هستيريا الديون تجتاح الدول الفقيرة... والتعثر أو الإفلاس يحومان في الأفق

تتركز في أفريقيا جنوب الصحراء... والخطر يأتي من الصين و«بنوك مغامرة»

موزمبيق شهدت أحد أكبر فضائح إخفاء الديون (رويترز)
موزمبيق شهدت أحد أكبر فضائح إخفاء الديون (رويترز)
TT

هستيريا الديون تجتاح الدول الفقيرة... والتعثر أو الإفلاس يحومان في الأفق

موزمبيق شهدت أحد أكبر فضائح إخفاء الديون (رويترز)
موزمبيق شهدت أحد أكبر فضائح إخفاء الديون (رويترز)

حذر صندوق النقد الدولي من تفاقم ديون الدول الفقيرة، مشيراً في تقرير حديث إلى أن تلك القروض ارتفعت بشكل كبير ومقلق خلال السنوات الأربع الماضية.
وتؤكد مصادر مصرفية متابعة أن «هستيريا استدانة بالسندات تجتاح أفريقيا منذ بداية هذه السنة. ففي الشهر الماضي - على سبيل المثال لا الحصر - أصدرت ساحل العاج سندات باليورو قيمتها بالدولار أكثر من مليارين، والسنغال 2.7 مليار دولار، وأعلنت جنوب أفريقيا أنها بصدد إصدار قيمته 3 مليارات دولار، كما أعلنت غانا أنها ستصدر سندات بالين الياباني حتى 2.5 مليار دولار، علماً بأن صندوق النقد الدولي يحذر من هذه الهجمة على الاستدانة ويضع ملاحظات عليها، ويحذر من تفاقمها إلى حد التعثر في السداد، أو إعلان الإفلاس في حالات معينة».
وقال الصندوق في تقرير مؤخراً، إن الدول الفقيرة في إيراداتها شهدت صعوداً في مؤشر استدانتها بنسبة 14 في المائة بين 2013 و2017، ليبلغ الدين العام إلى ناتج تلك الدول نحو 50 في المائة، علماً بأن هذه الدول التي تشكل 20 في المائة من سكان العالم، لا تنتج إلا 4 في المائة من الإنتاج العالمي. وهذه النسبة (50 في المائة) غير مرتفعة وفقاً للمعايير الدولية العامة؛ لكنها تعد مرتفعة جداً في دول غير قادرة على تعبئة الموارد المالية الكافية لسداد الدين وفوائده، كما تعد خطرة للغاية في حالات دول ينمو اقتصادها بمعدلات أقل من نمو قروضها.
بالنسبة للصندوق، يفسر هذا الإقبال الخطر على الاقتراض بعدة أسباب؛ أبرزها هبوط إيرادات المواد الأولية بعدما انخفضت أسعارها. فقد أثر ذلك سلباً على موازين الدول المعنية، لا سيما موازنات الدول المصدرة لتلك المواد التي تظهر عجزاً متزايداً يحتاج إلى تمويل. إلى ذلك تضاف أسباب أخرى اجتماعية وصحية، مثل مرض إيبولا، وهناك أيضاً أثر للصراعات الداخلية التي تشهدها بعض تلك الدول.
واستفادت الدول الفقيرة المفتوحة الشهية على الاستدانة خلال السنوات الماضية من فوائض السيولة التي تدفقت إلى الأسواق، بفضل برامج التيسير الكمي التي مارستها بنوك مركزية عالمية كبيرة، كما أن المستثمرين الباحثين عن عوائد مجزية وجدوا ضالتهم في تلك الإصدارات الخطرة، وبالتالي المسعرة بفوائد مع علاوات مخاطر.
ورغم تلك الفوائد، فإن الدول الفقيرة أقبلت على إصدارات الدين، وهي ترى أن الفوائد مهما ارتفعت بعلاوات المخاطر الخاصة بها فإنها تبقى مجدية بالنسبة لها؛ لأن مستويات الفوائد عموماً هابطة تاريخياً. لكن الصندوق يؤكد أن ذلك لا يفيد كثيرا تلك الاقتصادات المتدنية الإيرادات. فإذا كان ثلث تلك الدول، مثل بنغلاديش وكينيا ونيكاراغوا، التي شهدت صعوداً للاستثمارات فيها بنفس نسب ارتفاع عجز موازناتها، فإن ثلثي الدول الفقيرة - لا سيما في أفريقيا - لا تدر المشروعات التي مولتها بالقروض عوائد تخدم فوائد الدين العام، أي أن جدوى الاستدانة شبه معدومة أو محدودة للغاية.
والنتيجة هي أن مخاطر التعثر في السداد تضاعفت، لا سيما في دول مثل غانا ولاووس وموريتانيا، بعدما تأكد ذلك التعثر في تشاد وموزمبيق والكونغو. وفي العموم، يشير تقرير صندوق النقد إلى أن مخاطر التعثر زادت بنسبة 40 في المائة منذ 2013.
وهذه الهشاشة تطرح مشكلة أكثر أهمية من السابق؛ لأن هذه الدول ستلجأ أكثر إلى ديون تعقدها مع دول وليس عبر إصدارات متعددة المكتتبين فيها في الأسواق المالية الدولية، وستلجأ أكثر إلى مفاوضات مع بنوك «مغامرة». وهذا التنويع في مصادر التمويل سيجعل مراقبة نمو الدين أصعب، وسيجعل مسألة كبحه ومعالجة أسبابه أعقد. فسيكون من الصعب في حالات التعثر المرور عبر آليات مثل «نادي باريس» الذي يجمع الدول الدائنة الكبيرة، كما أن الصعوبات تتفاقم مع زيادة لجوء الدول المدينة والمهددة بالتعثر إلى عدم إتاحة معلومات كاملة عن حالة الاستدانة فيها، طمعاً في مزيد من القروض.
