البشير يجدد وقف إطلاق النار مع المتمردين

مدده لثلاثة أشهر إضافية

TT

البشير يجدد وقف إطلاق النار مع المتمردين

جدد الرئيس السوداني عمر البشير وقف إطلاق النار مع الحركات المسلحة في البلاد لثلاثة أشهر، تنتهي في يونيو (حزيران) المقبل، وذلك بنهاية أجل قراره السابق.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، خبراً مقتضباً، مفاده أن الرئيس البشير أصدر أمس قراراً يقضي بتمديد وقف إطلاق النار المعلن حتى 30 يونيو 2018.
وكان البشير قد جدد سريان قراره بوقف إطلاق النار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمرسوم رئاسي، يمتدّ لثلاثة أشهر أخرى تنتهي بنهاية مارس (آذار) الحالي.
ومن جانبها، أعلنت الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة السودانية في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وقفاً لإطلاق النار من جانبها، ودأبت على تجديده دورياً، وقد صمد الاتفاق بين الأطراف السودانية المتحاربة لأكثر من سنة.
وعلى صعيد غير متصل، قُتِل شخصان وأصيب خمسة آخرون بيد متشدد اعتدى عليهم داخل مسجد بمدينة كسلا، التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق الخرطوم، ولقي المتشدد حتفه على يد المصلين، الذين دافعوا عن أنفسهم ضده مستخدمين الحجارة والطوب.
ونقلت تقارير عن اللواء يحيى الهادي، مدير شرطة ولاية كسلا أن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم بسبب الحادث في مسجد الشيخ إبراهيم بحي مكرام بكسلا، بمن فيهم المعتدي.
وقال مصدر تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المعتدي معروف في المدينة بميوله التكفيرية، وأن أهل المنطقة منعوه من الحديث والوعظ، بيد أنه طلب من إمام المسجد ليلة الحادثة أن يتيح له الحديث مع المصلين بعد صلاة العشاء، وحين رفض دخل معه في مشادة كلامية، استلّ خلالها سكيناً طعن به الإمام وهاجم بقية المصلين.
وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الهادي محمد الأمين، إن حادثة كسلا غامضة، وتعد مؤشراً خطيراً لأن المتهم بارتكابها ينتمي لـ«التكفير والهجرة»، وهي جماعة تكفر المجتمع والدولة، وهي من أكثر الجماعات تطرفاً. وأوضح الأمين أن حادثة كسلا أعادت الناس إلى مرحلة استخدام «الأسلحة البيضاء»، بعد أن أصبح المتطرفون يستخدمون الأسلحة النارية والقنابل والأحزمة المتفجرة.
ولا تُعد حادثة كسلا، أول من أمس، الأولى من نوعها في الاعتداءات على المصلين، إذ شهدت عدد من مساجد البلاد حالات مشابهة، كانت أولاها حادثة «الخليفي» في 4 من فبراير (شباط) 1994، الذي استهدف مصلين في مسجد «أنصار السنة» بمدينة أم درمان أصيب خلاله 51 شخصاً بين قتيل وجريح. وتكررت حادثة أخرى، قتل خلالها 20 شخصاً على يد المتشدد عباس الباقر، بمسجد أبو بكر الصديق، بمنطقة الجرافة بأم درمان في التاسع من ديسمبر 2000.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.