صفقة جديدة حول دوما وتل رفعت لـ«توزيع سوريا»

مفاوضات مباشرة بين أنقرة وموسكو وفصائل معارضة

عنصر تابع لقوات النظام السوري يراقب تل رفعت أمس (أ.ف.ب)
عنصر تابع لقوات النظام السوري يراقب تل رفعت أمس (أ.ف.ب)
TT

صفقة جديدة حول دوما وتل رفعت لـ«توزيع سوريا»

عنصر تابع لقوات النظام السوري يراقب تل رفعت أمس (أ.ف.ب)
عنصر تابع لقوات النظام السوري يراقب تل رفعت أمس (أ.ف.ب)

المفاوضات المباشرة بين الجيش الروسي و«جيش الإسلام» محتدمة لمستقبل دوما في غوطة دمشق. كما أن المحادثات بين الجيشين الروس والتركي مكثفة لتقرير مستقبل تل رفعت في ريف حلب، ما ذكر بالمفاوضات غير المباشرة سابقاً لتقرير مستقبل القطاع الجنوبي من الغوطة بالتزامن مع تقدم قوات «غصن الزيتون» التركية من مركز عفرين، شمال حلب، الأمر الذي أوحى بأن عمليات توزيع قطع سوريا بين القوى الخارجية مستمرة.
وإذ تجري مفاوضات مستقبل دوما على وقع تعزيز الحكومة السورية قواتها حول المدينة مع أنباء عن نية روسيا قيادة هذه العملية، فإن الحديث بات يتناول «مرحلة ما بعد الغوطة» وما إذا كانت ستنتقل قوات الحكومة وروسيا أولاً للهجوم على «الجيب المعزول» في ريف حمص أولاً أم إلى «هدنة الجنوب» حيث تقوم ترتيبات روسية - أميركية - أردنية، مع وجود قناعة بأن مرحلة شرق نهر الفرات مؤجلة إلى مرحلة بعيدة، بسبب القرار السياسي الأميركي بـ«البقاء إلى أجل مفتوح».
وتحت وطأة خسارة القطاع الجنوبي وتهجير آلاف المقاتلين من «فيلق الرحمن» و«أحرار الشام» من شرق دمشق إلى الشمال، دخل «جيش الإسلام» مفاوضات مباشرة مع الجيش الروسي لتقرير مصير آخر جيب للمعارضة شرق العاصمة. وبحسب المعلومات، فإن هناك الكثير من التعقيدات في هذه المفاوضات حيث سعى ضباط مصريون للوصول إلى تسوية ما استكمالاً لدورهم في عقد اتفاق «خفض التصعيد» صيف العام الماضي.
«جيش الإسلام» يريد البقاء في دوما بسلاحه ومؤسساته المدنية مع وقف للنار مع دمشق، مقابل السماح بوجود رمزي لمؤسسات الدولة وصولاً إلى تحول مقاتلين معارضين إلى قوات شرطة والتخلص من السلاح الثقيل وإيجاد صيغة للتعاطي مع الخدمة الإلزامية للشباب في دوما بـ«حماية روسية» مع «إصدار عفو عام»، والسماح بحرية الحركة من وإلى المنطقة.
لكن الجانب الروسي، الذي كان يبدي بعض المرونة، بات ميالاً إلى التشدد والاقتراب من موقف دمشق وخيّر «جيش الإسلام» الذي يضم نحو ثمانية آلاف مقاتل بين «الهجوم العسكري أو اللحاق بركب المناطق الأخرى والموافقة على الإجلاء».
وبرزت عقدة أخرى هنا، هي الوجهة التي يمكن أن يذهب إليها بعض قيادات «جيش الإسلام»، ذلك أنهم يرفضون الذهاب إلى إدلب بسبب المعارك السابقة بين «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» التي تلعب دوراً أساسيّاً في «هيئة تحرير الشام» في إدلب. كما أن أنقرة وفصائل متحالفة معها رفضت استقبال قيادات من «جيش الإسلام» بسبب اعتراض تركي على عقد فصائل اتفاقات عقد التصعيد مع روسيا برعاية مصرية.
عقدة وجهة المقاتلين المهجرين من الغوطة برزت قبل يومين، إذ إن فصائل «درع الفرات» التي تسيطر بدعم تركي على مناطق بين الباب وجرابلس في ريف حلب، رفضت استقبال «فيلق الرحمن» الذي كان ينسق مع «النصرة» في وسط وجنوب الغوطة. ونقل عن قيادي معارض قوله: «يجري الحديث عن استقبال ألفي مقاتل وعائلاتهم في درع الفرات، لكن التخوف أن يدعو فيلق الرحمن موالين من إدلب إلى مناطق درعا الفرات لاحقاً».
