مظاهرات في الأحواز تندد بالعنصرية

غضب بين السكان العرب بعد برنامج تلفزيوني {مسيء}... والمسؤولون يدعون إلى ضبط النفس

متظاهرون ينددون بسياسات التمييز العنصري ضد العرب في إيران وسط الأحواز جنوب غربي البلاد أمس (شبكات التواصل الاجتماعي)
متظاهرون ينددون بسياسات التمييز العنصري ضد العرب في إيران وسط الأحواز جنوب غربي البلاد أمس (شبكات التواصل الاجتماعي)
TT

مظاهرات في الأحواز تندد بالعنصرية

متظاهرون ينددون بسياسات التمييز العنصري ضد العرب في إيران وسط الأحواز جنوب غربي البلاد أمس (شبكات التواصل الاجتماعي)
متظاهرون ينددون بسياسات التمييز العنصري ضد العرب في إيران وسط الأحواز جنوب غربي البلاد أمس (شبكات التواصل الاجتماعي)

شهدت الأحواز عاصمة ذخائر النفط الإيرانية أمس توتراً «واسعاً» بعدما نزل آلاف المتظاهرين إلى الشارع احتجاجاً على سياسات «عنصرية تهدف إلى طمس الهوية العربية» ولجأت قوات الأمن إلى الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص لتفريق المتظاهرين بالقوة، وفقاً لناشطين.
وأفاد شهود عيان في اتصال مع «الشرق الأوسط» بأن آلاف الشباب في الأحواز شاركوا لليوم الثاني في مظاهرة تندد بإقصاء العرب من الحياة العامة في إيران، مرددين هتافات وأهازيج باللغة العربية تؤكد رفضهم لأي نهج يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية، ونفي أي محاولات لتغيير المعالم العربية، كما استغل المتظاهرون المناسبة للتذكير بمشاريع تحويل مجرى الأنهار من مناطقهم إلى مناطق وسط إيران.
ووعد الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال حملة الانتخابات الرئاسية أبريل (نيسان) الماضي بإعادة النظر في مشاريع تحويل الأنهار إلى مناطق خارج الأحواز.
وانطلقت المناوشات بين الأحوازيين وقوات الأمن الإيرانية منذ أيام في عدة مدن على أثر بث القناة الإيرانية الثانية برنامجاً يظهر الخريطة الإيرانية فوقها دمى تركيبة القوميات في إيران.
واستخدم برنامج يتمتع بشعبية واسعة يخاطب الأطفال دمى للقومية «اللرية» في مناطق عربية في جنوب الأحواز ومناطقه الشمالية في حين لم تستخدم للمناطق المركزية القريبة من حدود العراق أي دمى تدل على وجود العرب في إيران، وهو ما أدى إلى استياء واسع في المدن العربية.
وتزايد السخط بعد تداول مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً يظهر عدداً من الشباب العرب يحتجون ضد مسرحية في مدينة معشور، بعدما أظهرت رجلاً يرتدي أزياء عربية يشحذ من آخر يرتدي أزياء تقليدية للقومية اللرية وهي القومية التي يقول العرب إنها تحظى بدعم رسمي لتغيير تركيبة المدن العربية.
وأظهرت مقاطع تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي استخدام قوات الأمن الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وقطعت الطرق بين مختلف مناطق الأحواز، وأقامت حواجز عسكرية بعدما أبدت مرونة لدى انطلاق الاحتجاجات منذ أول ساعات الصباح.
وقالت مصادر أحوازية إن الاعتقالات في الساعات الأولى شملت أكثر من 26 شخصاً بينهم ثلاثة نساء.
ويقول ناشطون أحوازيون إن الأحواز شهدت على مدى العقد الماضي نمواً في مشاريع هجرة غير العرب إلى مناطقهم السكنية بدعم حكومي، بهدف الإخلال بالتركيبة السكانية وتحويل العرب إلى أقلية.
وكانت الأحواز في أبريل (نيسان) 2005 مسرحاً لانتفاضة واسعة النطاق بعد تسريب وثيقة من مكتب الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي تظهر توجهاً رسمياً لتغيير التركيبة السكانية في المناطق العربية.
وأطلق ناشطون في الأيام القليلة الماضية حملة «أنا عربي» عبر شبكات التواصل الاجتماعي قبل وقفات احتجاجية نظمها ناشطون أمام مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون.
كما شهد ميناء عبادان أكبر المدن النفطية جنوب غربي البلاد احتجاجات مماثلة. ونشرت مواقع محلية أحوازية معارضة خلال الأيام الماضية مقاطع من احتجاجات عمالية مطلع هذا الأسبوع، ويردد العمال في مدينة السوس هتافات: «نحن جياع».
وشهدت الأحواز على مدى العام الماضي 397 تجمعاً احتجاجياً أغلبها ضد سياسة تحويل مجرى الأنهار، وكانت مدن الأحواز ضمن أكثر من ثمانين مدينة إيرانية شهدت احتجاجات شعبية واسعة ضد غلاء الأسعار، وتدهور الوضع المعيشي، نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأفادت وكالات إيرانية بأن مسؤولين من هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية حاولوا التحدث إلى ممثلين من المتظاهرين في محاولة لاحتواء التوتر مؤكدين «حقوقهم المشروعة والقانونية». ووعد مسؤولون بمتابعة مطالب المحتجبين مطالبين المتظاهرين بإنهاء الاحتجاجات السلمية والعودة إلى المنازل.
في المقابل، طالب المتظاهرون وقف «السلوك العنصري» و«إنكار الهوية العربية» في البرامج التلفزيونية، واعتذار المسؤولين الإيرانيين ومحاسبة فريق البرنامج «المسيء» للعرب.
وذكرت وكالات إيرانية نقلاً عن مسؤول إيراني خاطب المتظاهرين أن «استمرار أي نوع من التجمعات الاحتجاجية معارض للمصلحة العامة». في السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام إيرانية رسائل من ممثلي الأحواز في مجلس خبراء القيادة والبرلمان تطالب المحتجين بـ«ضبط النفس» والعودة إلى المنازل إضافة إلى وعود بمتابعة مطالبهم في طهران.
وتبلغ مدينة الأحواز 1.4 مليون وفقاً للإحصائية الرسمية وهي مركز إقليم خوزستان جنوب شرقي إيران، أحد الأقاليم الثلاثة إلى جانب بوشهر وهرمزجان، حيث يشكل العرب فيها غالبية السكان ويقدر إجمالي السكان العرب بأكثر من ثمانية ملايين.
وتضم مدن الأحواز نحو 90 في المائة من ذخائر النفط والغاز في إيران ويتهم الأحوازيون الحكومات الإيرانية بتبني خطط لتغيير التركيبة السكانية على خلفية تفشي البطالة الواسعة ونقل مياه الأنهار.



خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
TT

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إشارات إلى إمكانية إنهاء القطيعة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى مهامه لولاية ثانية في البيت الأبيض.

ودعا خامنئي، الأربعاء، المسؤولين وصناع القرار في بلاده «ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإسلامية ويتمنون تدميرها».

وحذر من أنه «إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي مرحلة من مراحل اتخاذ القرار حول القضايا المختلفة إلى التوقعات غير المبررة من الأميركيين، أي مراعاة مصالحهم، فإنهم يكونون قد هددوا ديمقراطية البلاد وجمهوريتها».

والأسبوع الماضي، قال علي عبد العلي زاده، كبير مستشاري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً الملف النووي الإيراني، مع بلوغ طهران مستويات متقدمة من تخصيب اليورانيوم القريب من مستوى إنتاج الأسلحة.

وقد بعثت إدارة ترمب المقبلة وطهران برسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، أم لا.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات التي أجرتها إدارة جو بايدن مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم لا؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

ووصف خامنئي العقوبات التي أعاد فرضها ترمب في 2018 بـ«السياسات الخاطئة وغير المجدية»، لافتاً إلى أن «هدفها هو إجبار الاقتصاد الإيراني على الركوع، ولكن الشعب الإيراني حقق أكبر تقدم في مجالات العلم والتكنولوجيا خلال فترة العقوبات، وظهر الشباب الإيرانيون الجاهزون للعمل في مجالات متنوعة».

