هيئة الدواء والغذاء تدرس الحد الأعلى لأسعار المختبرات الخاصة في السعودية

مع الترخيص لستة جديدة

هيئة الدواء والغذاء تدرس الحد الأعلى لأسعار المختبرات الخاصة في السعودية
TT

هيئة الدواء والغذاء تدرس الحد الأعلى لأسعار المختبرات الخاصة في السعودية

هيئة الدواء والغذاء تدرس الحد الأعلى لأسعار المختبرات الخاصة في السعودية

شكلت الهيئة العامة للدواء والغذاء لجنة لدراسة أسعار المختبرات الخاصة قبل الترخيص النهائي لها وذلك على خلفية شكاوى الموردين من ارتفاع أجور الفحص في تلك المختبرات.
وكشف إدريس الدريس المتحدث الرسمي للهيئة لـ«الشرق الأوسط» أن «الهيئة تقوم بدراسة الأسعار المقدمة من قبل الشركات خلال مرحلة الترخيص عن طريق لجنة متخصصة لدراسة الحد الأعلى لتكلفة الاختبارات وذلك بناء على عدة عوامل تتعلق بنوعية الأجهزة والمعدات والمختبرات وكفاءة الأداء والكوادر الفنية العاملة». مشيرا إلى أن المختبر يمر بمراحل كثيرة قبل الترخيص ومنها اشتراط الهيئة حصوله على شهادة اعتماد الأداء وفقا للائحة اعتماد المختبرات ضمن المواصفات القياسية السعودية. وأوضح أن الهيئة منحت ستة مختبرات غذائية خاصة رخصا مبدئية فيما يوجد عدد خمسة مختبرات مرخصة من قبل وزارة التجارة قبل انتقال مهام الترخيص منها إلى الهيئة، مشيرا إلى أن التراخيص المبدئية تمنح للشركات حتى يجري استكمال كل المتطلبات ليكون المختبر مؤهلا لتقديم الخدمات وفق أعلى المعايير ودقة النتائج.
وقال إن الترخيص للمختبرات الغذائية الخاصة يساعد في التأكد من كفاءة وأداء القطاع الخاص ودقة الاختبارات اللازمة للسلع والأجهزة والكوادر الفنية العاملة فيها مما يحقق التأثير الإيجابي على نتائج الاختبارات بالإضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات لتسهيل عملية ضبط المختبرات وحصر عددها في السعودية.
وأضاف أن الهيئة قد تستعين بهذه المختبرات المرخصة لغرض فحص وتحليل واختبار السلع المصنعة والمنتجة محليا، إلى جانب المستوردة المعروضة في الأسواق. طالب موردو سلع غذائية واستهلاكية بفتح المجال أمام المستثمرين في قطاع المختبرات الخاصة لتسريع وتيرة فحص السلع في الموانئ لتلافي عمليات التأخير التي تؤدي إلى تكدس البضائع في المواسم.
وكان موردو السلع الغذائية طالبوا بفتح المجال أمام المستثمرين في قطاع المختبرات الخاصة لتسريع وتيرة فحص السلع في الموانئ لتلافي عمليات التأخير التي تؤدي إلى تكدس البضائع في المواسم.
وقال إبراهيم العقيلي رئيس اللجنة الجمركية في غرفة جدة إن «التوسع في المختبرات الأهلية ساهم في حل مشكلات الموانئ في تأخير فحص السلع بسبب ارتفاع حركة البضائع في المواسم»، مشيرا إلى أن ميناء جدة الإسلامي يشهد انفراجا في حركة مناولة البضائع بعد التوسع في منح المختبرات الخاصة فرصة المشاركة في فحص السلع. وأشار إلى أن توفير المختبرات الخاصة سيسهم في مكافحة الغش التجاري إذا جرى إقرار نظام لاختيار تلك المختبرات وخضوعها إلى عمليات تقييم ومنافسة لتكون على قدرة في تطبيق معايير الجهات الحكومية المعنية بفحص السلع في الموانئ.
وأوضح العقيلي أن هناك حاجة إلى زيادة عدد المختبرات للمواد الطبية والغذائية على أن يجري منح المستثمرين مواقع مجاورة للموانئ لتقليص الفارق الزمني لإرسال العينات، مشيرا إلى أن نمو المختبرات سوف يمنع دخول البضائع المغشوشة إلى الأسواق. وأشار العقيلي إلى أن مصلحة الجمارك تتولى إرسال العينات إلى مختبرات وزارة التجارة بالإضافة إلى المختبرات الأهلية إلا أن العدد في الوقت الحالي غير كاف بسبب ارتفاع حجم البضائع الواردة إلى الموانئ في البلاد.
من جانبه، قال الدكتور واصف كابلي نائب رئيس اللجنة التجارية في غرفة جدة إن «التوسع في منح المختبرات الخاصة تراخيص لمزاولة العمل سيساهم في حل المشكلات التي يواجهها التجار والموردون في السعودية حال وصول بضائعهم إلى الموانئ التي تستغرق وقتا طويلا في أخذ العينات إلى جانب الضغط الكبير على المختبرات الحكومية»، مشيرا إلى أن مشاركة القطاع الخاص في هذه الخدمة سوف تساعد التجار في تخفيف الخسائر والتكاليف التي يضيفونها على التكلفة النهائية للسلع مما يجعلها تصل إلى المستهلك النهائي بأسعار مرتفعة، لافتا إلى أن الحكومة السعودية تشجع باستمرار الشراكة مع القطاع الخاص لتحسين الخدمات وتسريعها والخروج من روتين الإجراءات الرسمية التي لا تتوافق وطبيعة العمل التجاري.
تجدر الإشارة إلى أن عدد المختبرات الخاصة في السعودية يصل إلى 29 مختبرا، يتوقع مضاعفتها بضخ استثمارات من قبل القطاع الخاص لإنشاء المزيد من تلك المختبرات خلال الفترة المقبلة في مختلف مناطق.



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.