسسوارات كانت مكملاً أساسياً في العرض
المصمم زياد العذاري يحيّي الجمهور بعد عرضه - الإكسسوارات كانت مكملاً أساسياً في العرض
TT

زياد العذاري... عراقي يستحضر أزياء ملكات الرافدين منذ أكثر من 5 آلاف سنة

المصمم زياد العذاري يحيّي الجمهور بعد عرضه  -  الإكسسوارات كانت مكملاً أساسياً في العرض
المصمم زياد العذاري يحيّي الجمهور بعد عرضه - الإكسسوارات كانت مكملاً أساسياً في العرض

عندما تلتقي مناسبة مع حدث يحمل طيفها وروحها، حينها يبدع الخيال بإخراج الفكرة بأروع حلّة. وبلمسة مصمم أزياء راقية يزيد الجمال جمالاً ليجسّده صانعه على منصة عرض. خلال فعالية Designers & Brands التي شهدتها العاصمة بيروت على مدى 3 أيام، شارك مصممون من 16 دولة عربية وأجنبية ليستعرضوا مهاراتهم ورؤيتهم وإرثهم. من بين هؤلاء كان زياد العذاري، مصمم عراقي، أخذ الحضور في رحلة إلى النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد، من دون أن يتناسى ما للحواس إنْ اجتمعت، من تأثير على الرّوح، فاستعان بأنغام الموسيقى الوترية المشتقة من القيثارة السومرية لعرض أزيائه. فهو شاب قادم من أرض انبثقت منها أولى الحضارات الإنسانية.
يقدّم العذاري مجموعته الجديدة عن المرأة، وعنها يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صادف موعد العرض يوم الأم، فقرّرتُ أن أتناول المرأة العراقية بمختلف مراحلها التاريخية، فكانت المجموعة أشبه بحكايات تروي للمُشاهد عبق الزّي العراقي وأصالته منذ سومر إلى يومنا هذا». «سومريات»، كان العنوان الذي اختاره العذاري لتصميماته. وبرسالة حب حملها معه من العراق إلى بيروت يحكي روايات نساء من موروث بلاده الذي ألهمه الكثير من الأفكار ليخرج بمجموعة متميّزة لاقت كل الإعجاب والتقدير. ويتابع: «استندتُ إلى التاريخ الشعبي العراقي وموروثه، في اختيار الأشكال والرموز والرّسوم التي زيّنتُ بها التصاميم، ولم أنسَ أن أستخدم بعضاً من لوحات الرسامة العراقية سرى الخفاجي التي تناولت المرأة العراقية بطريقة جمالية عالية». ويستطرد: «اخترت التطريز والرّسوم في عروضي، وكان للخط العربي مكانته الخاصة في التصميمات، كما هيمنت الرّموز السومرية والبابلية والأشورية على المجموعة، ليتداخل النّحاس مع الأحجار في البعض منها».
تميّزت مجموعة العذاري بجرأة استخدامه الإكسسوارات، فهو يرى أنّ «الزّي صورة جمالية متكاملة، من الرأس إلى القدم، ولا بدّ أن يُدعم بإكسسوارات مكمّلة له تزيد من جماليته وفق تناسق تاريخي وإبداعي». لذا ارتأى أن يفتتح مجموعته بزي مستوحى من الملكة شبعاد التي تشتهر بغطاء الرأس المذهّب والمرصّع بالأحجار الكريمة، لتلحق بها عشتار بظهور آخَر استخدم فيه «غطاء الرأس المزيّن بالزهور واللون الأخضر لدّلالة على الخصب والحب والحياة». «التأثر مرحلة مهمة، وكلّ مصمم يجب أن يمرّ بها»، يقول العذاري، ويضيف: «ولعي وشغفي الكبيرين كانا بالمصمم العالمي جون غاليانو، إذ أشعر أنّه يخاطب أفكاري، وهناك تواصل روحي وفكري بيني وبينه». يُعرّف العذاري الـ«هوت كوتير»، بأنّها من أهم وأصعب أنواع التصميم، كونها تعتمد على العمل اليدوي من الألف إلى الياء.
ولم يكتفِ العذاري بما ألهمته أرض العراق وملكاتها عبر التاريخ، بل هو يرى أنّ «محاكاة الآخر بدلالة الموروث هي أروع محاكاة، وقد استخدمتُ في بعض التصاميم إكسسوارات ترتبط بالثقافة اللبنانية والمصرية والمغربية، إذ إنّ المرأة في مفهومي، واحدة في كل بقاع الأرض». ويختم حديثه بقوله: «المصمم لا يصمم ثياباً تباع في الأسواق العامة، إنّما هو من يحمل فكرة ورسالة وفلسفة إنسانية يخاطب بها العالم أجمع».


مقالات ذات صلة

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

لمسات الموضة ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

اهتمام الملك تشارلز الثالث بالموضة، وبكل ما يتعلق بالبيئة، أمر يعرفه الجميع منذ أن كان ولياً للعهد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
TT

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

بوصفها أول مديرة إبداعية يجري تعيينها لقسم الأكسسوارات والسلع الجلدية في «بولغاري» للجواهر، لم يكن أمام المصمِّمة اليونانية الأصل، ماري كاترانتزو أي خيار سوى العودة إلى جذور الدار لتستوحي من تاريخها ما يزيد من وهجها وبريقها. لم تكن المهمة صعبة؛ نظراً لتاريخ يمتد على مدى قرون، ويحوي ما لا ينضب من الأفكار والأحجار الكريمة. بعد تفكير، وجدت أن حمامات كاراكالا، واحدة من عجائب روما السبع في العصور القديمة، وزهرة الكالا بشكلها العجيب، تُشَكِّلان نَبْعَيْنِ يمكن أن تنهل منهما، ومن هنا جاءت التسمية التي أطلقتها على المجموعة «كالا».

