النظام السوري يشن غارات على دير الزور بعد تقدم «داعش»

مخاوف من تقدم التنظيم إلى البوكمال و«النصرة» توقع اتفاقا مع ألوية إسلامية لتطويق التداعيات

عمال إنقاذ يساعدون سورية مسنة بعد سقوط براميل متفجرة على مبنى في حي الشعار بحلب أمس (أ.ف.ب)
عمال إنقاذ يساعدون سورية مسنة بعد سقوط براميل متفجرة على مبنى في حي الشعار بحلب أمس (أ.ف.ب)
TT

النظام السوري يشن غارات على دير الزور بعد تقدم «داعش»

عمال إنقاذ يساعدون سورية مسنة بعد سقوط براميل متفجرة على مبنى في حي الشعار بحلب أمس (أ.ف.ب)
عمال إنقاذ يساعدون سورية مسنة بعد سقوط براميل متفجرة على مبنى في حي الشعار بحلب أمس (أ.ف.ب)

كثف الطيران الحربي السوري، أمس، غاراته الجوية على مدينة الموحسن في محافظة دير الزور، بعد سيطرة مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش» عليها، استكمالا للغارات الذي ينفذها منذ أسبوعين على مواقع التنظيم في شرق سوريا، بموازاة تمدد «داعش» في المنطقة العراقية الحدودية، وكان آخر ذلك سيطرته على معبر «القائم» الحدودي مع دير الزور. وتزامنت تلك التطورات مع العثور على جثث ثلاثة قادة ميدانيين من مقاتلي المعارضة السورية في ريف المحافظة بعد خطفهم منذ ثلاثة أيام على يد كتيبة مناصرة لـ«داعش»، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد بالعثور عند شاطئ نهر الفرات قرب مدينة الموحسن في ريف دير الزور «على جثامين نائب قائد المجلس العسكري (التابع للجيش السوري الحر) في الموحسن ومنطقتها حسن الحافظ، وقياديين اثنين» في كتيبة مقاتلة، موضحا أن الجثث الثلاث «مصابة بآثار إطلاق رصاص»، وكانت «منتفخة، ومنعت عناصر الدولة الإسلامية الناس من الاقتراب منها لساعات»، قبل أن تسمح للأهالي بأخذها ودفنها. وأشار إلى أن القادة الثلاثة «خطفوا الأربعاء قبل يوم من بدء المعارك التي انتهت بسيطرة الدولة الإسلامية على الموحسن» الواقعة على مسافة 25 كم من مدينة دير الزور.
وكان التنظيم الجهادي سيطر أول من أمس على الموحسن وبلدتي البوليل والبوعمر، بعد معارك ضارية مع كتائب من المعارضة السورية المسلحة، في خطوة قال المرصد إنها تشكل «تقدما استراتيجيا» في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور الحدودية مع العراق، علما بأن السيطرة على الموحسن «من شأنها أن تؤثر على عمليات الجيش السوري الحر ضد القوات النظامية التي تسيطر على مطار دير الزور العسكري».
وقالت مصادر الحر في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» إن الموحسن «تشكل منطلق العمليات العسكرية للجيش السوري الحر والكتائب المقاتلة معه ضد القوات النظامية في مطار دير الزور»، مشيرة إلى أن خسارتها «أفقدت المعارضة قاعدة متقدمة في الجبهة، وحاضنة لقوات المعارضة»، معربة عن مخاوفها على المدنيين الموجودين في البوكمال ومدينة الميادين «إذا قرر تنظيم داعش التقدم للسيطرة عليهما».
وقالت المصادر إن المؤشرات على هجوم وشيط على البوكمال ازدادت بعد سيطرة «داعش» على معبر القائم الحدودي مع العراق، الذي يحاذي مدينة البوكمال الخاضعة في هذا الوقت لسيطرة الجيش الحر وجبهة النصرة وكتائب إسلامية على عداء مع «داعش».
ويأتي تقدم «داعش»، ضمن محاولة التنظيم «فرض سيطرته على مناطق شرق مدينة دير الزور، لربط المناطق الخاضعة لسيطرته في العراق مع تلك الخاضعة لسيطرته في سوريا»، بحسب المرصد. ويقول خبراء وناشطون إن «الدولة الإسلامية» التي تفرض سيطرتها الكاملة على مدينة الرقة في شمال سوريا وتنتشر في مناطق عدة، تحاول إقامة «دولتها» الممتدة من العراق إلى سوريا.
