موسكو لتأكيد وقف النار وإطلاق عملية سياسية

TT

موسكو لتأكيد وقف النار وإطلاق عملية سياسية

أكد الكرملين استعداد روسيا وتركيا وإيران خلال القمة الثلاثية غدا لـ«اتخاذ خطوات مشتركة» على صعيدي تثبيت وقف النار في سوريا وإطلاق عملية سياسية تبدأ بدفع مسار الإصلاح الدستوري.
ويبدأ اليوم الرئيس فلاديمير بوتين زيارة إلى إسطنبول يجري خلالها محادثات ثنائية مع كل من الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني كل على حدة. وأعلن الكرملين أن اللقاءات الثنائية تنطلق اليوم، بينما سيعقد الرؤساء الثلاثة قمة غدا مخصصة لمناقشة الوضع في سوريا وإطلاق رؤية مشتركة للمرحلة المقبلة.
وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية بأن القمة الثلاثية سوف «تؤكد دعم سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها»، مضيفا أن العنصر الثاني المهم الذي سيتضمنه البيان الختامي المشترك التشديد على أن «البلدان الثلاثة تدرك حتمية تسوية النزاع السوري بالوسائل السياسية، وتعي أن كلمة الفصل في هذه العملية يجب أن تكون للسوريين أنفسهم».
وزاد أن الرؤساء سوف يجرون تقييما للوضع في مختلف المناطق السورية، بعد الاطلاع على التقارير المقدمة من جانب المستوى العسكري. وتابع أن بين النتائج المنتظرة للتقييم «وضع خطوات مشتركة من شأنها تعزيز نظام وقف العمليات القتالية وتأمين عمل مناطق خفض التصعيد».
وأشار أوشاكوف إلى أنه بين المهام الأساسية للقمة دراسة الإجراءات العملية اللازمة لدفع الإصلاح الدستوري في سوريا، وفقا لقرار مؤتمر الحوار الوطني السوري المنعقد في سوتشي. وقال إن «رؤساء الدول الثلاث يأملون بأن الفريق الأممي العامل في جنيف برئاسة المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا سيواصل عمله وفقا لتفويضه، وبناء على مخرجات سوتشي من أجل تفعيل الاتفاقات على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254».
وأكد أن روسيا وتركيا وإيران تنوي مواصلة تقديم الدعم اللازم لجهود الأمم المتحدة من أجل تشكيل لجنة دستورية متوازنة وقادرة على العمل، تشمل جميع فئات المجتمع السوري، بأسرع ما يمكن. وذكر أيضا أن الرؤساء ينوون تنسيق المواقف بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2401 بخصوص وقف إطلاق النار على كامل أراضي سوريا، وبحث مساهمة الدول الثلاث في الجهود لتحسين الأوضاع الإنسانية.
وكانت أوساط دبلوماسية روسية أكدت أن القمة ستكون «حاسمة» لجهة أنها تضع «إطارا للخطوات المشتركة اللاحقة، وتثبت رؤية للبلدان الثلاثة حول ملامح التسوية السياسية في سوريا». ولفتت وسائل إعلام روسية أمس، إلى أن التطورات الميدانية التي شهدتها سوريا خلال الأسابيع الماضية وخصوصا في عفرين وفي غوطة دمشق، بالإضافة إلى التطورات الجارية حول الموقف الأميركي والتلميحات حول الانسحاب المحتمل من سوريا، تمنح الموقف الروسي قوة إضافية مع الشريكين التركي والإيراني لوضع ملامح محددة للتحرك اللاحق على الصعيد السياسي وكذلك على صعيد إعادة رسم خرائط مناطق خفض التصعيد وتحديد الأولويات والمسؤوليات التي سيأخذها كل جانب على عاتقه خلال المرحلة المقبلة.
في غضون ذلك، شكك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بجدية حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول قرب الانسحاب من سوريا، وأشار إلى أن «ما يحدث على الأرض يدل على مضي واشنطن في ترسيخ وجودها». وقال لافروف بأن إعلان ترمب «ينسجم على الأقل مع تصريحات سابقة حول الانسحاب من سوريا بعد انتصار الولايات المتحدة على داعش، لذلك سوف نراقب ونرى مدى جدية هذا التوجه». وزاد: «لاحظنا في الأشهر الأخيرة، أن الولايات المتحدة أخذت ترسخ تواجدا جديا على الضفة الشرقية للفرات، وعلى مساحات كبيرة من الأراضي السورية حتى الحدود مع العراق، وهي لا تنشر قواتها وتعزز منشآتها ومواقعها العسكرية هناك فحسب، بل ترعى وتمول تشكيل هيئات سلطة محلية موازية خاضعة لها» مضيفا أن ذلك يدفع إلى التساؤل عن جدية التلميح الأميركي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.