تعديلات دستورية في تشاد تبقي ديبي في الحكم حتى 2033

تنقل البلاد إلى نظام رئاسي شامل وتعزز صلاحيات الرئيس

إدريس ديبي (رويترز)
إدريس ديبي (رويترز)
TT

تعديلات دستورية في تشاد تبقي ديبي في الحكم حتى 2033

إدريس ديبي (رويترز)
إدريس ديبي (رويترز)

تجري الحكومة التشادية تعديلات دستورية للانتقال إلى «نظام رئاسي شامل»، يمكن الرئيس إدريس ديبي من البقاء رئيساً حتى العام 2033، وهو أمر ترفضه المعارضة في البلاد.
ونقلت تقارير عن خبير تشادي، أن إجراء التعديلات الدستورية المزمعة سيعود بالبلاد إلى دستور 1962، ووقتها كان يجمع بين منصبي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، بما يمكنه من تمثيل حكومته أمام الجمعية الوطنية (البرلمان). وأنهى مؤتمر عقد في العاصمة أنجامينا، شارك فيه 800 من السياسيين، ورجال الأعمال والزعماء التقليديين وقاطعته المعارضة، أعماله الثلاثاء الماضي، وأوصى بإلغاء منصب رئيس الوزراء وإقامة نظام رئاسي كامل.
وبحسب الخبير، فإن هذه التعديلات تلغي منصب رئيس الوزراء، في الوقت الذي رفض فيه 700 شخص شاركوا في منتدى حول إصلاح المؤسسات، الذي قاطعته المعارضة، والذي عقد في العاصمة أنجامينا الأسبوع الماضي. وينتظر أن تؤدي قرارات المنتدى، الذي عقد لثمانية أيام، إلى إحياء الوعد الانتخابي الذي أطلقه الرئيس ديبي في 2016 بمراجعة دستور 1996 والانتقال إلى الجمهورية الرابعة.
وقال مبيسيسيم كولايو، مدير الشؤون القانونية في الجمعية الوطنية، إن التعديلات يفترض أن تعرض أولاً على لجنة مكونة من حقوقيين، قبل إجراء الاستفتاء عليها وإجازتها من قبل البرلمان. وبموجب التعديلات المقترحة، تتمدد ولاية الرئيس ديبي إلى 6 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، بعد أن كان طول الولاية الحالية 5 سنوات تجدد إلى ما لا نهاية، وتنتهي في 21 أغسطس (آب) 2021، وهو الموعد الذي يتوقع أن يصبح فيه الدستور المعدل حيز التنفيذ.
وتسمح التعديلات الجديدة للرئيس ديبي بالترشح لدورتين، بما يمكنه من البقاء في السلطة حتى العام 2033، أي لدورتين رئاسيتين، مدة كل منهما 6 سنوات. كما تنص التعديلات الدستورية على إجراء إصلاحات في بعض المؤسسات، تتضمن تبعية ديوان المحاسبة والمجلس الدستوري لمحكمة القضاء العليا، التابعة للمحكمة العليا.
من جهته، قال صالح كيبزابو، وهو مرشح رئاسي منافس للرئيس ديبي، حصل على المرتبة الثانية في انتخابات 2016: «الآن أصبحت سلطة بلا منازع»، وتابع: «الرئيس لم يعد يواجه السلطة المضادة التي يمثلها المجلس الدستوري، ولم يعد ملزماً بالمثول أمام البرلمان، وبذلك يدير تشاد كما يشاء».
بيد أن كولايو رأى أن بعض السلطات المضادة سيتم تعزيزها، وقال: «القضاة لن يعينوا بل سيتم انتخابهم»، إضافة إلى أن المنتدى دعا لتعزيز دور المرأة التشادية، وإلى «الانتقال تدريجياً من مبدأ الحصص المطبق حالياً، إلى مساواة كاملة، وسيصبح يوم الثامن من مارس (آذار) ـ عيد المرأة ـ يوم عطلة مدفوعة الأجر.
ووصفت وكالة الصحافة الفرنسية الإصلاحات المزمعة بأنها «تبدو بعيدة جداً عن هموم الغالبية الفقيرة جداً من السكان البالغ عددهم 14 مليون نسمة، التي لم تستفد من عائدات النفط مطلع الألفية». وبحسب مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، فإن تشاد لا تزال مصنفة من بين أفقر دول العالم.
وشهدت أزمة اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط، واضطرت الحكومة لاتخاذ إجراءات تقشفية منذ بداية 2018 زادت السخط الشعبي، وأدت لإضرابات ومظاهرات استمرت شهرين، فرقتها قوات الأمن بالقوة.
وتولى الرئيس إدريس ديبي، البالغ من العمر 65 عاماً، الحكم في بلاده في 1990. وبحسب هذه التعديلات يمكنه نظرياً البقاء في السلطة حتى 2033، ويكون عمره وقتها قد بلغ 81 عاماً، ليدون اسمه ضمن الرؤساء الأطول بقاءً في الحكم 44 عاماً.



