تدهور الوضع الأمني في لبنان أمس، بعد مرحلة استقرار حذر شهدتها البلاد على ضوء تشكيلة الحكومة اللبنانية الحالية. إذ استهدفت سيارة مفخخة يقودها انتحاري نقطة تفتيش ضهر البيدر لقوى الأمن الداخلي على الطريق العام الجبلي الذي يربط بيروت بدمشق، إلى الشرق من بيروت، قبل وقت قصير من عبور المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم على حاجز النقطة، ما أدى إلى مقتل عنصر من قوى الأمن، إضافة إلى الانتحاري، وأصيب 33 شخصا بجروح.
الانتحاري فجّر نفسه بسيارة كان يتّجه بها إلى البقاع (شرق لبنان) على حاجز ضهر البيدر الواقع عند المنطقة الفاصلة بين جبل لبنان والبقاع، لدى وصولها إلى الحاجز وطلب عناصره من السائق الترجل. وأوضحت قوى الأمن الداخلي، في بيان لها، أن إحدى دورياتها {اشتبهت بسيارة رباعية الدفع من نوع نيسان (مورانو) فضية اللون، على الطريق الداخلية في بلدة صوفر متجهة غربا إلى بلدة بحمدون، ولدى محاولة توقيفها فرّ السائق من أمام الدورية وعاد أدراجه شرقا باتجاه البقاع. وعلى الفور أعلمت الدورية حاجز ضهر البيدر بمواصفات السيارة المشتبه بها، ولدى وصولها إلى الحاجز طلب عناصره من السائق الترجّل فأقدم على تفجير السيارة ما أدى إلى مقتل عنصر من قوى الأمن هو محمود جمال الدين، ومقتل الانتحاري، وجرح 7 عناصر من قوى الأمن وعنصرين من الجيش اللبناني، إضافة إلى مدنيين آخرين كانا يمرون في المنطقة}.
وقال شهود عيان لـ{الشرق الأوسط} إن الانتحاري توقف ليسأل أحد المواطنين عن الاتجاهات، وتصرّف بطريقة أثارات الريبة، فجرى التبليغ عنه وملاحقته من قبل القوى الأمنية.
ومن ناحية ثانية، أوضح اللواء إبراهيم بصبوص، مدير عام قوى الأمن الداخلي، أن السيارة المستخدمة بالتفجير كانت متجهة من البقاع إلى بيروت قبل أن تطاردها دوريات من قوى الأمن الداخلي، مشيرا إلى أن سائقها {عاد أدراجه إلى البقاع}. وتفقّد بصبوص موقع التفجير، كما تفقده مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي أشار إلى أن زنة العبوة تتراوح ما بين 25 إلى 30 كلغم، فيما فرضت القوى الأمنية طوقا أمنيا حول مكان الانفجار وقطعت طريق ضهر البيدر بالاتجاهين.
وبعد وقوع التفجير تبين أنه وقع على بعد أمتار من موكب مدير عام الأمن العام اللواء إبراهيم أثناء توجهه إلى البقاع. وقال إبراهيم في حديث لقناة {إل بي سي آي}: {كنا قد اشتبهنا بسيارة ونحن في طريقنا، وعندما أوقفت عند حاجز ضهر البيدر، حصلت عملية التفجير.. الانفجار وقع لحظة مرور السيارة التي كنت أستقلها وبعد لحظات من مرور موكبي}. واتهم إبراهيم الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء الانفجار، بعد تسريب جهاز الاستخبارات الإسرائيلية وثيقة عن محاولة استهدافه، لافتا إلى أن {الإرهاب له وجوه كثيرة وإسرائيل هي أحد وجوهه}.
وكانت وسائل إعلام لبنانية كشفت عن وثيقة مسرّبة من الموساد، تفيد بأن جماعات مسلحة تأتمر بـ{كتائب عبد الله عزام} المرتبطة بتنظيم {القاعدة}، تخطط لعمل إرهابي كبير في لبنان يستهدف شخصية أمنية رفيعة، يرجح أن تكون اللواء إبراهيم. ويعد هذا التفجير الأول الذي يستهدف نقطة لقوى الأمن الداخلي، بعدما استهدف تفجيران على الأقل حواجز للجيش اللبناني شرق لبنان. ولقد وقع في أعلى نقطة على الطريق الدولية بين بيروت ودمشق، التي تكون عادة مكتظة بالسيارات، علما أن طرقا تربط شرق لبنان بالحدود السورية، كانت تعرّضت لتفجيرات سابقة استهدفت سيارات رباعية الدفع، قيل إنها مواكب أمنية تعود لحزب الله اللبناني.
