موسكو تطالب بإجلاء إضافي لأكثر من 50 دبلوماسياً بريطانياً

سياسة المعاملة بالمثل قد تنتقل إلى تفتيش الطائرات الروسية والبريطانية

مبنى السفارة البريطانية في موسكو  (إ.ب.أ)
مبنى السفارة البريطانية في موسكو (إ.ب.أ)
TT

موسكو تطالب بإجلاء إضافي لأكثر من 50 دبلوماسياً بريطانياً

مبنى السفارة البريطانية في موسكو  (إ.ب.أ)
مبنى السفارة البريطانية في موسكو (إ.ب.أ)

أمهلت موسكو لندن شهراً لخفض عدد أفراد موظفيها الدبلوماسيين في روسيا ليتساوى مع عدد الموظفين الدبلوماسيين الروس في بريطانيا. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، السبت، أن على بريطانيا أن تسحب أكثر من خمسين من موظفيها الدبلوماسيين في روسيا، وذلك في إطار التوتر المتصاعد على خلفية تسميم عميل مزدوج سابق في بريطانيا. وتأتي الإجراءات الروسية الجديدة بعد دعوة بريطانيا حلفاءها إلى طرد دبلوماسيين روس. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «روسيا تقترح المساواة. لدى الجانب البريطاني أكثر من خمسين شخصاً».
وفي وقت سابق هذا الشهر، قامت روسيا بطرد 23 دبلوماسياً روسياً، وأغلقت القنصلية البريطانية في سان بطرسبورغ، وأوقفت نشاطات المجلس الثقافي البريطاني.
وفي لندن، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية «ندرس تداعيات الإجراءات التي اتخذتها وزارة الخارجية الروسية». وأبدت لندن أسفها بخصوص التطورات الأخيرة، لكنها شددت على أن روسيا هي المذنبة في هذه المسألة. وذكرت أن «ذلك لا يغير حقيقة الأمر: محاولة اغتيال شخصين على التراب البريطاني، لا يوجد استنتاج بديل غير أن روسيا مذنبة». وفي المجموع، صدرت أوامر لأكثر من 150 دبلوماسياً روسياً بمغادرة الولايات المتحدة ودول أوروبية وأخرى في حلف شمال الأطلسي وغيره؛ تضامناً مع بريطانيا على خلفية تسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا مطلع مارس (آذار) الماضي.
والجمعة، طردت روسيا دبلوماسيين من 23 دولة، معظمها في الاتحاد الأوروبي؛ رداً على دول الغرب، وذلك في عمليات طرد متبادل للدبلوماسيين هي الأكبر من نوعها في التاريخ الحديث.
وفي الولايات المتحدة، يستعد 60 دبلوماسياً روسياً مع عائلاتهم للمغادرة. وإجمالاً، سيغادر 171 شخصاً، كما قال المبعوث الروسي أناتولي أنطونوف للصحافيين الروس في واشنطن. وأرسلت الحكومة الروسية طائرتين لإجلاء مواطنيها، ستتوقف إحداهما لفترة وجيزة في نيويورك لتقل 14 أسرة، وفقا لأنطونوف، بحسب وكالة أنباء «تاس» الرسمية.
وقال مسؤول أميركي، الجمعة، إنه بإمكان روسيا تعويض الستين دبلوماسياً الذين طردتهم واشنطن وذلك بتسمية دبلوماسيين جدد. وكان الأميركيون أعلنوا هذا الأسبوع طرد 48 دبلوماسياً روسياً يعملون في السفارة الروسية بواشنطن و12 آخرين يعملون في البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة. كما أعلنوا غلق القنصلية الروسية في سياتل في إطار رد الفعل المنسّق بين الحلفاء الغربيين على تسميم الجاسوس سكريبال وابنته. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية «إن الحكومة الروسية تبقى حرة في تقديم أرواق اعتماد للمناصب الشاغرة (...)، وسيتم درس كل طلب على حدة». وأمام الدبلوماسيين الروس الذين نفت موسكو أن يكونوا جواسيس، حتى الاثنين لمغادرة أراضي الولايات المتحدة. وقد جرت العادة أن يتم شغل المناصب الشاغرة بعد طرد موظفيها، بموظفين جدد. ونشر الإعلام الأميركي صوراً لطائرة روسية حكومية على مدرج مطار واشنطن دالاس، تستعد على الأرجح لنقل الدبلوماسيين الروس المبعدين لبلادهم.
