الجامعة العربية تطالب بتحقيق دولي في جرائم «يوم الأرض»

TT

الجامعة العربية تطالب بتحقيق دولي في جرائم «يوم الأرض»

أعلن مجلس جامعة الدول العربية، دعم الطلب الذي تقدمت به دولة فلسطين إلى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، ومطالبتها بفتح تحقيق عاجل في «جرائم الحرب» و«الجرائم ضد الإنسانية»، التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين العزل الجمعة الماضي، في ذكري الاحتفال بـ«يوم الأرض».
وطالب مجلس الجامعة، في بيان أصدره بالإجماع، في ختام اجتماع دورته «غير العادية» على مستوى المندوبين الدائمين، أمس، مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتشكيل لجنة تحقيق دولية في الأحداث، وتمكين هذه اللجنة من فتح تحقيق ميداني «ذي مصداقية» ومحدد بإطار زمني، وضمان إنفاذ آلية واضحة لمساءلة ومحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم، وعدم إفلاتهم من العقاب العادل، وإنصاف وتعويض الضحايا المدنيين العزل.
واستنكر المجلس، الذي عقد برئاسة السعودية، فشل مجلس الأمن الدولي في استصدار بيان لإدانة الجرائم الإسرائيلية، وأكد على حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية، وطالب بالتحقيق في الاعتداءات على المتظاهرين السلميين في ذكرى «يوم الأرض»، وضرورة تولي مجلس الأمن مسؤولياته لحفظ الأمن والسلم الدوليين، وإنفاذ قراراته ذات الصلة بحماية المدنيين الفلسطينيين، لا سيما القرار 904 لعام 1994 والقرار 605 لعام 1987، القاضية بتطبيق «اتفاقية جنيف الرابعة» على الأرض الفلسطينية المحتلة، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل.
كما طالب، مجلس حقوق الإنسان، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، باستخدام آليات وإجراءات المجلس بما فيها المقرران الخاصان بقضايا «الإعدام الميداني التعسفي»، والحق في التجمع السلمي، والحق في حرية الرأي والتعبير للتحقيق في تلك الأحداث.
ودعا المجلس الأطراف السامية المتعاقدة في «اتفاقية جنيف الرابعة» لتحمل مسؤولياتها، وكفالة احترام وإنفاذ الاتفاقية في أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية من خلال وقف الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأدان المجلس الجرائم الإسرائيلية الواضحة والممنهجة، والواسعة النطاق ضد أبناء الشعب الفلسطيني «المدنيين العزل» والتي تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسان بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، محملا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية القانونية والجنائية الكاملة عن هذه الجرائم البشعة مع التأكيد على ضرورة العمل لتقديم مرتكبيها إلى العدالة الدولية الناجزة دون إبطاء.
وثمن المجلس الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الكويت من خلال عضويتها في مجلس الأمن في متابعة تطورات القضية الفلسطينية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية.
ودعا المجلس، البرلمان العربي ومؤسسات ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني العربية إلى التحرك الفعال لفضح جرائم إسرائيل: «القوة القائمة بالاحتلال، ضد الموطنين الفلسطينيين العزل، والمطالبة بتأمين الحماية الدولية لهم».
في السياق، أكدت المملكة العربية السعودية على تضامنها المطلق، مع الشعب الفلسطيني في «مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم»، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف الاعتداءات، وتوفير الحماية له.
وقال القائم بأعمال المندوب الدائم للمملكة لدى الجامعة، بدر بن سعود الشمري، إن السعودية تضع القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماتها، مستنداً إلى ثوابت ومرتكزات مبادرة السلام العربية التي تهدف إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط، واسترداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهو أمر يتفق مع قرارات الشرعية الدولية، التي رحب بها المجتمع الدولي وتجاهلتها إسرائيل.
معرباً عن إدانة السعودية «الشديدة للمجزرة البشعة» التي وقعت في ذكري يوم الأرض، وتنديدها بالجرائم والانتهاكات الإسرائيلية التي تعتبر خرقاً صارخة للمواثيق والقوانين الدولية.
وكانت جامعة الدول العربية دعت مجلس الأمن لتشكيل لجنة دولية للتحقيق في «سفك الاحتلال الإسرائيلي لدماء المتظاهرين الفلسطينيين السلميين» المشاركين في «مسيرة العودة الكبرى» التي نظمها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بمناسبة يوم الأرض في 31 مارس (آذار) الماضي.
جاء ذلك في كلمة وجهها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وألقاها نيابة عنه السفير سعيد أبو علي الأمين العام المساعد للجامعة للشؤون الفلسطينية.
وقال أبو الغيط إنه إذا استمر مجلس الأمن في «فشله الحالي» فإن اللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة سيكون مطروحا فيما يتعلق بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وتشكيل لجنة للتحقيق في تلك الأحداث.
وعبر الأمين العام للجامعة عن دهشته من محاولات إسرائيل الترشح لمجلس الأمن وهي تهاجمه وتنتهك القوانين الدولية.


مقالات ذات صلة

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

المشرق العربي إردوغان متحدثاً عن التطورات في سوريا في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن إدلب وحماة وحمص أصبحت بيد فصائل المعارضة السورية، وإن هدف المعارضة بالطبع هو دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)

خاص ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

اتصالات عربية مع دمشق تتواصل بشأن التطورات الميدانية في شمال سوريا، كان أحدثها مناقشات وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد جانب من اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء في القاهرة (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تطلق «السوق المشتركة للكهرباء» لتعزيز الإمدادات وخفض التكاليف

بهدف تعزيز الإمدادات وخفض التكاليف، أطلقت جامعة الدول العربية، الاثنين، «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، عبر اتفاقية وقعتها 11 دولة، بينها السعودية ومصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.