مصر تعزّز حضورها في «القرن الأفريقي» بتعاون قضائي وبرلماني

وزير العدل المصري خلال لقائه نظيره الصومالي (وزارة العدل المصرية)
وزير العدل المصري خلال لقائه نظيره الصومالي (وزارة العدل المصرية)
TT

مصر تعزّز حضورها في «القرن الأفريقي» بتعاون قضائي وبرلماني

وزير العدل المصري خلال لقائه نظيره الصومالي (وزارة العدل المصرية)
وزير العدل المصري خلال لقائه نظيره الصومالي (وزارة العدل المصرية)

في خطوة تعزّز حضور مصر في منطقة القرن الأفريقي، بحثت الحكومة المصرية، الأربعاء، سبل تعزيز التعاون القضائي مع الصومال، وكذلك دعم مقديشو في «استكمال صياغة الدستور»، في وقت وقَّع فيه مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) مذكرة تفاهم مع الجمعية الوطنية (البرلمان) في جيبوتي؛ بهدف دعم التعاون بين المجلسين.

وتولي القاهرة أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، وفق وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي أكد خلال تدشينه خط طيران مباشراً بين مصر والصومال وجيبوتي، في يوليو (تموز) الماضي، اهتمام بلاده بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، ورغبتها في «دعم الاستقرار بدول المنطقة».

وبحسب مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن التحركات المصرية في القرن الأفريقي، باتت «ضرورية حماية لمصالحها الاستراتيجية بالمنطقة»، إلى جانب «دعم تلك الدول في مواجهة تحديات داخلية وخارجية».

وبحث وزير العدل المصري، المستشار عدنان فنجري، مع نظيره الصومالي إلياس شيخ عمر، الأربعاء في القاهرة، «تعزيز التعاون القضائي بين البلدين»، إلى جانب «الاستعانة بالخبرات المصرية في تدريب كوادر قضائية صومالية داخل المحاكم المصرية، وفي مركز الدراسات القضائية»، مع الاستفادة من المشروعات الرقمية، «لإعادة هيكلة وزارة العدل الصومالية»، حسب إفادة وزارة العدل المصرية.

وبينما دعا وزير العدل الصومالي إلى «الاستفادة من الخبرات المصرية في استكمال صياغة الدستور الصومالي، بصيغة قانونية، وفق الدساتير الدولية، مع وضع التشريعات، مثل (القانون المدني والجنائي والمرافعات)»، اقترح «إعارة قضاة مصريين للعمل في المحاكم الصومالية قصد المساعدة في التدريب العملي لنظرائهم الصوماليين». كما دعا إلى «منح الكوادر القضائية في بلاده برنامجاً دراسياً داخل الأكاديمية المصرية لمكافحة الفساد؛ بهدف المساعدة في وضع استراتيجية لمكافحة الفساد في الصومال»، حسب إفادة السفارة الصومالية في القاهرة.