كما تخوفت فصائل إسلامية و«معتدلة» من انتقال مقاتلين من «فيلق الرحمن» و«النصرة» إلى إدلب لاعتقاد هذه الفصائل أن وصول مقاتلين جدد سيرجح الكفة لصالة «هيئة تحرير الشام» في أي مواجهة مقبلة بين فصائل إسلامية في ريف إدلب. وخرج أكثر من 19 ألف شخص من البلدات الجنوبية للغوطة فقط، بعدما كان تم إجلاء أكثر من 4500 من حرستا. وهناك توقعات بأن يصل العدد إلى 30 ألفاً.
وأمام هذا الواقع بدا أن إحدى المناطق التي يمكن أن يذهب إليها قياديون أو مقاتلون من «جيش الإسلام» هي زاوية أرياف درعا - السويداء - القنيطرة التي تسود فيها اتفاقية «خفض التصعيد» بتفاهم أميركي - روسي - أردني.
ويتزامن هذا الخيار مع بدء إرسال قوات الحكومة بعض التعزيزات إلى الجنوب للتلويح بإمكان الذهاب إليه بعد الغوطة. لكن مسؤولين غربيين ودوليين قالوا: «دمشق تضغط على موسكو للذهاب إلى شن هجوم على جيب ريف حمص في الرستن وتلبسية»، وهي المنطقة التي كان جرى التوصل في القاهرة مع روسيا لاتفاق «خفض التصعيد». وأوضح دبلوماسي: «معركة حمص سهلة وتقع ضمن سوريا المفيدة لدمشق، على عكس جنوب البلاد».
وكانت أميركا وروسيا والأردن توصلوا إلى «هدنة الجنوب» نصت على التزام أميركا بأن تقاتل فصائل «الجيش الحر» التي تضم 35 ألف مقاتل «جبهة النصرة» و«جيش خالد» التابع لـ«داعش» مقابل التزام روسيا بإبعاد «قوات غير سورية» في إشارة إلى «حركة النجباء» و«حزب الله» عن الجنوب في مرحلتين: الأولى بين 5 و15 كيلومتراً والثانية وراء 20 كيلومتراً.
وبحسب مسؤول غربي: «كلما راجعت أميركا روسيا إزاء تنفيذ التزاماتها لإبعاد ميلشيات إيران تطالب موسكو واشنطن بقتال (النصرة)».
عليه، بقي الموضوع معلقاً مع التزام الأطراف وقف النار. وتم خرق الهدنة مرات عدة الأسبوع الماضي من قوات الحكومة. وجرت لقاءات أميركية - روسية في عمان لعودة الأطراف إلى التزام الهدنة. وهناك اعتقاد بأن دمشق تضغط لتحسين الموقف التفاوضي للوصول إلى ترتيبات جديدة، خصوصاً وسط رغبة الأردن بإعادة تشغيل معبر نصيب ورفع العلم الرسمي.
عليه، فإن المرجح هو أن تكون المعركة المقبلة في «جيب» حمص. واستعجل «جيش التوحيد» و«هيئة التفاوض» في حمص الاتصال بأنقرة للوصول إلى تسوية تبعد ريف حمص عن المعارك ونشر نقاط مراقبة تركية شمال حمص. لكن أنقرة لا تزال إلى الآن تعطي أولوية لقضم ريف حلب بعد عفرين.
وبحسب المعلومات، فإن المفاوضات جارية بين الجيشين الروسي والتركي للاتفاق على آلية تسليم تل رفعت إلى أنقرة والاتفاق على خرائط انتشار فصائل معارضة والجيش التركي هناك. وقال مصدر مطلع: «هناك اتفاق على تسليم تل رفعت إلى تركيا، وإن قوات النظام انسحبت من أطراف مطار منغ ومناطق في تل رفعت، وإن الخلاف هو حول مستقبل وحدات حماية الشعب الكردية». ونفى مصدر كردي حصول أي تقدم للجيش التركي في تل رفعت، قائلاً: «الأمر على حاله هي في أيدي النظام وليس الوحدات الكردية التي تركز على حرب كر وفر في عفرين».
وبعد سيطرتها على 2100 كيلومتر مربع في مناطق «درع الفرات» وألف كيلومتر في مناطق عفرين، ترتفع مناطق سيطرة تركيا بعد القبض على تل رفعت لتضاف إلى مناطق أخرى في ريفي إدلب وحماة، حيث نشر الجيش التركي 13 نقطة مراقبة. في المقابل، تسيطر قوات الحكومة على نصف مساحة سوريا مقابل سيطرة حلفاء واشنطن على ثلث سوريا شرق نهر الفرات.



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».