خلاف «الوطني الحر» ـ «المردة» يتفاقم... وسجالات انتخابية مفتوحة

المواجهة المباشرة تنحصر في دائرة الشمال الثالثة

خلاف «الوطني الحر» ـ «المردة» يتفاقم... وسجالات انتخابية مفتوحة
TT
20

خلاف «الوطني الحر» ـ «المردة» يتفاقم... وسجالات انتخابية مفتوحة

خلاف «الوطني الحر» ـ «المردة» يتفاقم... وسجالات انتخابية مفتوحة

بلغ السجال بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» حداً غير مسبوق، قبل نحو شهر من موعد الانتخابات النيابية. فالفريقان المتخاصمان منذ المعركة الرئاسية، التي انتهت بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، تفاقمت خلافاتهما طوال الفترة الماضية، فانفجرت أخيراً بالخطابات الانتخابية، علماً بأنهما لا يخوضان إلا مواجهة مباشرة واحدة محصورة في دائرة الشمال الثالثة، حيث يترشح رئيس «الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، فيما يتزعم طوني فرنجية، نجل رئيس «المردة» سليمان فرنجية، اللائحة المنافسة.
وتتخذ المعركة في الدائرة المذكورة أبعاداً كثيرة، أبرزها مرتبط بالانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ يخوض «التيار الوطني الحر»، بشخص رئيسه، المواجهة بلائحة تحالف فيها مع رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض، تتنافس مع لائحة أخرى شكلها حزب «القوات اللبنانية»، بالتحالف مع «الكتائب»، كما مع لائحة ثالثة شكلها تيار «المردة»، بالتحالف مع النائب بطرس حرب و«الحزب القومي السوري»، ما يعطيها طابع المنافسة على رئاسة الجمهورية، بعد نهاية ولاية الرئيس الحالي العماد ميشال عون إثر انتهاء ولايته في عام 2022.
ويدعم تيار «المردة» في دائرة كسروان - جبيل اللائحة التي شكلها الوزير السابق فريد هيكل الخازن بوجه لائحة «التيار الوطني الحر»، من دون أن يكون له فيها أي مرشح حزبي. كما يدعم في دائرة عكار اللائحة التي شكلتها قوى «8 آذار»، وتضم مرشحه النائب السابق كريم الراسي، بوجه لائحة شكلها «التيار الوطني الحر».
وبدأ السجال الانتخابي الأخير بين الطرفين خلال حفل إطلاق «التيار الوطني الحر» حملته الانتخابية يوم السبت الماضي، إذ شن الوزير باسيل حملة على تيار «المردة»، من دون أن يسميه، قائلاً: «نحن معكم نفكر بشكل كبير، وهم يفكرون بشكل صغير، نحن خطط الطاقة وهم موتورات التعطيل، نحن خطة النفط وهم رخص المحطات، نحن الأوتوستراد الدائري وهم تزفيت الزواريب، نحن السياحة الدينية وهم البينغو، نحن خطة السير والنقل المشترك وهم رخص الزجاج الداكن، نحن الغد وهم الأمس».
وسارع نجل رئيس «المردة»، طوني فرنجية، للرد على باسيل، خلال إعلان لائحة «معاً للشمال ولبنان»، يوم الثلاثاء الماضي، قائلاً: «يعيروننا بالزفت، ولكن الحقيقة أن اختصاصهم هو الزفت، ولكن للأسف بغير مكانه»، وأضاف: «نتائجهم في ملف الكهرباء زفت، نتائجهم في الخارجية زفت، نتائجهم في البيئة زفت. وفي الخلاصة، إنهم زفت أينما حلوا».
واعتبر النائب في «التيار الوطني الحر» حكمت ديب أن كلام فرنجية الابن يهدف إلى «تشويه الحقائق»، واستهجن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» توصيف «من يسعى لتأمين حاجات الناس بالقوة، رغم كل المناكفات من داخل الحكومة وخارجها، بالزفت».
في المقابل، اعتبر القيادي في تيار «المردة» شادي سعد أن تركيز الوزير باسيل على مهاجمة «المردة» دون غيره «مرده أنه متحالف مع كل الفرقاء الآخرين باستثنائنا، ونحن لسنا مستائين بتاتاً من هذا الموضوع، ونرد بالحقائق والوقائع على كل الادعاءات»، وسأل: «ألم يردموا البحر بالنفايات، ووزارة البيئة المحسوبة على التيار لم تتحرك للتصدي للموضوع؟ أليس «الوطني الحر»، الممسك بوزارة الطاقة منذ 10 سنوات، لم يحل بعد مشكلة الكهرباء، بل يطرح حلولاً تفاقم الوضع، كما المشكلة الأساسية المتمثلة بالدين العام؟».
وأضاف سعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يبررون استثمار وزارة الخارجية لأهداف انتخابية، كما يؤكد المغتربون أنفسهم؟ وكيف يبررون التعاطي مع المواطنين وكأنهم جزء من المعارضة، وهم الممسكون بـ10 وزارات؟».
ورأى سعد أن «معركة باسيل الحقيقية داخل تياره، وليست معنا، ولعل الوجوه التي رأيناها تقف خلفه وهو يعلن لوائحه الانتخابية خير دليل وجواب على المسرحية المؤقتة التي تنتهي فصولها مع انتهاء مرحلة ترئيسه للتيار».
وأضاف: «على كل الأحوال، معركتنا الأساسية كـ(مردة) هي في عام 2022، بعد أن نكون قد نفذنا خطتنا للتوسع والانتشار التي ستنطلق بعد الانتخابات النيابية الحالية».