ويرى الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التعاون بين البلدين في مجال القضاء والقانون «خطوة ضرورية؛ كون أغلب التوترات الداخلية في الصومال، وحالة عدم الاستقرار، ناتجة من غياب العدالة».

وأوضح حسن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «حكومة مقديشو تواجه إشكاليات في تطبيق العدالة الناجزة في مناطق مختلفة بالصومال؛ ولذلك فإن الاستعانة بالخبرات المصرية ستدعم قدرات الكوادر القضائية، وتساعدها على إنجاز دستور دائم للبلاد، بدلاً من الدستور المؤقت الحالي».

ويحتكم الصومال إلى دستور مؤقت صدر عام 2012. وفي مارس (آذار) الماضي صوّت البرلمان الصومالي على تعديلات جديدة، تشمل اعتماد نظام اقتراع عام مباشر، وتمديد الفترة الرئاسية من 4 سنوات إلى 5 سنوات.

بموازاة ذلك، وقّع رئيس مجلس الشيوخ المصري، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، مذكرة تفاهم مع رئيس الجمعية الوطنية الجيبوتية، دليتا محمد دليتا؛ لدعم التعاون بين المجلسين.

رئيس مجلس الشيوخ المصري ورئيس برلمان جيبوتي يوقّعان مذكرة تفاهم (مجلس الشيوخ المصري)

وأكد عبد الرازق خلال استقباله وفداً برلمانياً جيبوتياً، الثلاثاء، حرص بلاده على «دعم العلاقات البرلمانية مع جيبوتي»، مشيراً إلى أن «مواجهة القضايا والتحديات الدولية وفي المنطقة، تتطلب من الدول الصديقة التعاون والتنسيق المستمر»، وفق إفادة لمجلس الشيوخ المصري.

بهذا الخصوص، يؤكد الباحث الصومالي أن «الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي متقلبة بسبب كثرة التدخلات الدولية بها»، مشيراً إلى أن «تنويع القاهرة لتعاونها مع دول المنطقة، مثل الصومال وجيبوتي، قد يساهم في تهدئة التوترات بالمنطقة، ويساعد في تحسن الأوضاع».

من جانبه، يرى الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، صلاح خليل، أن من أهداف الدعم المصري لدول القرن الأفريقي «ردع التحركات الإثيوبية بالمنطقة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تطور مستوى العلاقات بين مصر والصومال، «أعاد حضورها بقوة في المنطقة».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصر وعربي.

وحشد الصومال الدعم الدولي لموقفه ضد إثيوبيا، حيث وقَّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت القاهرة بموجبه شحنتَي أسلحة لدعم مقديشو، بينما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي؛ وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة الاستقرار».

رئيس مجلس الشيوخ المصري خلال استقباله رئيس برلمان جيبوتي (مجلس الشيوخ المصري)

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية، أكدتها نتائج زيارتين للرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، للقاهرة هذا العام، (في يناير/ كانون الثاني وأغسطس الماضيين)، وقد أعلنت مصر دعمها للصومال في مواجهة التحركات الإثيوبية، وقالت إن اتفاق أديس أبابا مع إقليم (أرض الصومال)، «غير قانوني»، وأكدت على «دعم سيادة الصومال على كامل أراضيه».

في سياق ذلك، أوضح خليل أن تنوع مجالات التعاون المصري مع الصومال وجيبوتي «يجعلها أقرب إلى مراكز صنع القرار في هاتين الدولتين»، كما تسعى الحكومة المصرية إلى «توسيع تعاونها مع دول المنطقة مثل إريتريا أيضاً، من منطلق حماية مصالحها الاستراتيجية؛ كونها تؤثر بشكل مباشر على حركة الملاحة في قناة السويس».