لذا يدعو صندوق النقد مختلف الدائنين إلى النظر جيداً في أثر الاستدانة المتعاظمة في اقتصادات تلك الدول، والتجمع حول قواعد مشتركة وتبادل المعلومات، والدخول في حلقة تنزيل نسب الانكشاف على الدول المهددة بالتعثر أو الإفلاس.
فعلى سبيل المثال، هناك موزمبيق التي تتفاعل فيها وحولها فضيحة الديون المخبأة أو غير المفصح عنها كفاية. وأعلنت أنها لن تستطيع الوفاء بديونها قبل 10 سنوات، ودخلت في مفاوضات مع دائنيها لإعادة هيكلة تلك القروض. لكن المسألة تتعقد لأن الخطة التي عرضتها موزمبيق على دائنيها في اجتماع عقد في لندن نهاية مارس (آذار) الماضي، قوبلت ببرودة شديدة من قبل حملة السندات، والثقة بين الطرفين تدهورت كثيرا منذ 2016، بعدما اكتشفت «ألاعيب» الحكومة في إخفاء الحجم الحقيقي للديون. ولجأت تلك الدولة إلى ذلك بهدف الاستدانة أكثر لشراء السلاح، فصعدت نسبة الدين العام إلى الناتج من 50 في المائة في 2013 إلى 130 في المائة في 2017. كما دخلت برازافيل (جمهورية الكونغو) في حلقة التعثر أيضاً منذ صيف 2017، بعد اكتشاف الدائنين عدم دقة الأرقام المعلنة للدين العام.
والدول الأكثر انكشافاً حالياً هي تلك المعتمدة على تصدير المواد الأولية، كما أن الدول التي انخفض سعر صرف عملاتها كثيراً، مجبرة على سداد الدين بالعملات الصعبة؛ لا سيما الدولار. ففي دول مثل أنغولا ونيجيريا، تبلغ نسبة خدمة الدين العام 60 في المائة من الإيرادات العامة. ودفع هبوط سعر النفط منذ منتصف 2014 دولاً مثل كاميرون وتشاد وغانا، إلى الدخول تحت وصاية مظلة برامج صندوق النقد الدولي.
ويخشى مصرفيون عالميون من عودة أفريقيا إلى السنوات السوداء التي عاشتها بين 1980 و1990، فهناك الآن 8 دول في وضع الاستدانة المفرطة والخطرة، مقابل 8 أخرى تقترب بشكل حثيث من ذلك الخطر.
هذا الواقع هو نتيجة سنوات النمو الجيد الذي شهدته معظم تلك الدول، لا سيما منذ بدايات الألفية، بعدما استفاد عدد من الدول الأكثر فقراً من مبادرة شطب قروض قادها آنذاك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ثم أتت موجة ارتفاع أسعار المواد الأولية التي قادت قدوم استثمارات أجنبية كثيفة توظفت في مشروعات إنفاق عام وخاص. ومنذ عام 2007 وتحديداً منذ بدء هبوط أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية جداً تاريخياً، انفتحت شهية تلك الدول على الاقتراض، وشهدت الأسواق الدولية إصدارات كثيفة بالدولار من 16 دولة أفريقية على الأقل.
ويؤكد مصرفيون أن المشكلة تتفاقم الآن في دول أفريقيا جنوب الصحراء، وذلك بالنظر إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج، والوضع حالياً يذكر بمرحلة التعثر التي سادت في أفريقيا بين 1980 و1990.
ولا يأتي قلق صندوق النقد الدولي من ارتفاع الدين العام فقط؛ بل أيضاً من طبيعة أو هوية الدائنين؛ لأن نسبة الجهات العامة الدائنة تنخفض وينخفض معها عدد التحالفات المالية والمصرفية الدولية (الكونسورتيوم) الدائنة، في مقابل ارتفاع الاستدانة من جهات تجارية وأخرى غير منضمة إلى نادي باريس. وهنا تشير الأصابع إلى الصين التي تحولت إلى الدائن الأكبر في أفريقيا، مقابل تبادل تجاري والحصول على المواد الأولية والبترول. فدول مثل زامبيا وجمهورية الكونغو عقدت قروضاً غير واضحة المعالم والشروط مع مجموعات تجارية واستثمارية صينية. كما تدفقت القروض الصينية إلى الكاميرون وأنغولا وإثيوبيا وكينيا. ويقول المصرفيون: «إذا دارت الدوائر وساءت الأحوال وطلب المدينون إعادة هيكلة ديونهم، فلا أحد يمكنه تصور الحلول أو المخارج الممكنة؛ لأن الصين لا تاريخ لها في ذلك، كما أعضاء نادي باريس».
ولتجنب الانزلاق أكثر، ينصح صندوق النقد الدولي كعادته بزيادة الضرائب وعدم التوسع في المشروعات العامة، واعتماد انتقائية شديدة فيها، أي الإنفاق فقط على مشروعات ذات عوائد. ويقول مصدر في مصرف دولي دائن لعدد من الدول المنكشفة: «يجب تجنب بناء طرق سيئة التعبيد، بسبب الفساد، تجرفها الأمطار بعد سنوات قليلة من تعبيدها، والإقلاع عن تشييد الأبنية والمنشآت الحكومية العامة الضخمة التي لا تفيد بشيء سوى منح الحكام عظمة في غير محلها؛ لأن الوضع الآن لا يحتمل أي ترف من أي نوع كان». ويضيف أن «الطامة الكبرى في الفساد المستشري في عدد من الدول الأفريقية الفقيرة والمثقلة بالديون، والذي لا نظير له حول العالم».



