أنقرة «لن تخدع» بأسماء جديدة لـ«الوحدات» الكردية

بعد إعلان حزب «سوريا المستقبل» في الرقة

TT

أنقرة «لن تخدع» بأسماء جديدة لـ«الوحدات» الكردية

أبدت تركيا اعتراضا على تشكيل حزب كردي جديد، معتبرة أنه محاولة للخداع من خلال تغيير الأسماء والأماكن التي تشغلها وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا.
وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية) لا يستطيع خداع تركيا من خلال تغيير الأسماء أو الأماكن بشكل متكرر.
وأضاف يلدريم، في مؤتمر صحافي في مطار أسنبوغا بأنقرة، قبيل مغادرته إلى البوسنة والهرسك في زيارة رسمية: «قلنا في كل مناسبة إن هؤلاء يغيرون أماكنهم وأسماءهم بشكل متكرر، ويظهرون أمامنا بأسماء مختلفة في سوريا والعراق، ولكن عند خلع الأقنعة تنكشف حقيقتهم أمام الجميع».
وأعلن عن تأسيس حزب جديد في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد بمدينة الرقة السورية، يوم الثلاثاء الماضي، يحمل اسم «سوريا المستقبل»، بمبادرة من الولايات المتحدة ومشاركة عربية.
في سياق متصل، أكد نائب رئيس الوزراء التركي رجب أكداغ ضرورة تطهير مدينة منبج السورية من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، معتبرا أن ذلك يأتي ضمن إطار حماية أمن تركيا.
وقال أكداغ في مقابلة تلفزيونية، أمس: «إننا مضطرون للقيام باللازم من أجل حماية أمن حدودنا»، لافتا إلى بيان مجلس الأمن القومي الذي صدر عقب اجتماع برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان مساء أول من أمس الذي أكد ذلك العزم، وشدد على ضرورة أن تفي واشنطن بتعهداتها المتعلقة بمنبج.
وأشار المسؤول التركي إلى أن تطهير منبج من «العناصر الإرهابية» عبر السبل الدبلوماسية سيكون مرتبطا بموقف الولايات المتحدة، مبينا أن هذا الأمر يمكن القيام به من قبل واشنطن، وإلا سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل بلاده.
يأتي هذا في وقت يتم فيه الحديث عن احتمال تنفيذ أنقرة عملية عسكرية في منبج لـ«تطهيرها من وحدات حماية الشعب الكردية على غرار عملية غصن الزيتون في عفرين السورية».
وأكد مجلس الأمن القومي التركي، في بيان الليلة قبل الماضية، أن تركيا ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لتطهير منبج من الوحدات الكردية إذا لم يتم سحب هذه العناصر منها، في إشارة إلى تعهدات سابقة للولايات المتحدة بانسحاب الميليشيات الكردية إلى شرق الفرات.
وعلى صعيد عملية «غصن الزيتون» في عفرين، تواصلت أعمال التمشيط واكتشفت فصائل الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا، قاعدة للقوات الخاصة تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية أثناء عمليات التمشيط في مركز عفرين.
وكانت القوات الخاصة التابعة لوحدات الحماية الكردية تستخدم تلك القاعدة التي تم العثور عليها جنوب مركز عفرين، في عمليات التدريب والتجمع والمأوى.
وتضم القاعدة أماكن واسعة للتدريب، وأنفاقا، وغرفا تحت الأرض لتخزين السلاح، وأجهزة إلكترونية، وأجهزة حاسوب، وعثر فيها على العديد من الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وذكر القائد في الجيش السوري الحر إسماعيل حاج سليمان، في تصريحات لوكالة الأناضول، أن القاعدة تحتوي على مراكز تدريب، وعنابر، وأماكن تدريب خاصة بالنساء، ومركز قيادة.
كما عثرت قوات «غصن الزيتون»، خلال عمليات التمشيط وتفكيك الألغام المزروعة في منطقة عفرين على منشأة لإنتاج الألواح الخرسانية التي تستخدم في إنشاء الأنفاق والمواقع المسلحة.
واستطاعت قوات غصن الزيتون العثور على نفق وسط مركز مدينة عفرين، يصل طوله إلى 30 متراً، ويصل النفق الذي تمّ إنشاؤه بالألواح الخرسانية، إلى مبنيين اثنين من تحت الأرض.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.