كبار السن يتصدرون المشهد... وحضور باهت للشباب

جندي مصري يساعد سيدة مسنة على المشاركة في الاقتراع الرئاسي («الشرق الأوسط»)
جندي مصري يساعد سيدة مسنة على المشاركة في الاقتراع الرئاسي («الشرق الأوسط»)
TT

كبار السن يتصدرون المشهد... وحضور باهت للشباب

جندي مصري يساعد سيدة مسنة على المشاركة في الاقتراع الرئاسي («الشرق الأوسط»)
جندي مصري يساعد سيدة مسنة على المشاركة في الاقتراع الرئاسي («الشرق الأوسط»)

تصدر كبار السن في مصر، المشهد الانتخابي في أول وثاني أيام التصويت بالانتخابات المصرية، مع حضور باهت للشباب، وفق متابعين ومحللين سياسيين، وتوافد عدد كبير من الرجال والسيدات المسنين، على اللجان بمختلف المدن، مع فتح أبواب اللجان أمام الناخبين في تمام التاسعة من صباح أمس. وأبرزت وسائل الإعلام المصرية، تصدر كبار السن للمشهد الانتخابي، وضعف إقبال الشباب.
وتسابق على الحضور سيدات مسنات بالقرى والنجوع والمدن المصرية، ففي محافظة قنا (جنوب القاهرة 650 كيلومترا)، صرحت «أنجيل عجيب» 70 سنة بعد إدلائها بصوتها: «أعطيت صوتي للرئيس السيسي... ربنا يخليه ويحفظه بيعطيني التموين ببلاش». وفي محافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة)، أدلت «فهيمة علي إبراهيم السيد» 103 سنوات، من قرية سنجها، مركز كفر صقر بمحافظة الشرقية، بصوتها داخل لجنة السيدات بمدرسة الإعدادية بسنجها. وقالت إنها ادخرت 30 ألف جنيه مصري، من أجل كفنها وتكاليف العزاء، لكنها قالت مصر أولى بهم. وأضافت أنها تحتفظ بالمبلغ بجيبها، وتتمنى مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإعطائه تحويشة العمر من أجل مصر».
وشهدت اللجان الانتخابية بمعظم المحافظات، توافد كبار السن بشكل لافت على اللجان قبل ساعة من فتح باب التصويت، حيث قام المواطنون بالجلوس على الرصيف انتظارا لفتح اللجنة. لكن سعيد عطية، أحد متابعي العملية الانتخابية بلجان مركز طوخ، بمحافظة القليوبية، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشاركين في العملية الانتخابية بالمنطقة التي يتابعها من جميع الفئات والأعمار، وليسوا من كبار السن فقط».
وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار لاشين إبراهيم، الثاني من أبريل (نيسان) لإعلان نتيجة الانتخابات، وفي حال أسفرت النتائج عن الحاجة لإعادة، ستجرى انتخابات في الفترة من 19 إلى 21 من أبريل بالنسبة للمصريين في الخارج، وفي الداخل ستجري الإعادة من 24 إلى 26 أبريل، وتعلن النتيجة النهائية في الأول من مايو (أيار) المقبل.
من جانبه، علّق المحلل السياسي عمار علي حسن، عن تقدم كبار السن للمشهد الانتخابي الجاري بقوله: «المسنون في مصر والعالم كله يميلون بطبعهم إلى تكريس ما هو موجود وسائد، وهم أكثر انحيازا إلى الاستقرار والاستمرار، ولديهم إحساس بأن التغيرات الفجائية، في الحياة السياسية والاقتصادية أمر غير مستحب وخاطئ».
وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط»: قائلا: «الحالة النفسية والخبرات الحياتية تقول إن كبار السن، لا يألفون إلى القفزات والتغيرات عكس الشباب الذين يألفون المجازفة والتغيير»، وأوضح أن السلطة الحالية في مصر لديها معضلة منذ الانتخابات الرئاسية الماضية في عام 2014. وهي عزوف الشباب عن الإدلاء بأصواتهم، إذ لم تقم الدولة بحل هذا الأمر مع مرور الوقت رغم كل الإجراءات الشكلية التي قامت بها، والسلطة الآن غير قادرة على علاج هذه الفجوة بين الشباب من جهة، وبين الحكومة من جهة أخرى، رغم أن نحو 70 في المائة من سكان مصر من الشباب، وهؤلاء يمثلون نحو نصف أعداد الناخبين الحاليين».
وتابع: «تراجع الشباب عن الإدلاء بأصواتهم سمح لكبار السن بتصدر المشهد من جديد، وتراجع الشباب بسبب شعورهم بأن العملية الانتخابية شبه محسومة وأقرب إلى الاستفتاء، بالإضافة إلى محاولتهم لفت انتباه السلطة في مصر عما يجرى وإرسال رسالة مفادها بأنهم لديهم رغبة في تعديل سياسات الحكومة في الفترة المقبلة».
من جهتها، قالت نائبة البرلمان المصري، نشوى الديب، لـ«الشرق الأوسط»: «مشاركة السيدات وكبار السن كان الأمر الأبرز في اليوم الأول، لكن لوحظ حضور الشباب إلى اللجان أيضا في نطاق دائرتها الانتخابية في إمبابة بالجيزة». وأضافت: «شاركت في مسيرة عمالية قدرت بنحو 3 آلاف عامل من العاملين في مصانع إمبابة قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع المختلفة». ولفتت «التفاؤل الكبير بالمستقبل، هو الذي شجع الشباب على المشاركة».
في السياق نفسه، قال محمد السيد أحمد، 30 سنة، وموظف في إحدى الشركات الخاصة ويقيم في حي بولاق الدكرور بالجيزة: «عزوف الكثير من الشباب عن المشاركة في هذه الانتخابات يعود للنتائج شبه المحسومة لصالح السيسي، بجانب ضعف المرشح المنافس، الذي لم يكن يعرفه أحد قبل شهرين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».