الأصوات الباطلة في «رئاسية مصر» رسائل سياسية وعبارات ساخرة

تقدر بـ1.5 مليون صوت

TT

الأصوات الباطلة في «رئاسية مصر» رسائل سياسية وعبارات ساخرة

أظهرت مؤشرات شبه نهائية، لنتائج الانتخابات الرئاسية المصرية، التي أجريت الأسبوع الماضي، فوزاً متوقعاً للرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثانية لمدة 4 سنوات مقبلة، غير أن المؤشرات نفسها أفادت بأرقام لافتة لأعداد الناخبين الذي أبطلوا أصواتهم الانتخابية إلى حد بلوغهم 1.5 مليون شخص، وهو ما يساوي 6 في المائة من أعداد من شاركوا في الاقتراع.
وقبيل انطلاق الانتخابات التي أجريت على مدار 3 أيام، وتميزت بـ«ضعف التنافسية» وفق ما أقر السيسي قبل أسبوعين تقريباً، لم يبدُ أن هناك تياراً واسعاً يدعو لإبطال الأصوات، خصوصاً إذا ما قورن الأمر بدعوات قوى سياسية وحزبية، منها «الحركة المدنية الديمقراطية» والمرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي، الذين حضوا الناخبين، في فبراير (شباط) الماضي على «مقاطعة التصويت»، وأطلقوا في ذلك الإطار شعار «خليك في البيت».
وبحسب النتائج شبه النهائية، حصد السيسي ما يزيد على 90 في المائة من أصوات المصوتين (21.5 مليون صوت)، ونال الطرف الثاني من الانتخابات، رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى نحو 3 في المائة من الأصوات بواقع 700 ألف صوت تقريباً، وكان يحق لنحو 60 مليون مصري التصويت.
ويبدو من الصعب حساب «إبطال الأصوات» على تيار سياسي بعينه، إذ تقول السيدة الخمسينية، هناء محمود، وهي موظفة في قطاع التربية والتعليم الحكومي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها قررت إبطال صوتها بعدم اختيار كلا المرشحين، وتضيف أنها «لا تتبنى رأياً معارضاً للسيسي، ولا تعتبر نفسها كذلك من أنصاره على الدوام».
وتشرح السيدة التي تقيم في محافظة الفيوم (100 كيلومتر جنوب القاهرة): «لم أكن مهتمة بالمشاركة في التصويت، ليس لرغبتي في المقاطعة، ولكن لأن النتيجة محسومة، وكذلك ليس لدي أي مشكلة في فوز السيسي»، وتواصل: «بصوتي أو دونه، الرئيس سيظل الرئيس، خصوصاً أننا لم نسمع عن المرشح الآخر من قبل».
وبشأن طريقة اتخاذها لقرار إبطال صوتها، تقول إنها عرفت عبر وسائل الإعلام في اليوم الثالث للتصويت أن «الهيئة الوطنية للانتخابات» (الجهة المشرفة على الاستحقاقات الانتخابية في مصر) تدرس تطبيق غرامة مالية قدرها 500 جنيه مصري (30 دولاراً تقريباً) على المتغيبين عن التصويت من دون عذر.
وتابعت: «بصراحة، قلقت من احتمال دفع الغرامة، ولأن مقر لجنتي الانتخابية تابع لمحل سكني القديم، ويبعد عن محل إقامتي الفعلي بنحو 20 كيلومتراً، فذهبت للتصويت، وسط العاصفة الترابية التي ضربت مصر يومها، وبسبب معاناتي قررت إبطال صوتي».
ولم تخلُ الصور المتداولة على مواقع التواصل للاجتماعي لأوراق اقتراع الانتخابات الرئاسية لعام 2018، من تعليقات «خفيفة الظل» تضع أسماء شخصيات لا تخوض الانتخابات أصلاً على أوراق الاقتراع، فضلاً عن إقدام بعضهم على توجيه رسائل عاطفية خاصة.
ولا تعد الانتخابات الرئاسية التي ينتظر إعلان نتائجها بشكل رسمي، غداً (الاثنين)، ظاهرة متفردة فيما يتعلق بحجم الأصوات الباطلة، إذ أسفرت نتائج الاستحقاق السابق عام 2014 الذي خاضه السيسي ومؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي، عن بطلان مليون صوت تقريباً، بنسبة 4.07 في المائة، من إجمالي الناخبين.
وبشكل أقل حدة ظهرت الأصوات الباطلة في «رئاسية عام 2012»، إذ سجلت في الجولة الأولى التي خاضها 13 مرشحاً (400 ألف صوت باطل)، وعندما وصل إلى الجولة الثانية، رئيس الوزراء الأسبق للبلاد، أحمد شفيق، ومرشح حزب جماعة «الإخوان»، آنذاك، محمد مرسي، أبطل 840 ألف شخص أصواتهم بنسبة 3.2 في المائة من الناخبين، وكان يحق لنحو 51 مليون مصري الاقتراع حينها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.