وفي تطور آخر، طالبت موسكو بتفسير رسمي لتفتيش طائرة ركاب روسية في لندن، وقالت إنها قد تحتفظ بحق اتخاذ إجراء مماثل تجاه شركات الطيران البريطانية في روسيا. وأعلنت بريطانيا، السبت، أن مسؤولي أمن الحدود فتشوا طائرة تابعة لشركة «إيروفلوت» الروسية آتية من موسكو، في إجراء اعتبرته روسيا «استفزازاً صارخاً». وأكد وزير الأمن البريطاني، بين والاس، في بيان أنه «أمر روتيني لقوات الحدود أن تفتش الطائرات لحماية المملكة المتحدة من الجريمة المنظمة وأولئك الذين يحاولون إدخال مواد خطرة، مثل المخدرات والأسلحة النارية للبلاد». لكن السفارة الروسية في لندن قالت إن الواقعة مرتبطة بالأزمة الدبلوماسية بين البلدين. وذكرت في بيان «شهدنا استفزازاً صارخاً آخر من السلطات البريطانية... هذا النوع من الأفعال غير عادي». وتابعت: «ليس لدينا تفسير آخر سوى أن واقعة مطار هيثرو مرتبطة بشكل أو بآخر بالسياسة العدائية التي تمارسها الحكومة البريطانية بحق روسيا». وذكرت السفارة، أن السلطات البريطانية حاولت في البداية تفتيش الطائرة في غياب طاقمها، إلا أنها أوضحت أن قائدها سمح له في النهاية بحضور التفتيش.
من جهة أخرى، قالت وزارة الخارجية البريطانية أمس (السبت)، إنها تدرس طلب السماح بزيارة يوليا سكريبال، وأوضحت وزارة الخارجية، أنها من أجل اتخاذ قرارها، ستأخذ بعين الاعتبار ما إذا كانت يوليا سكريبال ترغب في أن يزروها روس في المستشفى، مشيرة إلى أن صحتها تتحسن في المستشفى ولم تعد في حالة حرجة. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية لوكالة الصحافة الفرنسية «ندرس طلبات للسماح بزيارة قنصلية تماشياً مع التزاماتنا بموجب القانون الدولي والداخلي، بما في ذلك حقوق ورغبات يوليا سكريبال».
وقالت السفارة الروسية، إنها تواصلت مع فيكتوريا سكريبال ابنة عم يوليا. وأضافت: «بعد تلقي تأكيد بأن حالة يوليا سكريبال تتحسن، وأنها أصبحت قادرة على التواصل، قالت إنها ترغب في الذهاب إلى لندن لزيارة ابنة عمها». وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) نقلاً عن مصادر أول من أمس (الجمعة)، إن يوليا «واعية وتتكلم»، وهو عامل قد يؤثر على التحقيق بشأن كيفية تعرضها مع والدها للتسميم.
وأعلن مستشفى سالزبري، أن يوليا البالغة من العمر 33 عاماً «تتحسن بسرعة ولم تعد في حالة حرجة». وأكد المستشفى أنها في حالة «مستقرة»، في حين ذكرت «بي بي سي»، أنها استعادت وعيها وبدأت في التحدث. ولا يزال والدها سيرغي سكريبال (66 عاماً) في حالة حرجة، لكن مستقرة.
وتتهم السلطات البريطانية الحكومة الروسية بارتكاب الهجوم بغاز أعصاب صنعته روسيا، يعرف باسم «نوفيشوك». ويعتقد أن المادة السمية كانت قد وضعت على الباب الأمامي لبيت الأسرة. وتنفي روسيا بشدة أي تورط للحكومة في الهجوم.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.