وفي محاولة لمحاصرة التداعيات، أفاد المرصد بتوقيع اتفاق بين جبهة النصرة وعدة كتائب وألوية إسلامية مقاتلة، بينها «لواء المجاهد عمر المختار» و«القادسية» و«لواء الفتح المبين» و«كتائب الله أكبر»، في مدينة البوكمال على ست نقاط أساسية، تلخصت في تشكيل مجلس «لأهل الحل والعقد» من مدينة البوكمال، واختيار هيئة شرعية مستقلة لا تتبع لأي جهة عسكرية أو سياسية، وإعادة تشكيل مجلس ليست له ارتباطات خارجية، وتشكيل كتيبة أمن المسلمين من قبل الهيئة الشرعية، وتشكيل غرفة عمليات عسكرية».
وتزامنت المعارك في قرية الموحسن مع قيام شخصيّات من المجلس العسكري التابع لهيئة أركان الجيش السوري الحر في دير الزور بالانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك حسب ما أفاد به ناشطون معارضون من المنطقة، من دون أي تفاصيل إضافية. وغداة تلك السيطرة، أفاد ناشطون بانسحاب مقاتلي «داعش» أمس من قريتي البوعمرو والبوليل شرق محافظة دير الزور.
من جانب آخر، قال ناشطون إن التنظيم حاصر كتائب الجيش السوري الحر المتمركزة في محيط مطار دير الزور العسكري الخاضع لسيطرة النظام، واختطف أربعة عناصر من الجيش الحر، وهو ما أدّى لانسحاب المعارضة من محيط المطار إلى الريف الشرقي للمحافظة. وفور سيطرة «داعش» على الموحسن، أشار ناشطون إلى قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوري النظامي المدينة ومحيطها وحي البوسيد مما تسبب في مقتل 15 شخصا على الأقل، وسقوط عدد كبير من الجرحى، بحسب المرصد الذي أشار إلى أن عدد الغارات على المدينة بلغ ستا. وتقع مدينة الموحسن على مقربة من مطار دير الزور العسكري الذي يحاول مقاتلو المعارضة الاستيلاء عليه منذ أشهر طويلة. كما قصف طيران النظام قرى المريعية والبوعمر والطابية شامية، التي استولى عليها تنظيم «داعش» أخيرا، إضافة إلى شن غارات جوية عنيفة جدا على المناطق المحيطة بمطار دير الزور العسكري لمنع تقدم كتائب المعارضة في ريف دير الزور باتجاه المريعية التي دمرت السواتر المحاذية للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
وبينما أعلن «مجلس شورى المجاهدين» استيلاءه على حقل التيم النفطي القريب من مطار دير الزور العسكري، أعلنت كتائب المجلس العسكري التابعة لهيئة الأركان والتي أعلنت مبايعتها لـ«داعش» أول من أمس، انسحابها. وكانت جبهة مطار دير الزور العسكري شهدت انسحاب عدد من كتائب الثوار احتجاجا على مبايعة المجلس العسكري لتنظيم الدولة.
في ريف دمشق، احتدمت المعارك في بلدة المليحة ومحيطها بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة. وأشار المرصد السوري إلى أن الطيران الحربي «نفذ 15 غارة على الأقل، على مناطق في بلدة المليحة ومحيطها، بالتزامن مع قصف بالمدفعية على مناطق في البلدة»، مشيرا أيضا إلى إطلاق 15 صاروخا يعتقد أنها من نوع أرض - أرض على المنطقة. وتشكل المليحة جزءا من الغوطة الشرقية في ريف دمشق التي تحاصرها قوات النظام منذ أشهر طويلة وتسعى إلى السيطرة عليها. كما تجددت الاشتباكات في بلدة «قارة» بريف القلمون، بمشاركة مقاتلين من حزب الله اللبناني، بحسب المرصد، فيما قال مصدر عسكري بقوات النظام، نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إن «وحدات من الجيش قضت على إرهابيين في سهول رنكوس الغربية ومحيط بلدة الطفيل اللبنانية من اتجاه الحدود السورية وأعادت الأمن إلى كامل المنطقة».
وبينما أعلن المرصد وقوع انفجار عنيف في الحسكة الخاضعة لسيطرة قوات النظام، بالقرب من قسم شرطة المدينة القريب من سوق الهال، أفاد ناشطون بمواصلة القوات النظامية استهداف أحياء المعارضة في مدينة حلب بالبراميل المتفجرة، بينها أحياء الشعار والكلاسة والفردوس والصاخور، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.