مقالات متأخرة لكويتسي حائز نوبل

نقد ومراجعات للكتب وآراء

جون ماكسويل كويتسي
جون ماكسويل كويتسي
TT

مقالات متأخرة لكويتسي حائز نوبل

جون ماكسويل كويتسي
جون ماكسويل كويتسي

إلى جانب رواياته العديدة التي نشرها تباعاً على مدى عقود طويلة من الزمن، دأب الروائي الجنوب أفريقي، الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 2003، جون ماكسويل كويتسي، على نشر مقالاته النقدية ومراجعات الكتب التي كتبها في كتب مستقلة بين الحين والآخر، وقد سبق أن نشر في هذا السياق كتابين هما «شواطئ غريبة: مقالات أدبية، 1986 – 1999»، عام 2001. و«أعمال داخلية: مقالات أدبية، 2000 - 2005» عام 2007، أما كتابه الأخير في هذا الإطار فهو «مقالات متأخرة، 2006 - 2017»، وهو من منشورات عام 2017. الكتاب يضم 23 مقالة تتفاوت في الطول، وتتناول كتباً وكتاباً وأجناساً أدبية مختلفة، وإن غلبت عليها الأعمال الروائية بطبيعة الحال.
اللافت في جميع هذه المقالات، كما أشار إلى ذلك بينجامين أوجدين في مراجعته للكتاب في ملحق مراجعات الكتب التابع لـ«النيويورك تايمز»، هو أن كويتسي يميل لأن يكون ناقداً تقليدياً على عكس ميله كروائي لأن يكون روائياً حداثياً، أو حتى ما بعد حداثي عبر مسيرته الروائية الممتدة عبر أكثر من أربعين عاماً. وحسب ما قاله في رسالة كتبها إلى صديقه الكاتب الأميركي، بول أوستر، فإنه يشعر بالضجر من الكتابة السردية التي لا تحاول الإتيان بجديد لم يُسبق إليه، خصوصاً فيما يتعلق بالأداة نفسها، ويعني بذلك الشكل الذي تتخذه الرواية.
المقالة الأولى تناولت رواية «روكسانا»، وهو عمل غير مشهور لدانييل ديفو، أو لنقل إنه ليس بشهرة الرواية الأبرز التي ارتبطت باسم هذا الروائي، الذي يعد من المؤسسين للرواية الإنجليزية، ونعني بها «روبنسن كروزو»، في حين تناولت المقالة الثانية عمل ناثانيل هوثورن الأشهر ربما، «الشارة القرمزية». أما المقالة الثالثة فهي عن رواية فورد مادوكس فورد «الجندي الطيب»، التي قد يبدو عنوانها مضللاً، فهي لا تتخذ من الحرب محوراً لها، بل تتحدث عن مؤسسة الزواج في إنجلترا الإدواردية، والطرق التي كانت ترتكب فيها الخيانات من داخل بنية تلك المؤسسة. وعن فورد نفسه، يقول كويتسي إنه (أي فورد) رغم نظره إلى نفسه بوصفه يمثل امتداداً لتورجنيف وفلوبير وموباسان، وصولاً إلى هنري جيمس وجوزيف كونراد، ورغم علاقاته الأدبية النخبوية ما قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، خصوصاً مع غزرا باوند، مما أدخله فيما يمكن أن يُسمى «مخيم الحداثة الكوزموبوليتاني»، إلا أن أعماله الرئيسية، ومن بينها «الجندي الطيب» هي نتاج صانع مجتهد ومجد أكثر من كونها نتاج كاتب يجنح للتجريب، وهي تعبّر عن رؤية اجتماعية محافظة، وربما كانت رجعية أكثر من كونها ثورية.
أما المقالة الرابعة فجاءت تحت عنوان «حكاية فيليب روث عن الوباء»، وتناولت بالنقد والتحليل رواية الروائي الأميركي الأشهر، في أحد أعماله التي لا تعد من رواياته الكبرى عبر مسيرته الروائية الطويلة والغنية. الرواية التي هي أقرب للرواية القصيرة أو النوفيلا، كما تسمى باللغة الإنجليزية، حسب ما يرى كويتسي، برغم طولها المتوسط (290 صفحة) تندرج في سياق ما يسميه روث نفسه روايات الانتقام أو «نيمسيس»، وهي كلمة ذات جذور يونانية ذات دلالة مركبة، فهي تشير إلى الأفعال غير العادلة ومشاعر الغضب العادل تجاه تلك الأفعال. وتكمن وراء هذا الفعل فكرة النصيب، سواء أكان جيداً أم سيئاً، وكيف يُقسّم ذلك النصيب في الكون. وحسب الأسطورة الإغريقية، فإن الإلهة نيمسيس تسعى لأن يُذل كل من يحظون بالثراء بشكل فاحش. والثراء هنا ليس من الضروري أن يكون ثراءً مادياً.
أطول مقالات الكتاب تمحورت حول ترجمات شعر الشاعر الألماني هولدرلن إلى الإنجليزية التي أنجزها الشاعر والمترجم مايكل هامبرغر، الذي فر وأسرته إلى لندن من ألمانيا، موطنه الأصلي، هروباً من النازيين. المقالة التي حملت عنوان «ترجمة هولدرلن» انشغلت بشكل لافت للنظر بالحديث عن هولدرلن نفسه، وعن سيرته، وتفاصيل حياته، وعلاقاته مع أعلام عصره مثل هيغل وشيللر وشيلنغ، ولم يشغل الحديث عن ترجمات هامبرغر إلا مساحة ضئيلة، وإن كانت مهمة، من مجمل المقالة.
ومن الأفكار المهمة التي يطرحها الكاتب للنقاش فيما يخص ترجمة الشعر على وجه الخصوص فكرة مدى ضرورة التزام المترجم بالمحافظة قدر الإمكان بترجمة الشعر الموزون شعراً موزوناً، مع مراعاة نظام التقفية ما أمكن ذلك، وهو الأمر الذي كان هامبرغر حريصاً عليه فيما يبدو، خصوصاً في ترجماته الأولى لقصائد هولدرلن، وكان قد بدأها في أربعينات القرن العشرين، واستمر فيها حتى طباعتها كاملة عام 2004م، بالإضافة إلى ترجمة أعمال أخرى له، مما جعله أبرز مترجمي شعر هولدرلن وأحد أبرز مترجمي الشعر عموماً من الألمانية إلى الإنجليزية.
الرأي الذي يرجحه كويتسي، هو أن الالتزام بترجمة الشعر موزوناً ومقفى، انطلاقاً من الوفاء له والحرص على المحافظة على بنيته، لا يمنح القارئ على الضفة الأخرى نصاً حيوياً «حياً» في أغلب الأحوال، بل ربما مال ذلك النص لأن يكون متخشباً منزوع الروح. ولدعم رأيه هذا، يورد كويتسي ترجمتين اثنتين لنص واحد من نصوص هولدرلن، أحدهما لهامبرغ والآخر لمترجم آخر، ويوضح من خلال المقارنة بينهما كيف أن الترجمة الأخرى، التي أتاحت لنفسها حرية الانحراف عن الوفاء للنص الأصلي، كانت أكثر نجاحاً وإقناعاً للقارئ.
هناك عدد من المقالات المهمة الأخرى، بالخصوص حول صامويل بيكيت (ثلاث مقالات) تناولت أعمالاً مختلفة له. وهناك مقالتان عن الروائي الأسترالي باتريك وايت، الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1973م، الذي يعتبره كويتسي أهم الروائيين الأستراليين قاطبة.
في أولى تينك المقالتين يتطرق كويتسي لقضية مهمة، وهي الوصية الأدبية التي يتركها الكاتب وراءه قبل رحيله، ويوكل تنفيذها عادة إلى وكيله الأدبي، فقد فعل وايت شيئاً يذكّر بما فعله كافكا قبله، إذ إنه أوصى بالتخلص من كل أعماله غير المكتملة ومسودات أعماله التي هي في طور الكتابة بعد رحيله، ولكن وكيله الأدبي الموكل بتنفيذ الوصية اقتفى خطى ماكس برود، صديق كافكا ووكيله الأدبي، ولم ينفذ وصية وايت، وكانت النتيجة نشر رواية «الحدائق المعلقة»، التي يبدو أن وايت انصرف عن إتمامها لسبب ما.
هذه المسألة الشائكة أثارت ولا تزال تثير الكثير من الجدل. فهل من حق الكاتب أن يوصي بإعدام أعماله غير المنشورة بعد رحيله؟ وهل هو أفضل من يقرر بشأنها؟ ثم إن كان يريد التخلص منها بالفعل، فلماذا لا يقدم على التخلص منها بنفسه، وهو قادر على ذلك في حياته؟ ثم ماذا عن الجانبي الأخلاقي والقانوني في المسألة: هل يحق للوصي ألا ينفذ الوصية كما أرادها صاحبها؟ سنميل على الأرجح للإجابة بلا، ولكن لو فعل برود ذلك مثلاً لما وصلت إلينا روايتا «المحاكمة» و«القلعة» لكافكا، ولا شك أن في ذلك خسارة عظمى لعشاق الأدب في العالم أجمع.
* شاعر وكاتب سعودي