تايلاند تستكشف التعاون مع السعودية في قطاعات الطاقة المتجدّدة والهيدروجين وصناعة السيارات الكهربائية

وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

تايلاند تستكشف التعاون مع السعودية في قطاعات الطاقة المتجدّدة والهيدروجين وصناعة السيارات الكهربائية

وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)

 

 

شدّد ماريس سانجيامبونسا، وزير الخارجية التايلاندي، على أن العلاقات بين الرياض وبانكوك تتجاوز التعاون الثنائي إلى التعاون الإقليمي والدولي، مركّزاً على 3 مجالات للتعاون مع السعودية، تشمل: الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والأمن البشري، لتوظيف الخبرات وتعزيز التكامل الاقتصادي، مع العمل على توأمة «رؤية المملكة 2030»، ومبادرة «أشعل تايلاند».

وأكّد سانجيامبونسا لـ«الشرق الأوسط»، أن الطاقة المتجدّدة والهيدروجين الأخضر، والمفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs)، فضلاً عن التعاون في صناعة السيارات، وخصوصاً الكهربائية (EV)، مجالاتُ تعاون محتملة «ينبغي لنا استكشافها بشكل أكبر».

وكشف عن اعتزام بلاده إقامة المعرض التايلاندي الدولي (2024THAILAND MEGA FAIR) بالرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لعرض فرص كبيرة حول الصناعات المبتكَرة، ومواد البناء، والضيافة، وتكنولوجيا الدفاع.

وقال سانجيامبونسا: «في مجال الأمن البشري يمكننا تعزيز التواصل، من خلال التعاون في مجالات الطب والتكنولوجيا الحيوية والصحة، فضلاً عن السياحة والسفر؛ لتعزيز مفهوم القوة الناعمة».

وعدّ سانجيامبونسا السياحة الطبية مجالاً رئيسياً للتعاون الثنائي الوثيق، في ظل ترحيب المستشفيات الخاصة في تايلاند بأعداد كبيرة من السياح الطبيين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك السعودية ودول الشرق الأوسط، مبيناً أن السعودية يمكن أن تلعب دوراً حيوياً في الترويج لصناعة الصحة في المملكة، بالاستفادة من الخبرات التايلاندية القوية بالقطاع.