من ناحية أخرى، أعقب التوتر الأمني أمس، جهودا لبنانية كبيرة بذلتها الأجهزة الرسمية منذ الاثنين الماضي، لتطويق محاولات لهزّ الاستقرار، بناء على معلومات وصلت إلى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، عن وجود تهديد أمني، تعاطت معه القوى الأمنية بجدية. وتحرك الجيش اللبناني على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، مركز ثقل نفوذ حزب الله اللبناني، كما نفذ عمليات أمنية في الجرود المحاذية للحدود اللبنانية، ضمن إجراءات للحفاظ على الاستقرار. ورفعت الأجهزة الأمنية من وتيرة استنفارها، لمنع تمدد تنظيم {الدولة الإسلامية في العراق والشام} المعروف بـ{داعش} إلى لبنان، كما لمنع إيقاظ خلايا نائمة من المتشددين المتعاطفين معه في لبنان. ويذكر أنه ارتفعت وتيرة المخاطر الأمنية في لبنان، بموازاة تدهور الوضع الأمني في العراق، بعد ثلاثة أشهر من الهدوء الحذر، عمت سائر المناطق اللبنانية بعد تشكيل الحكومة الحالية، على ضوء اتخاذ الحكومة قرارا بتنفيذ خطة أمنية في الشمال وخطة أخرى في البقاع (شرق لبنان) لحماية الاستقرار.
وعلى أثر تدهور الوضع الأمني، دعا رئيس الحكومة تمام سلام إلى اجتماع أمني عاجل في السراي الحكومي، حضره نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقادة الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى مدعي عام التمييز القاضي حمود. وأكد اللواء بصبوص أن لدى قوى الأمن الداخلي {تدابير أمنية مع الجيش على مدى 24 ساعة في كل الظروف والأيام، استنادا إلى معلومات أمنية}، وفي حين طمأن قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى أن {هناك مبالغة}، مشددا على أن {الأمر ليس بهذه الخطورة}. أما وزير المال علي حسن خليل، المنتمي إلى حركة أمل، فقال {إننا بمواجهة مفتوحة تتطلب أن تكون كل الأجهزة الأمنية مستنفرة}، لافتا إلى أن {المعطيات كانت تشير إلى عمل إجرامي كبير كان يحضر}.
وفي سياق متصل، بعد وقت قصير على تفجير ضهر البيدر، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن القوى الأمنية أقفلت طرقا عدة في داخل بيروت، منها عين التينة (حيث مقر إقامة رئيس مجلس النواب نبيه بري) وطريق المطار واليونسكو، الواقعة على المدخل الجنوبي للعاصمة. وضوعفت التدابير الأمنية منذ ظهر أمس في سائر المناطق اللبنانية. وألغى ديفيد هايل، سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان، زيارته التي كانت مقررة إلى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، {لدواع أمنية}، ودعت السفارة الفرنسية في لبنان رعاياها إلى الحد من تحركاتهم إلا في الحالات القصوى على كل الأراضي اللبنانية.
جدير بالإشارة، شهد لبنان سلسلة تفجيرات وأعمال عنف منذ اندلاع النزاع في سوريا المجاورة ومشاركة حزب الله حليف نظام دمشق في صف قوات النظام فيها علنا، أدت إلى مقتل العشرات. ويعود آخر التفجيرات إلى 16 مارس (آذار) وأدى إلى مقتل أربعة أشخاص في قرية النبي عثمان الشيعية بمحافظة البقاع على مقربة من الحدود السورية.
حرب على «الخلايا النائمة» بعد تفجير البقاع
توقيف 17 شخصا من جنسيات لبنانية وعربية * معلومات عن ست سيارات مفخخة
حرب على «الخلايا النائمة» بعد تفجير البقاع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة