الأصوات الباطلة... آلية احتجاج أم عدم وعي؟

فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت بالانتخابات الرئاسية المصرية (أ.ف.ب)
ناخب يدلي بصوته في انتخابات الرئاسة المصرية (أ.ف.ب)
فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت بالانتخابات الرئاسية المصرية (أ.ف.ب) ناخب يدلي بصوته في انتخابات الرئاسة المصرية (أ.ف.ب)
TT

الأصوات الباطلة... آلية احتجاج أم عدم وعي؟

فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت بالانتخابات الرئاسية المصرية (أ.ف.ب)
ناخب يدلي بصوته في انتخابات الرئاسة المصرية (أ.ف.ب)
فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت بالانتخابات الرئاسية المصرية (أ.ف.ب) ناخب يدلي بصوته في انتخابات الرئاسة المصرية (أ.ف.ب)

رغم كونها غير مؤثرة، فرضت الأصوات الباطلة نفسها مع ظهور المؤشرات الأولية لنتائج التصويت في انتخابات الرئاسة المصرية، والتي أشارت إلى فوز كاسح للرئيس عبد الفتاح السيسي بحصوله على أكثر من 21 مليونا بنسبة تزيد على 90 في المائة من الأصوات.
وبينما حصل موسى مصطفى موسى رئيس حزب «الغد» والمنافس الوحيد للرئيس السيسي في الانتخابات على أكثر من 700 ألف صوت، بلغ عدد الأصوات الباطلة أكثر من مليون ونصف المليون صوت، بحسب وسائل إعلام مصرية.
وأفادت تقارير لصحف رسمية بأن عدد المشاركين في الانتخابات بلغ 25 مليون ناخب من إجمالي نحو 60 مليوناً مقيدين في الجداول الانتخابية، وبلغت عدد الأصوات الصحيحة أكثر من 23 مليون صوت.
واكتسبت الأصوات الباطلة اهتماما خاصا في السنوات الأخيرة، حيث بلغت أكثر من مليون صوت في انتخابات الرئاسة في عام 2014. والتي فاز بها السيسي بأكثر من 96 في المائة من إجمالي الأصوات، فيما حصل منافسه حمدين صباحي على 757 ألف صوت، بنحو 3.9 في المائة، بعد استبعاد الأصوات الباطلة.
وأرجع مغردون بعض الأصوات الباطلة إلى مؤيدين لأحد المرشحين، بالغوا في التعبير عن اختيارهم بجملة أو رسم، ما أبطل صوتهم، فيما نشر بعض الناخبين صور بطاقات اقتراعهم، وقد كتبوا اسما آخر دون اختيار أي من المرشحين، كنوع من التعبير عن حبهم لهؤلاء الأشخاص، مثل اللاعب محمد صلاح نجم منتخب مصر وليفربول الإنجليزي.
من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن إن الأصوات الباطلة هي في أغلبها «احتجاجية»، وإن بعضا ممن رغبوا في المشاركة في التصويت ولكن لا يروق لهم أي من المرشحين اتجه إلى إبطال صوته.
وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أشار حسن إلى أن نسبة ضئيلة من الأصوات الباطلة تعود إلى عدم الوعي لدى بعض الناخبين، حيث يكتب البعض عبارات تأييدية لأحد المرشحين بدلا من علامة إبداء الرأي، أو وضع علامة التصويت بين الاسمين.
وعن إمكانية تطبيق التصويت الإلكتروني لتجنب إبطال الأصوات، رأى حسن أنه من الصعب تطبيق ذلك في الوقت الحالي، وإنما ممكن بعد عقد من الزمان، لوجود نسبة من كبار السن الذين لا يمكنهم التعامل مع الحواسيب والهواتف الذكية، مشيرا إلى ضرورة وجود ضوابط لعملية التصويت الإلكتروني.
إلى ذلك، يرى محللون أن الأصوات الباطلة ليست سلبية تماما، وإنما تعكس إيجابية ورغبة في تسجيل موقف، من خلال المشاركة وممارسة الحق السياسي، من دون تأييد أي من المرشحين، بعكس المقاطعة التامة للتصويت.
وتتواصل عملية فرز الأصوات اليوم (الخميس) بعد غلق صناديق الاقتراع، فيما لمحت المؤشرات الأولية من مصادر راقبت الانتخابات إلى أن نسبة المشاركة قد تقل عن نظيرتها في انتخابات 2014.
وحثت اللجنة العليا للانتخابات ووسائل الإعلام المصريين على المشاركة في التصويت في الساعات الأخيرة من الاقتراع، بينما من المقرر أن تصدر النتائج النهائية للانتخابات يوم الاثنين المقبل.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.