العراق: «إجراءات صارمة» ضد شراء أصوات الناخبين

موظفون من المفوضية يجهزون بطاقات الناخبين في مدينة النجف (أ.ف.ب)
موظفون من المفوضية يجهزون بطاقات الناخبين في مدينة النجف (أ.ف.ب)
TT

العراق: «إجراءات صارمة» ضد شراء أصوات الناخبين

موظفون من المفوضية يجهزون بطاقات الناخبين في مدينة النجف (أ.ف.ب)
موظفون من المفوضية يجهزون بطاقات الناخبين في مدينة النجف (أ.ف.ب)

حذرت «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» في العراق الكتل والأحزاب العراقية من التلاعب بالانتخابات المقررة في 12 مايو (أيار) المقبل، بعد ما تردد عن حملة كبيرة لشراء بطاقات ناخبين وبلوغها أسعاراً مرتفعة.
وبعد يوم من توقيع الكتل السياسية في العراق على «وثيقة الشرف الانتخابي» برعاية الأمم المتحدة، أعلنت المفوضية أنها ستتخذ «إجراءات صارمة» بحق من يثبت تلاعبه بمجريات الانتخابات «للحفاظ على سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها».
وقالت المفوضية في بيان، أمس، إن مجلس المفوضين «قرر اتخاذ الكثير من الإجراءات، من بينها سحب المصادقة من أي مرشح أو حزب أو تحالف سياسي يثبت رسمياً وبالأدلة القاطعة حصوله على بطاقات الناخبين بطريقة غير شرعية وملتوية، وسيتم إحالته إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه».
وأشارت إلى أن «الإجراءات تشمل معاقبة أي موظف من موظفي المفوضية وإحالة الناخبين الذين يثبت تورطهم ببيع البطاقات الإلكترونية الانتخابية الخاصة بهم على القضاء لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعاقبتهم قضائياً».
وشددت على أنها «ستعمل بكل قوة، ووفق الأنظمة والإجراءات المتخذة من قبلها، للمحافظة على سير العملية الانتخابية ومعاقبة المتلاعبين الذين يحاولون التشويش على إرادة الناخب النزيه وإرادة الشعب في اختيار ممثليه، وستعمل بكل حيادية ومهنية، وهي تأمل من جميع شركائها الوقوف معها والمساهمة في إنجاحها».
وتوقع مدير الدائرة الانتخابية السابق في المفوضية مقداد الشريفي أن تمارس الأحزاب والكتل السياسية ضغوطاً على المفوضية «لأن الغالبية العظمى من الكتل والكيانات والأحزاب، وبكل أسف، تعمل على ذلك (التلاعب)، بما في ذلك شراء الأصوات عن طريق البطاقات». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الانتخابات تشهد أوسع عملية شراء للأصوات، وهو ما لم يحصل في أي من الانتخابات السابقة». وأشار إلى أن «سعر البطاقة الواحدة وصل إلى أكثر من 100 دولار».
لكن رئيس الكتلة البرلمانية لـ«تحالف القوى العراقية» النائب صلاح الجبوري اعتبر أن «ما يجري هو في الواقع أكثر من مجرد عملية بيع وشراء أصوات، بل محاولة لخلق رأي عام ضاغط يشير مسبقاً إلى أن الانتخابات المقبلة لن تكون نزيهة، وبالتالي ليست شرعية، وقد يسهل عملية الطعن بها في المستقبل».
وقال الجبوري لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الحملة يعمل عليها من يريد بالفعل القيام بذلك، وبالتالي يخلق حالة إحباط لدى المواطن من لا جدوى الانتخابات، ما دام أن من يتصدى يعمل مسبقاً على تزييف إرادة الناس من خلال شراء أصواتهم».
ويقلل السياسي المستقل شاكر كتاب من الربط بين توقيع الكتل السياسية على «وثيقة الشرف الانتخابي» وتحذير المفوضية من محاولات التزوير. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وثيقة الشرف، وإن كانت بإشراف الأمم المتحدة، ما هي إلا شكل من أشكال تحالف الأطراف التي عليها مغادرة السلطة لفشلها ولعدم صلاحيتها لإدارة شؤون الدولة؛ لذلك نراهم متحمسين لبعضهم بعضاً لأنهم بتماسكهم سيتمكنون من البقاء».
وأضاف أن «هذه الطبقة السياسية التي تعمل كل شيء، بما في ذلك عمليات التزوير، تريد أن تقول إننا جئنا لنبقى رغماً عن أنوف الجميع». وأوضح أن «هذه الوثيقة، وفي ضوء كل مؤشرات التزوير، سينتهي مفعولها في الساعات الأولى من انتهاء الانتخابات، بل أكاد أراها الآن ممزقة وملقاة على الأرض حتى قبل الانتخابات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.