مصر «تتحفظ» على تصريحات الرئيس السوداني الداعمة لبناء سد النهضة الإثيوبي

مصدر مسؤول لـ {الشرق الأوسط}: البشير تجاهل تأثيره على حصتنا في مياه النيل

مصر «تتحفظ» على تصريحات الرئيس السوداني الداعمة لبناء سد النهضة الإثيوبي
TT

مصر «تتحفظ» على تصريحات الرئيس السوداني الداعمة لبناء سد النهضة الإثيوبي

مصر «تتحفظ» على تصريحات الرئيس السوداني الداعمة لبناء سد النهضة الإثيوبي

أبدت مصر تحفظها على تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير، التي أعلن خلالها للمرة الأولى عن مساندته للموقف الإثيوبي بشأن بناء «سد النهضة» باعتباره «يحقق فائدة كبيرة (لبلاده) في مجال الحصول على الكهرباء». وقال مصدر مصري مسؤول بوزارة الري لـ«الشرق الأوسط» أمس «إن البشير تحدث فقط عن الإيجابيات؛ متجاهلا السلبيات، وتأثير السد على حصة مصر في مياه نهر النيل».
وأثارت إثيوبيا قلقا بالغا في مصر عندما شرعت قبل نحو ستة أشهر على تحويل مجرى نهر النيل الأزرق (أحد روافد نهر النيل)، تمهيدا لبناء «سد النهضة». وتقول مصر إن السد يهدد حصتها من المياه، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بنحو أكثر من 10%، كما سيؤدي أيضا إلى خفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي.
لكن المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير مجدي عبد العاطي قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «بلاده ستنتظر الاجتماع الثلاثي لوزراء الري، المزمع عقده خلال يومين في الخرطوم، لتستوضح موقف كل دولة على نحو رسمي وواضح، وحتى يتسنى لنا اتخاذ الموقف السليم وفقا للمعطيات الحالية».
ويستأنف وزراء المياه والري بدول مصر والسودان وإثيوبيا يوم (الأحد) المقبل اجتماعاتهم في العاصمة السودانية الخرطوم، لبحث مشروع بناء سد النهضة الإثيوبي، ومناقشة تقرير الخبراء الدوليين الذي قدم لحكومات الدول الثلاث في وقت سابق، والمعني بدراسة الآثار التي يمكن أن يحدثها سد النهضة على دول المصب، بهدف الوصول إلى تفاهمات بشأن التقرير.
وكان تقرير اللجنة الفنية، المكونة من 10 أشخاص، أشار إلى أن «معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبي بها قصور في منهجية عمل تلك الدراسات التي لا ترقى لمستوى مشروع بهذا الحجم»، وأن الجانب الإثيوبي لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدى خطورتها على دولتي المصب.
وفي موقف أثار تحفظ القاهرة، قال الرئيس السوداني عمر البشير، على هامش تدشينه مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين لشبكة ربط كهربائي بين البلدين أول من أمس، إن «حكومته تساند الموقف الإثيوبي بشأن بناء سد النهضة، لأنها ستحظى بنصيب كبير من الكهرباء التي سينتجها السد». وأضاف: «ساندنا سد النهضة لقناعة راسخة أن فيه فائدة لكل الإقليم بما فيه مصر، وسنعمل عبر اللجنة الثلاثية يدا بيد لما فيه مصلحة شعوب المنطقة».
وتتعارض هذه التصريحات مع ما ذكره المهندس أسامة عبد الله وزير الموارد المائية والري والطاقة السوداني، خلاله اجتماعه مع نظيره المصري الدكتور محمد عبد المطلب وزير الري والموارد المائية في القاهرة أول من أمس، والتي أكد فيها «وقوف الجانب السوداني بجانب الموقف المصري».
وقال مصدر مصري مسؤول بوزارة الري لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «هذا الكلام ليس بجديد، وذكره البشير منذ نحو ستة أشهر في اجتماع سابق، لكن هذه المرة، ونتيجة لوجود رئيس الوزراء الإثيوبي معه وتوقيع اتفاقيات خاصة بالكهرباء، تحدث عن مميزات السد في إمداد بلاده بالطاقة الكهربائية».
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم تعريفه لحساسية الموقف: «نحن لا نعترض على هذه المميزات ولم نجهلها، لكن لم يوضح البشير كيف نتعامل مع السلبيات، وهذه لم يتطرق لها.. فمثلا أمان السد مهم جدا، لكن هل نولد كهرباء ثم ينهار السد في اليوم التالي؟».
ورغم التطمينات الإثيوبية، تتشكك مصر في قدرة السد الإثيوبي على الصمود، وتشير إلى إمكانية تعرضه للانهيار وانفلات كميات ضخمة من المياه تجاه كل من السودان ومصر. ونوه المصدر المصري إلى أن «البشير تجاهل تأثير السد على حصة مصر من مياه النيل ومصير الاتفاقيات المائية، وكان على الرئيس السوداني أن يكون حديثه متوازنا بين السلبيات والإيجابيات». وأشار المصدر إلى أن «مصر مصرة على حل الأزمة عن طريق الحوار والمفاوضات بين الدول الثلاث»، مؤكدا أن «الجلوس مع إثيوبيا على طاولة واحدة لمناقشة الأمر بعد انقطاع تام دام لمدة ستة أشهر، هو تطور إيجابي». يذكر أن مشروع «سد النهضة»، الذي يبعد عن حدود السودان من جهة الجنوب مسافة من 20 إلى 30 كيلومترا، بدأ التفكير فيه قبل نحو 50 عاما. وبدأ المقترح عام 1964 بسعة تخزينية من المياه قدرها نحو 11 مليار متر مكعب إلى 14.5 مليار متر مكعب، والآن جرى تطوير السد لتصل قدرته التخزينية إلى أكثر من 70 مليار متر مكعب. وتطمح إثيوبيا في أن يساهم السد، الذي يتكلف 4.8 مليار دولار، في توليد نحو ستة آلاف ميغاواط من الكهرباء.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.