المصريون يحتفلون بتصدر السيسي استفتاء مجلة «تايم» لشخصية العام

دعم مطالبات شعبية بترشحه للرئاسة.. وحسرة بين أنصار «الإخوان»

صورة من موقع مجلة «تايم» الأميركية عقب إغلاق باب تصويت القراء  -على شخصية العام أمس ويظهر اسم السيسي في الصدارة («الشرق الأوسط»)
صورة من موقع مجلة «تايم» الأميركية عقب إغلاق باب تصويت القراء -على شخصية العام أمس ويظهر اسم السيسي في الصدارة («الشرق الأوسط»)
TT

المصريون يحتفلون بتصدر السيسي استفتاء مجلة «تايم» لشخصية العام

صورة من موقع مجلة «تايم» الأميركية عقب إغلاق باب تصويت القراء  -على شخصية العام أمس ويظهر اسم السيسي في الصدارة («الشرق الأوسط»)
صورة من موقع مجلة «تايم» الأميركية عقب إغلاق باب تصويت القراء -على شخصية العام أمس ويظهر اسم السيسي في الصدارة («الشرق الأوسط»)

فرحة عارمة انتابت أغلب المصريين بتصدر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع المصري، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، استفتاء أجرته مجلة «تايم» الأميركية حول أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم خلال هذا العام 2013. زاد من بهجة الفرحة أن المنافس المباشر له في الأشواط النهائية كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي غضب منه معظم المصريين بعد دفاعه المستميت عن الإخوان المسلمين ورئيسهم المعزول محمد مرسي.
ولا ينسى المصريون أن أردوغان هو صانع شعار «رابعة العدوية» (الكف ذو الأصابع الأربعة المفرودة والإبهام المطوي)، الذي أصبح تيمة لاحتجاجات ومظاهرات «الإخوان» وأنصارهم ضد خارطة المستقبل والنظام الجديد في البلاد.. الذين استقبلوا خبر تصدر السيسي للائحة تصويت القراء بالحسرة والمرارة، خاصة بعدما حشدوا كل طاقتهم لكي يفوز رمزهم التركي الملهم «أرودغان».
أحرز السيسي المركز الأول في تصويت قراء المجلة الشهيرة، الذي جرى إغلاقه في منتصف ليل الأربعاء، السابعة من صباح أمس الخميس بتوقيت القاهرة، بحصوله على نسبة 26.2 في المائة من أصوات القراء. وجاء في المركز الثاني رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بنسبة 20.8 في المائة، فيما جاءت المغنية الأميركية المثيرة للجدل ميلي سايروس في المركز الثالث بنسبة 16.3 في المائة، وحل رابعا ناريندا مودي، رئيس وزراء ولاية غوجارات شمال غربي الهند.
ومن المقرر أن تعلن مجلة «تايم» رسميا اسم الفائز بتصويت القراء يوم 11 ديسمبر (كانون أول) الحالي، ليتصدر غلاف المجلة.. وهو ما حدث العام الماضي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بوصفه أكثر الشخصيات المؤثرة لعام 2012، وجاءت الطفلة الباكستانية مالالا يوسفزاي وصيفة، وهي التي قامت حركة طالبان بإصابتها بطلقة رصاص في الرأس بسبب حملتها من أجل حق الإناث في التعليم. يذكر أن أحد المرشحين للحصول على اللقب العام الماضي أيضا كان الرئيس المصري السابق محمد مرسي، واتفقت نسبة 30.8 في المائة على استحقاقه الترشح، بينما عارض 69.92 في المائة ترشحه، بحسب موقع مجلة «تايم».
وتحول السيسي إلى بطل شعبي ورمز قومي منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو (تموز) الماضي، على أثر مظاهرات شعبية حاشدة ضد حكم «الإخوان» اندلعت في 30 يونيو (حزيران) الماضي، مشكلة الموجة الثانية لثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وأعلن الجيش تأييده لهذه الموجة بقيادة السيسي وانحاز لإرادتها الشعبية، مدشنا بالتوافق مع قوى مدنية وثورية وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة خارطة طريق لتصحيح المسار الديمقراطي في البلاد، تضمنت إجراء انتخابات حرة عقب الاستفتاء على دستور جديد.
تبلور حب المصريين للسيسي في المظاهرات العارمة التي قدرتها بعض الإحصاءات بنحو 34 مليون نسمة، وعمت القاهرة والمحافظات، خلال أقل من 48 ساعة بعد طلب السيسي تفويضا من الشعب للجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب، وقد عد كثير من المحللين هذه المظاهرات بمثابة استفتاء على شعبية السيسي، وأنه البطل المخلص الذي حمى البلاد من شرور «الإخوان» وفسادهم.
ومع الضربات المتلاحقة التي حققها الجيش في حربه مع قوى الإرهاب المسلح، خاصة في شبه جزيرة سيناء، والجهود التي يبذلها الجيش بالتنسيق مع الشرطة في ضبط إيقاع الدولة داخليا، أصبح ترشح السيسي ليتولى رئاسة البلاد مطلبا شعبيا، وهناك توافق واسع بين طوائف الشعب المصري ونخبه السياسية والثقافية على أنه الشخصية القوية القادرة على قيادة دفة البلاد في لحظة مفصلية.
وضمت قائمة مجلة «تايم» لهذا العام شخصيات أثرت في مجريات الأحداث عالميا، منها الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس السوري بشار الأسد، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والممثلة الأميركية أنجلينا جولي، والناشطة الباكستانية مالالا يوسفزاي وإدوارد سنودن وغيرهم.
ورغم أن المصريين أصبحوا يتحسسون خطوات السيسي، ويتابعون بلهفة كل كلمة يتفوه بها، بل ويعدون الإساءة إليه إساءة للوطن وللثورة، كما أن قوى كثيرة بدأت في تدشين حملات مؤيده للسيسي رئيسا للجمهورية، عن طريق جمع توقيعات مؤيدة لذلك من المصريين، ومن أبرزها حملة «كمل جميلك».. فإن الرجل لم يحسم أمره، لكنه أمام هذا الرصيد الجارف من الحب لم يغلق الباب بل تركه مواربا، حتى لا يفقد محبوه الأمل ويصابوا بالإحباط، وهو ما تجسد جليا في قوله حين سئل عن ذلك خلال حوار أجري أخيرا معه: «لكل حادث حديث، والله غالب على أمره».
ويأمل كثير من الطامعين في كرسي الرئاسة ألا يترشح السيسي، حتى لا يقطع الطريق على الجميع، بل إن حمدين الصباحي زعيم التيار الشعبي، الذي شكل مفاجأة في الانتخابات الرئاسية السابقة، صرح بأنه في حالة ترشح السيسي لهذا المنصب فإنه سيؤيده، وسوف ينسحب من السباق، فيما ينتظر آخرون إعلان السيسي موقفه النهائي للإعلان عن موقفهم الشخصي من الترشح للرئاسة.



كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات التي كانت سبباً في تضخم عالمي، وشكاوى دول عديدة بخاصة مصر، مع تراجع إيرادات قناة السويس لنحو 7 مليارات دولار.

ووسط آمال باستعادة الملاحة بالبحر الأحمر نشاطها مع دخول هدنة قطاع غزة حيز التنفيذ قبل أيام، يتوقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار واشنطن «إيجابياً» على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها استفادة من القرار الأميركي.

وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها «تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية»، مؤكداً أن سياسة بلاده «إنهاء هجماتها» على الشحن البحري، خاصة أنها «هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي».

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

وبهذا يعود ترمب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، «استجابة لمطالب إنسانية»، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة، ليقوم بإدراجهم ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص»، وهو تصنيف أقل صرامة يسمح باستمرار المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

ولم يعلق الحوثيون على قرار ترمب، غير أنه جاء مع خطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة «إكس»، «مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة».

ولم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترمب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.

كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير «كانون الثاني» من كل عام)، قائلاً: «إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة». فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.

موقف القاهرة

ويعتقد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن قرار ترمب «يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر»، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.

وبشأن الموقف المصري، يعتقد العرابي «أن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترمب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، «أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة».

سلاح ذو حدين

ويرى المحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، أن قرار ترمب «سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني».

ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة، وفق ما أوردته «فرانس 24»، الخميس.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن شركة «دي بي وورلد» تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن «بما لا يقل عن 20 و25 في المائة» على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم.

ويتوقع الصيادي «أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد الجماعة الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية، ما يدفعها للقبول بأي حلول سياسية بأقل المكاسب الممكنة».