تراجع ملحوظ في الإقبال على المراكز الصيفية الحوثية

أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)
أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)
TT
20

تراجع ملحوظ في الإقبال على المراكز الصيفية الحوثية

أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)
أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)

تشهد المراكز الصيفية التي تنظمها الجماعة الحوثية هذا العام، عزوف شريحة واسعة من السكان عن إلحاق أطفالهم فيها، بينما منعت الضربات الأميركية القادة الحوثيين من الظهور في فعاليات تدشينها، على الرغم من الأنشطة الحثيثة لذلك.

ودشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية، المراكز الصيفية التي تنظمها سنوياً عقب انتهاء العام الدراسي في مناطق سيطرتها، والتي عملت خلال الأعوام الماضية، على تسييره بالتقويم الهجري بدلاً من الميلادي، إلى جانب تعمدها تقليص المدة الزمنية التي تجري فيها الدراسة إلى أقل من 6 أشهر.

ونقلت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن المراكز الصيفية لهذا العام تشهد في أيامها الأولى، إقبالاً محدوداً من السكان على إلحاق أطفالهم بها، رغم أن الجماعة الحوثية كثفت من أنشطتها لإقناعهم بها، وكلفت كثيراً من قادتها الميدانيين للإشراف على الدعاية والترويج لها وتنظيمها.

وربطت المصادر بين اشتداد الضربات الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة التي سبقت تدشين المراكز الصيفية والعزوف عن إلحاق الأطفال فيها، إلى جانب عدم ظهور القيادات الحوثية العليا في فعاليات التدشين، والترويج لها بسبب مخاوف استهدافهم.

إقبال ضعيف على الالتحاق بالمراكز الصيفية هذا العام (إعلام حوثي)
إقبال ضعيف على الالتحاق بالمراكز الصيفية هذا العام (إعلام حوثي)

كما أرجعت المصادر هذا العزوف إلى ازدياد المخاوف من أن يجري استقطاب الأطفال للقتال مع الجماعة، بعد أن شهدت السنوات الأخيرة تجنيد الآلاف منهم، وإرسالهم إلى جبهات القتال، في ظل تواتر وقائع سقوط أطفال في المعارك، أو عودتهم من الجبهات بعد اختفائهم لفترات طويلة دون علم أهاليهم.

ويؤكد مطهر البذيجي رئيس التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تغيراً في أنشطة الجماعة الحوثية للمراكز الصيفية هذا العام، باستغلال الهجمات الأميركية للترويج لروايتهم، وحشد الأطفال إلى المخيمات بحجة محاربة إسرائيل وأميركا، إلى جانب التغييرات الملحوظة في طريقة تنظيم المراكز نفسها.

استهداف الأرياف

لم تمنع مخاوف الجماعة الحوثية من استهداف الغارات الأميركية قادتها واجتماعاتها من تنظيم فعاليات التدشين والترويج للمراكز الصيفية، إذ كلفت قادتها الميدانيين والمشرفين الذين عينتهم في مستويات دنيا بالمؤسسات الحكومية التي تسيطر عليها بذلك.

طلاب في مركز صيفي حوثي يقفون على هيئة طائرة مُسَيّرة (إعلام حوثي)
طلاب في مركز صيفي حوثي يقفون على هيئة طائرة مُسَيّرة (إعلام حوثي)

وتزداد حالياً في مختلف المحافظات والمديريات الخاضعة لسيطرة الجماعة، الأنشطة والفعاليات لتدشين المراكز الصيفية، ولإقناع الأهالي بإلحاق أطفالهم بها.

