إسرائيل تدفع بمزيد من قواتها إلى الضفة وتداهم مؤسسة مرتبطة بحماس

اعتقال 40 فلسطينيا.. ووزير إسرائيلي يقول إن الهدف «تدمير» الحركة وتفكيك حكومة التوافق

جنود إسرائيليون في دورية راجلة بحثا عن المفقودين الإسرائيليين في الخليل أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون في دورية راجلة بحثا عن المفقودين الإسرائيليين في الخليل أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تدفع بمزيد من قواتها إلى الضفة وتداهم مؤسسة مرتبطة بحماس

جنود إسرائيليون في دورية راجلة بحثا عن المفقودين الإسرائيليين في الخليل أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون في دورية راجلة بحثا عن المفقودين الإسرائيليين في الخليل أمس (رويترز)

دفعت إسرائيل، أمس، بمزيد من القوات إلى الضفة الغربية المحتلة بحثا عن الشبان الإسرائيليين المفقودين الثلاثة منذ عشرة أيام، وأعلنت اعتقال عشرة فلسطينيين آخرين في أحدث حملة اعتقالات ومداهمات خلال عملية البحث التي كانت سببا في تأجيج التوتر والاشتباكات في شوارع مدن الضفة الغربية. وقال وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد إن الحملة العسكرية في الضفة الغربية لها ثلاثة أهداف، وهي إعادة المستوطنين المفقودين وتدمير البنى التحتية لحركة حماس، بالإضافة إلى تفكيك الاتفاق بين السلطة والحركة.
ووصل مئات الجنود الإسرائيليين لمدينة الخليل أمس بعد إعلان الجيش المدينة منطقة عسكرية مغلقة ونفذ عمليات تفتيش. وذكر الجيش أن التفتيش شمل أكثر من 1150 موقعا في الضفة الغربية فضلا عن القبض على أكثر من 330 فلسطينيا من بينهم عشرة أمس.
وحسب مصادر فلسطينية، تركزت اعتقالات أمس في بيت لحم والخليل وجنين، وطالت أكثر من 40 فلسطينيا، كما دوهمت عشرات المنازل و15 مؤسسة تابعة لحماس.
وذكر شهود عيان أن الجيش داهم أثناء الليل في رام الله مكاتب شركة للإنتاج الإعلامي تقدم خدمات لعدة قنوات من بينها قناة «القدس» التابعة لحماس. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إن الجنود عثروا على «أجهزة إلكترونية ومجالات مغناطيسية تستخدم في الإرهاب» خاصة بحركة حماس دون الخوض في التفاصيل، حسبما أوردته وكالة رويترز.
ووصل عدد المعتقلين الإجماليين منذ بدء عملية الجيش قبل نحو عشرة أيام إلى نحو 400 فلسطيني معظمهم من حركة حماس، وتفتيش أكثر من 1300 مبنى وموقع ونحو 40 مؤسسة خيرية ومكاتب تابعة لحماس صادر الجيش أموالا طائلة منها.
وفي غضون ذلك، أعلن مصدر أمني إسرائيلي أن الجيش وضع خطة واضحة من أجل العثور على الشبان الثلاثة، ايال يفراح (19 سنة) وجيلاد شاعر ونفتالي فرانكل، تشتمل على تحديد شكل وحجم ووتيرة العمليات ساعة بساعة بحسب التقييمات الاستخبارية. وأوضح المصدر أن التقديرات الأمنية ما زالت ترجح أن المستوطنين الثلاثة لا يزالون في الضفة الغربية وهم على قيد الحياة.
وفي تطور جديد، استعانت قوات الجيش بوحدة الإنقاذ والانتشال الخاصة التابعة للشرطة في القدس، وركزت عمليات البحث على آبار مياه وكهوف في منطقة الخليل بموازاة التفتيش الذي تجريه من بيت إلى بيت.
من جانبه، قال وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد، إن الحملة العسكرية في الضفة الغربية لها ثلاثة أهداف، هي «إعادة المستوطنين (المختفين)، وتدمير البنى التحتية لحركة حماس، بالإضافة إلى تفكيك الاتفاق بين السلطة وحماس (حكومة التوافق)».