ماريا كاترانتزو وحقيبة مرصعة بالأحجار تجسد فسيفساء حمامات كاراكالا (بولغاري)

عندما أعلنت «بولغاري» في شهر أبريل (نيسان) الماضي التحاق ماري كاترانتزو، بها مديرةً فنيةً للمنتجات الجلدية والأكسسوارات، باركت أوساط الموضة والجواهر على حد سواء هذا القرار؛ فهذه خطوة ذكية من شأنها أن تَضُخَّ دماءً شابة بدار يبلغ عمرها أكثر من قرن. كان اسم ماري كاترانتزو وحده يكفي كي يثير فضول عشاق الجمال والإبداع؛ لأنهم يتوقعون منها إبداعات مهمة؛ كونها تتمتع بصيت طيب منذ تخرجها في معهد سانترال سانت مارتنز في عام 2008، لتصبح من بين أهم المصمِّمين الشباب المشاركين في أسبوع لندن. ومنذ سنوات قليلة، انتقلت للاستقرار في بلدها الأصلي، وتحديداً أثينا، لكن اسمها ظل محفوراً في أوساط الموضة، ومنقوشاً بطبعاتها الفنية الجريئة وتصاميمها الهندسية المثيرة.

المصممة ماري كاترانتزو مع المؤثرة الإيطالية أناديلا روسو (بولغاري)

بعد استقرارها في أثينا، بدأت سلسلة من الشراكات كانت دائماً تحقق النجاحِ؛ ففي عام 2019 قدمت عرضاً فخماً من خط الـ«هوت كوتور» في أثينا على خلفية معبد بوسيدون. في هذا العرض، تزيَّنت العارضات بجواهر من «بولغاري» عزَّزت فخامة الصورة من جهة، ودشَّنت علاقتها بالدار الرومانية من جهة ثانية. ربما يتساءل البعض عن كيف لدار متجذرة في التاريخ الروماني أن تتعاون مع مصممة يونانية، خصوصاً أن إيطاليا لا تفتقر إلى المواهب الشابة والمحترفة، ليأتي الجواب بسيطاً، وهو أن مؤسس الدار في الأصل يوناني، اسمه سوتيريو بولغاريس، كان ذلك منذ أكثر من قرنين من الزمن، لكن تغيَّرت فيه الأماكن وكذلك الاسم من «بولغاريس» إلى «بولغاري».

بالنسبة لدار تخصصت في الجواهر أولاً وأخيراً، فإن قرار تعيين مصمِّمة أزياء في منصب إبداعي، أمرٌ تكتيكي وذكي يستهدف ضخ دماء جديدة على قسم الأكسسوارات، وفي الوقت نفسه يريد استقطاب عميلات يعشقن أسلوب كاترانتزو، ولا يزال بداخلهن حنين للمساتها الفنية. تشير المصمِّمة إلى أن القرار لم يُتَّخذ بشكل سريع؛ فعلاقتها بالدار والمجموعة المالكة لها «إل في إم إتش» عمرها سنوات، بدأت بشكل تدريجي وعضوي بشراكات كثيرة، منها مشاركتها في عام 2021، في سلسلة الشراكات التي أطلقتها «بولغاري» تحت عنوان «سيربنتي بعيون...» وهي فعالية تستضيف فيها كل مرة مصمِّماً يضع بصماته الفنية على منتجها الأيقوني.

تقول ماري كاترانتزو إنها استلهمت من أرضية الحمامات وفسيفسائها المتعددة الألوان، شكل مروحة رصَّعتها في ورشات الدار بفلورنسا، باللؤلؤ والجمشت والزمرد والذهب؛ حيث أرادتها أن تحاكي قطعة جواهر بكل المقاييس، وهو ما كان. أمَّا من زهرة الكالا فاستلهمت شكلها النحتي المتعرج الذي يرمز للقوة والمرونة. وتشمل المجموعة حقائب «مينوديير» للسهرة، وأخرى جلدية لكل المناسبات، إلى جانب أوشحة حريرية. كانت التجربة ناجحة على المستويين التجاري والفني على حد سواء؛ فماريا تُدرك تماماً أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، وهو ما أكده المصمِّم السعودي زياد البوعينين الذي تدرَّب في بداياته على يدها قائلاً في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إن العمل معها عن قُرب كان فرصة ذهبية بالنسبة له، حيث «تعلمت منها الكثير من الأمور التي ساعدتني على فهم كيف تُدار أي دار أزياء أو شركة صغيرة من الداخل»، وتابع: «لم يكن العمل مع ماريا كاترانتزو ممتعاً من الناحية الفنية فحسب، بل فتح عيني على أمور كثيرة كانت غائبة عني بوصفي مصمماً شاباً يعتقد أن الابتكار في التصميم وحده يكفي».