ويشير تداول وسائل الإعلام الحوثية أخبار تدشين وأنشطة المراكز الصيفية، إلى استهداف الجماعة للأرياف والمناطق النائية، ومناطق التماس مع القوات الحكومية، بكثير من الأنشطة والفعاليات والترويج لإقناع السكان بإلحاق أطفالهم بها.

ويفسر البذيجي رئيس التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد)، تركيز الحوثيين فعالياتهم الترويجية للمراكز الصيفية في الأرياف بسهولة إقناع السكان، نظراً لعدة عوامل؛ منها تدني الوعي وقلة الإدراك بمخاطر ما يجري، وتلقين الأطفال بدروس وخطابات تؤدي بهم إلى التطرف وغسل الأدمغة.

ونوّه رئيس التحالف الحقوقي بأن سكان الأرياف يسهل إقناعهم بأن المراكز الصيفية ما هي إلا دورات إضافية مساعدة في التعليم وتنشيط الأطفال، وتحفيزهم على الدراسة، وتقوية تحصيلهم العلمي، إلى جانب ملء أوقات فراغهم.

اتهامات للجماعة الحوثية باستغلال الفقر لإقناع السكان بإلحاق أطفالهم بمراكزها ومعسكراتها (أ.ف.ب)
اتهامات للجماعة الحوثية باستغلال الفقر لإقناع السكان بإلحاق أطفالهم بمراكزها ومعسكراتها (أ.ف.ب)

ولفت إلى أن مناطق التماس مع القوات الحكومية غالباً من المناطق التي يسهل على الجماعة تجنيد الأطفال فيها وإلحاقهم بالجبهات، ويسهم الفقر وإغراءات الجماعة الحوثية في تقديم سلال غذائية، أو معونات مالية، في دفع الأهالي لإلحاق أطفالهم بهذه المراكز، ومن ثم تجنيدهم.

تجريف التعليم

تفيد مصادر تربوية في العاصمة صنعاء بأن المراكز الصيفية تُستخدَم، إلى جانب عمليات غسل أدمغة الأطفال وتجنيدهم للقتال، في توفير مصادر دخل لكثير من الناشطين الحوثيين، حيث يتم تكليفهم بمهام تقديم الدروس مقابل أجور يومية.

وبحسب المصادر، فإن المبالغ التي يجري إنفاقها لصالح تنظيم المراكز الصيفية، يجري سحبها من مخصصات طباعة الكتاب المدرسي، وإعداد الوسائل التعليمية، وصيانة المدارس والمرافق التعليمية، بالتوازي مع اجتزاء العام الدراسي وتقليص مدته وتخفيف الأنشطة المدرسية، لصالح المراكز الصيفية.

ولفتت إلى استغلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال العام ونصف العام الماضيين، لتعزيز أنشطة المراكز الصيفية ومخرجاتها، وذلك من خلال ما أطلقت عليه «دورات الوفاء للأقصى»، التي قدّمت خلالها تدريبات عسكرية للأطفال، واستقطبت الآلاف منهم إلى صفوفها.

الضربات الأميركية قلّلت من ظهور القادة الحوثيين في فعاليات المراكز الصيفية (إ.ب.أ)
الضربات الأميركية قلّلت من ظهور القادة الحوثيين في فعاليات المراكز الصيفية (إ.ب.أ)

وركز زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في آخر خطاباته على المراكز الصيفية، وأفرد لها مساحة واسعة، إلى جانب الهجمات الأميركية على مواقع جماعته، والتطورات الإقليمية وارتباطها بتلك الضربات.

وحثّ الحوثي جميع الجهات الخاضعة لسيطرة جماعته والمشرفين على الدورات الصيفية، على المساهمة الفاعلة في نجاحها، ودعا كل «من يمتلكون الخلفية الثقافية والعلمية في التدريس فيها»، للمشاركة في ذلك بجدّ ومثابرة.

ويرى خبراء تربويون أن استخدام التقويم الهجري في تسيير وتنظيم الأعوام الدراسية، يهدف إلى تغيير مواعيد الدراسة، وتحويل اهتمام الأهالي بتدريس أولادهم إلى المراكز الصيفية، التي تبدأ فعلياً في فصل الربيع، بينما تبدأ الدراسة في فصل الصيف الذي يعدّ موسماً زراعياً في اليمن، حيث تضطر العائلات إلى الاستعانة بأطفالها في الزراعة.

وبحسب الخبراء الذين تحدثوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الجماعة تسعى إلى إحلال المراكز الصيفية بديلاً عن الدراسة، وإجبار الأهالي على إلحاق أطفالهم فيها بدلاً من انتظامهم في مدارسهم.