السودان: تفاقم أزمة الوقود وصفوف السيارات تعرقل حركة السير

TT

السودان: تفاقم أزمة الوقود وصفوف السيارات تعرقل حركة السير

أعلن السودان وصول كميات كافية من المحروقات لمواجهة أزمة حادة في المواد البترولية حولت محطات الخدمة إلى طوابير من السيارات في معظم مدن البلاد، بما في ذلك العاصمة الخرطوم التي عادت فيها «صفوف الوقود»، التي كانت قد اختفت من البلاد منذ عصر البترول أواخر تسعينات القرن الماضي.
وتراصفت مئات السيارات حول محطات الوقود في العاصمة الخرطوم، ومدن ودمدني والقضارف وكسلا، ومدن أخرى في البلاد، وتفجرت ملاسنات حادة بين سائقيها أدت لعرقلة حركة السير، وتسببت في اختناقات حادة في الشوارع الرئيسية، بيد أن المركز السوداني للخدمات الصحافية (حكومي) نقل عن وزير الدولة بالمالية عبد الرحمن ضرار، أمس، وصول كميات كافية من المواد البترولية، وأن شاحنات بحمولة 160 ألف طن من الجازولين، و120 ألف طن من البنزين، وصلت ميناء بورتسودان.
كان ضرار قد ترأس اجتماعاً تنسيقياً ضم وزارات المالية، والنفط والغاز، وبنك السودان المركزي، والمؤسسة العامة للنفط، وجهات معنية أخرى، بحث «أزمة» المحروقات الحادة التي تواجهها البلاد منذ الأسبوع الماضي.
ومنذ منتصف مارس (آذار) الماضي، بدأت صفوف الراغبين في الحصول على المحروقات بندرة في غاز الطهي، وشوهد كثير من المواطنين ينتقلون من مركز توزيع إلى آخر دون جدوى، بل وتناقلت وسائل الإعلام الاجتماعية صوراً لصفوف طويلة من «أنابيب الغاز» تمتد إلى ما لا نهاية، وارتفع سعر القنينة الواحدة من 130 جنيهاً إلى 200 جنيه؛ ولا يحصل عليها الكل بهذا السعر المرتفع.
وعلى الرغم من أن الاجتماع التنسيقي طمأن على انسياب المواد البترولية بما يكفي حاجة البلاد لأكثر من شهرين، بما في ذلك غاز الطهي، وأكد أنها «أزمة مؤقتة» نتجت عن أعمال الصيانة السنوية لمصفاة النفط السودانية، فإن المواطنين يقولون إنها أزمة مفتعلة لزيادة أسعار المحروقات.
وفي تفسير الأزمة غير المسبوقة، يقول الصحافي المختص بالاقتصاد أحمد خليل لـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة نتجت بشكل أساسي عن تغيير طريقة تسليم المواد البترولية للولايات، بعد إصدار الحكومة لقرارات جديدة قضت بتسلم الولايات لحصصها من المواد البترولية من الميناء في بورتسودان، بعد أن كانت تتولى نقلها إليها.
ويصف خليل التبريرات الحكومية للأزمة بأنها «واهية متناقضة»، ويقول: «الحكومة لا تقدم للمواطنين الحقائق، ولا تتعامل بشفافية، ما يدفع البعض للقول إنها تفتعل أزمات لزيادة الأسعار»، ويضيف: «المسؤولون لا يواجهون الأوضاع بالشفافية الكافية، لذلك تتناقض تصريحاتهم، فتثير المزيد من البلبلة بين المواطنين».
وأصابت أزمة المحروقات البلاد بالشلل شبه تام، وتوقفت أعداد كبيرة من الشاحنات والسيارات العامة والخاصة حول محطات الخدمة في صفوف طويلة، كما أدت لتوقف عمليات الحصاد في عدد من المناطق من البلاد، وعادت الصفوف الطويلة للظهور، مثيرة موجة من السخط الشعبي، دفعت البعض لأن يذكر الحكومة بأن واحداً من مبررات انقلاب «الإنقاذ»، في يونيو (حزيران) 1989، الذي أتى بالرئيس البشير، كان «صفوف الوقود» واقتصاد الندرة، ويسخر نشطاء ومعارضون: «ها قد عدنا للمكان الذي أنقذونا منه بعد ثلاثين سنة».
ويخشى على نطاق واسع من اندلاع احتجاجات شعبية مثيلة لتلك التي شهدتها البلاد في سبتمبر (أيلول) 2013، إثر قرارات حكومية برفع الدعم عن السلع والمحروقات، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى، حسب تقارير منظمات حقوقية.
وينتج السودان 90 في المائة من احتياجاته من وقود السيارات الخفيف (بنزين)، ويستورد ما يساوي 10 في المائة منه، فيما يستورد 100 في المائة من احتياجاته من وقود الديزل (الجازولين)، كما يستورد نسباً كبيرة من احتياجاته من غاز الطهي.
ويعانى الاقتصاد السوداني منذ 1997 من تأثير العقوبات الأميركية - رفعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي - لكنه لا يزال يخضع لتأثير إبقائه في قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ما يحول بينه وبين الاقتراض من المؤسسات المالية، والاستفادة من مبادرة إعفاء الديون.
وقد واجه الاقتصاد السوداني أزمة هيكلية بعد انفصال دولة جنوب السودان في 2011، بخسارته لنحو 75 في المائة من إنتاجه النفطي، الذي كان يبلغ 470 ألف برميل يومياً، وكان يمثل مصدراً رئيسياً للعملات الأجنبية، ونحو 80 في المائة من عائداته من العملات الأجنبية فقدها دفعة واحدة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.