مباحثات ومبادرات

وقال سانجيامبونسا: «علاقاتنا تتجاوز التعاون الثنائي، يمكن للمملكة الاستفادة من وضع تايلاند بوصفها منشئ الجسور على الساحة العالمية. ومع تولّي تايلاند رئاسة حوار التعاون الآسيوي (ACD) عام 2025، فإننا على استعداد لربط حوار التعاون الآسيوي مع التجمعات الإقليمية الأخرى، مثل مبادرة خليج البنغال للتعاون التقني والاقتصادي متعدد القطاعات (BIMSTEC)، التي من شأنها أن تغطي 4 مليارات شخص، وهو ما يمكن أن يشكّل تعاوناً مهماً يعود بالنفع على الجميع».

وشدّد على أن بلاده والمملكة تتمتعان بمؤهلات للعمل معاً، حيث يمكن للشركات التايلاندية الاستفادة من التعاون مع السعودية؛ المركز الاقتصادي في الشرق الأوسط، لتوسيع أسواقها إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

ووفق سانجيامبونسا، فإن المملكة تفكّر في استخدام تايلاند قاعدةً استثمارية لتوسيع أعمالها في منطقة آسيان، أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، والاستفادة من اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. مشيراً إلى أهمية تشجيع مشاركة القطاع الخاص في هذا الصدد.

مستقبل التعاون الثنائي

أوضح سانجيامبونسا أن «سريثا تافيسين رئيس وزراء تايلاند، الذي قام بزيارة رسمية إلى السعودية مؤخراً، وجّه مجلس الاستثمار بفتح مكتب بالرياض في أقرب وقت ممكن، وهذا يعكس الأهمية التي تُولِيها الحكومة التايلاندية لتعزيز التعاون مع المملكة في المجالات كافة، وخصوصاً التجارة والاستثمار».

وأضاف: «أتطلّع إلى المشاركة في رئاسة الاجتماع الأول للجنة الفنية المتخصصة للاتصالات السلكية واللاسلكية في وقت لاحق من هذا العام، في بانكوك، مع الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، وزير الخارجية السعودي».

واللجنة الفنية تُوكَل إليها مهمة تشمل 5 ركائز للتعاون، تغطي جميع جوانب العلاقات الثنائية، وتركز في جانبها الاقتصادي على: السياحة والتجارة والاقتصاد والاستثمار.

فرص تجارية واستثمارية

ولفت الوزير التايلاندي إلى أنه زار مؤخراً السعودية، بدعوة من الأمين العام لمجلس الاستثمار التايلاندي بتايلاند (BOI)، ليترأس حفل افتتاح مكتب مجلس الاستثمار التايلاندي في الرياض، وهو المكتب الخارجي الـ17 لمجلس الاستثمار، الذي يُعدّ أول مكتب لاقتصاديات الاستثمار الخارجي في الشرق الأوسط، وسيغطي 13 دولة في منطقة الشرق الأوسط.

وتابع سانجيامبونسا: «ترأّست حفل افتتاح (منتدى الاستثمار التايلاندي السعودي) الثاني، مع المهندس خالد الفالح وزير الاستثمار السعودي، وشهد المنتدى توقيع 11 مذكرة تفاهم بين الشركات التايلاندية والسعودية، وحضره مسؤولون تنفيذيون وممثّلون رفيعو المستوى من الوكالات الحكومية والمؤسسات المالية، والغرفة التجارية التايلاندية، واتحاد الصناعات التايلاندية، والشركات التايلاندية الخاصة، للحصول على توافقات تجارية مثمرة مع نظرائهم السعوديين».

وحول أهمية منتدى الاستثمار السعودي التايلاندي في نسخته الثانية، قال سانجيامبونسا: «المنتدى يُظهر الإرادة القوية لدى الجانبين لتعميق التعاون، خصوصاً فيما يتعلق بالتجارة والاستثمار؛ إذ إن عدد ومستوى المشاركين الذين يمثّلون قطاعات الأعمال في البلدين منحَنا الثقة في جنْي نتائج مثمرة، وستظل في الأذهان، بوصفها خطوةً مهمة في تطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين».

وبنى سانجيامبونسا نجاح المنتدى على النجاح الذي حقّقه معرض تايلاند الدولي الضخم العام الماضي، بقيادة غرفة التجارة التايلاندية، والذي شهد عرض أكثر من 30 قطاع أعمال تايلاندي، وأكثر من 1000 منتَج من 200 علامة تجارية، ما يمثّل إنجازاً كبيراً في الترويج لتايلاند بالسعودية.