وادعى لبيد أن السلطة الفلسطينية بدأت تفهم أن إقامة حكومة وحدة وطنية مع حماس كان أمرا «خاطئا»، وأنه يمكن تصحيح هذا «الخطأ»، من خلال مزيد من الضغط على السلطة الفلسطينية. وطالب بإدارة عملية «عقلانية» في الضفة والابتعاد عن استفزاز جمهور الفلسطينيين، خصوصا عشية شهر رمضان، لتجنب احتمال انتفاضة جديدة.
وأعاد لبيد التأكيد على أن المعلومات التي بحوزة إسرائيل تشير إلى أن حركة حماس هي التي نفذت عملية «خطف» الشبان الثلاثة الخميس قبل الماضي من منطقة قرب المجمع الاستيطاني «غوش عتصيون» المحاذي لمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية. وأكد: «الأجهزة الأمنية لدينا واثقة مائة في المائة من أن حماس تقف وراء عملية الخطف».
وفي مؤشر على عملية طويلة في الضفة، هددت إسرائيل هذا العام برمضان مختلف عن سابقه. وقال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الميجر جنرال يؤاف مردخاي، إن السلطات المختصة «تعيد النظر حاليا في التسهيلات التي تقدم للفلسطينيين خلال شهر رمضان في السنوات الماضية، وهي تدرس وقف منح التصاريح لدخول إسرائيل»، في إشارة إلى سماح إسرائيل للفلسطينيين بدخول القدس للصلاة في رمضان الماضي.
وتحدث مردخاي كذلك عن استمرار معاقبة أهل الخليل، قائلا إنه «منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية لا يسمح لعشرين ألف عامل فلسطيني وأكثر من ثلاثة آلاف تاجر من منطقة الخليل بدخول إسرائيل، كما فرضت قيود على توجه فلسطينيين إلى الأردن (من الخليل)».
ودانت السلطة الفلسطينية أمس الهجوم الإسرائيلي، وقال أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، إن «سياسة البطش والإرهاب والعقاب الجماعي المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، بذريعة الكشف عن مصير مستوطنين مختطفين، لن تكسر إرادة أبناء الشعب الفلسطيني، أو تثنيهم عن التمسك بأهدافهم الوطنية».
ورد عبد الرحيم بشكل غير مباشر على الوزير الإسرائيلي لبيد قائلا إن العملية العسكرية لن تجعل السلطة تتراجع عن إنهاء الانقسام أبدا.
وفي غزة، تمسكت حركة حماس بالمصالحة، ردا على الخطط الإسرائيلية، وقال عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق في بيان إن «وحدة شعبنا وإنهاء الانقسام، أولوية لا رجعة فيها، وحرص شعبنا عليها لا جدال فيه، والمعوقات منتمية لعقليات الانقسام وبرنامج الاحتلال». وأضاف في انتقاد ضمني للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن): «مقاومة الاحتلال وتجريم التنسيق الأمني، وحماية شعبنا، والحفاظ على أمنه، والتمسك بالأرض والمقدسات، أهم بنود الوفاق الوطني».
وجاء حديث أبو مرزوق بعد جدل وانتقادات واسعة طالت الرئيس الفلسطيني بسبب إعلانه أنه متمسك بالتنسيق الأمني ويسعى إلى البحث عن الشبان الثلاثة المختفين وإعادتهم إلى ذويهم، ويريد محاسبة من نفذ العملية.
وشكر مسؤولون إسرائيليون عباس على خطابه من بينهم لبيد الذي قال إن مثل هذا الخطاب قد يؤدي إلى قتل صاحبه. وانتقد كتاب ومثقفون وسياسيون وناشطون فلسطينيون، خطاب عباس في حملة واسعة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الحد الذي اضطرت معه حركة فتح للدفاع عنه وتوضيح مواقفه.
وقال المتحدث باسم الحركة أسامة القواسمي: «إن ما يجري من عدوان إسرائيلي على أبناء شعبنا في الضفة الغربية يتجاوز كثيرا قضية البحث عن مفقودين، إنما هو مخطط مبيَّت ومعد سلفا يهدف بالدرجة الأولى إلى الانقضاض على الموقف السياسي للقيادة وتحديدا الرئيس محمود عباس».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.