وأضاف: «بالطبع، تسببت العقوبات في أضرار للبلاد، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسبهم فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار».

وقال إن «أحد مطالب الاستكبار، بمن في ذلك مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم في تصميم القضايا المختلفة».

ومن شأن هذه التصريحات أن تزيد ضغوط المحافظين ووسائل إعلامهم على الرئيس مسعود بزشكيان المدعوم من الإصلاحيين.

لكن خامنئي عبر عن ارتياحه لـ«المواقف الصريحة والحاسمة والشجاعة، لرئيس الجمهورية (مسعود بزشكيان) ضد الكيان الصهيوني ودعم أميركا لجرائمه»، وقال إن «هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب».

وقال خامنئي في بداية كلامه إنه موجه إلى «أولئك الذين يرتعبون من سياسات أميركا»، وذلك في خطاب سنوي تقليدي له أمام ممثلين من أهل قم، المعقل الأول لرجال الدين في البلاد، بمناسبة ذكرى مظاهرات دموية شهدتها المدينة قبل الإطاحة بنظام الشاه في 1979.

وأردف في السياق نفسه: «الذين يخافون من سياسات أميركا لا ينبغي أن يكونوا خائفين... على مدار عقود بعد الثورة، ارتكب الأميركيون أخطاء في حساباتهم فيما يتعلق بقضايا إيران، ويجب على الخائفين أن يعيروا اهتماماً كافياً لنقطة الضعف الأساسية والمستمرة في النظام الأميركي».

وقال خامنئي: «بعض الأشخاص يقولون: لماذا تتفاوضون وتتواصلون مع الأوروبيين ولا ترغبون في التواصل والتفاوض مع أميركا؟ أميركا كانت قد امتلكت هذا المكان، لكن تم انتزاعه من قبضتها؛ لذا فإن حقدها على البلاد والثورة هو حقد عميق! ولن تتخلى عنه بسهولة».

وأضاف: «أميركا فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل».

وطالب خامنئي بالتركيز على العمل الإعلامي والدعائي لمواجهة الولايات المتحدة. وقال: «اليوم، فهم الأميركيون جيداً أنه لا يمكنهم تحقيق أهدافهم باستخدام الأدوات العسكرية فقط»، وأشار إلى «زيادة الأميركيين للبرمجيات الدعائية».

وأشار خامنئي إلى الحرب في غزة، وكذلك اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وقال: «انظروا إلى ما حدث في غزة، قتلوا هذا العدد الكبير من الناس؛ دبابات، مدافع، قنابل، رشاشات، طائرات مسيرة. قتلوا جميع العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على الحركة... وقاموا بتدمير العديد من العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من تدمير (حزب الله)، ولن يستطيعوا ذلك. لذا يجب عليهم العمل عبر الوسائل الإعلامية الناعمة، يجب عليهم القيام بالدعاية».

وقال: «هذه نقطة مهمة لنا، نحن الشعب الإيراني. العمل الإعلامي الناعم هو اختلاق الأكاذيب لخلق فجوة بين الواقع وتصورات الرأي العام. أنتم تتقدمون بقوة لكنهم يروّجون أنكم تضعفون...هم يضعفون لكنهم يروجون أنهم يصبحون أقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، وهم يقولون إنهم سيقضون عليكم بالتهديدات. هذه هي الدعاية. وهناك من يتأثرون بها».

وقال: «اليوم، العمل الأساسي والمهم للأجهزة الإعلامية لدينا، للأجهزة الثقافية، للدعاية، لوزارة الثقافة والإعلام، لإذاعتنا وتلفزيوننا، ولنشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يمزقوا وَهْم قوة العدو، أن يكسروا هذا الوهم، وألا يسمحوا لدعاية العدو بالتأثير على الرأي العام».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أدلى بتصريحات مماثلة عن أهمية الإعلام، وذلك خلال مؤتمر لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء.

وقال عراقجي: «إلى جانب الميدان (الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري») والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».