وتابع: «تُظهر هذه الأحداث والمبادرات توفُّر فرص وإمكانات غير مستغَلة لبلدَينا، ويحتاج الجانبان إلى العمل معاً بشكل أكثر جدّية لتحقيق هذه الإمكانات، وضمان نتائج ملموسة، لذلك يُسعدنا أن نعلن عن اعتزامنا إقامة المعرض الدولي الضخم (2024THAILAND MEGA FAIR) بالرياض، في نوفمبر (تشرين الثاني)».

ووفق سانجيامبونسا، سيركّز المعرض على تعزيز التجارة في مجموعة من القطاعات ذات الإمكانات العالية، وسيعرض الصناعات المتنوعة والمبتكَرة في تايلاند، بدءاً من مواد البناء، والضيافة، إلى تكنولوجيا الدفاع.

آفاق أرحب

ووفق سانجيامبونسا، سيكون مجلس التنسيق السعودي التايلاندي، «قوة دافعة مهمة في دفع علاقاتنا إلى الأمام، عبر 5 ركائز، تشمل التعاون؛ من التجارة والاستثمار إلى التعاون السياسي والقنصلي، إلى التعاون الاجتماعي والثقافي والعسكري والأمني».

وعلى الصعيد الاقتصادي قال سانجيامبونسا: «في العام الماضي وحده بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 8.8 مليار دولار، ما يمثّل حوالي 22 في المائة من إجمالي تجارة تايلاند مع منطقة الشرق الأوسط».

وشدّد على أن هذه الأرقام المثيرة للإعجاب سيتم تعزيزها بشكل أكبر، من خلال مذكرة التفاهم الثنائية الأخيرة بين وزارة التجارة التايلاندية والهيئة العامة للتجارة الخارجية في المملكة، بالإضافة إلى «التزامنا تجاه استكشاف إمكانية إبرام اتفاقية تجارة حرة إقليمية، واتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي».

وتابع سانجيامبونسا: «في زيارتي الأخيرة للرياض اقترحت تعزيز تعاون البلدين، من خلال التركيز على 3 مجالات رئيسية، والتكامل بين اقتصادَينا، وأوجه التوافق مع الرؤية السعودية 2030، وسياسات مبادرة (أشعل تايلاند)، وهي: الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والأمن البشري».

وبالنسبة للأمن الغذائي قال سانجيامبونسا: «قمنا بالفعل بتحديد كثير من المبادرات الاستثمارية في مجال إنتاج وتصنيع الأغذية، بين الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والحيواني (سالك)، وعديد من الشركات التايلاندية ذات الصلة». وأضاف: «نستهدف البدء في تصدير الماشية الحية حيث تم منح الضوء الأخضر أخيراً من قِبل السلطات السعودية، ونعتقد أن هناك إمكانات قوية في مجال الزراعة والأغذية المصنّعة، خصوصاً عندما نأخذ في الاعتبار أن تايلاند تُعدّ بالفعل منتِجاً ومُصدّراً رئيسياً للأغذية الحلال».

استراتيجية تحفيز الاقتصاد التايلاندي

وعن حجم الاقتصاد التايلاندي، ومعدّل نموه المتوقّع خلال عام 2024، قال سانجيامبونسا: «تقع تايلاند في قلب رابطة دول جنوب شرقي آسيا (ASEAN)، حيث تأتي تايلاند ثاني أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا... وتمثّل بوابةً للاقتصادات الكبرى مثل الصين والهند».

وأضاف: «تعمل تايلاند بنشاط لتوسيع علاقاتها التجارية، من خلال 15 اتفاقية تجارة حرة مع 19 دولة، والعديد منها قيد التنفيذ... وبفضل موقعها الاستراتيجي تُعدّ تايلاند بمثابة مركز للشركات متعدّدة الجنسيات، التي تسعى إلى إنشاء مقر إقليمي في منطقة آسيا».

وقال سانجيامبونسا: «وفقاً لرؤية (أشعل تايلاند)، يُولِي رئيس وزراء تايلاند الأولوية لجعل البلاد مركزاً لـ8 صناعات رئيسية، تشمل: الزراعة، والغذاء، والطب، والسياحة، والنقل المستقبلي، والاستثمار المالي، والاقتصاد الرقمي، والخدمات اللوجستية، والطيران. مشيراً إلى أن السياحة كانت، ولا تزال، المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في تايلاند.

وزاد: «في الآونة الأخيرة، ومن أجل تعزيز قطاع السياحة في البلاد، وافقت تايلاند على نظام الإعفاء من التأشيرة لمدة 60 يوماً، ما يسمح للمسافرين من 93 دولة، بما في ذلك السعودية، بزيارة تايلاند؛ للقيام بمهام عمل قصيرة الأجل، بالإضافة إلى السفر الترفيهي».