سحر إلفيس بريسلي يتوهَّج في ذكرى ميلاده الـ90

الأسطورة (مواقع التواصل)
الأسطورة (مواقع التواصل)
TT

سحر إلفيس بريسلي يتوهَّج في ذكرى ميلاده الـ90

الأسطورة (مواقع التواصل)
الأسطورة (مواقع التواصل)

تعمُّ الاحتفالات أرجاء بريطانيا إحياءً للذكرى الـ90 لميلاد أسطورة الغناء إلفيس بريسلي.

ووُلد بريسلي داخل كوخ خشبي في توبيلو بولاية مسيسيبي الأميركية عام 1935. وسجَّل خلال مسيرته الفنّية أغنيات شكَّلت علامات فارقة بتاريخ عصر موسيقى «الروك آند رول» في خمسينات القرن الماضي، وذلك بدءاً من سنّ الـ21؛ بما فيها «أول شوك آب» و«هارت بريك هوتيل».

في هذا السياق، عرضت «بي بي سي» شهادات لمَن علَّم فيهم إلفيس؛ فروت جان أوين من نيوكواي في كورنوال الإنجليزية، التي حدثت معرفتها الأولى بأغنيات بريسلي عام 1956، أنها رأته بعد 20 عاماً بحفل موسيقي في الولايات المتحدة، فكانت «ليلة لا تنسى»، سادتها «أجواء مثيرة». أما إيان بيلي من ليستر، فجاءت معرفته بأغنيات بريسلي أيضاً عام 1956، قبل أن يلتقي مطربه المفضَّل عام 1972، ويظهر معه في صورة التقطها نادي المعجبين الرسمي بإلفيس في بريطانيا.

وإذ وصفت أوين لحظة اكتشافها إلفيس وأغنياته بـ«بداية عصر جديد»، قالت: «لم نكن نعرف شيئاً عنه. ظنَّ كثيرون أنه شخصٌ لزج ولم يحبّوه، لكنه لم يكن كذلك. كان بارّاً بوالدته، ولطيفاً».

وبعد 20 عاماً، وخلال جولتها في الولايات المتحدة، رأت ملصقات في كاليفورنيا تُعلن حفلاً له. قالت: «اتصل زوجي محاولاً الحصول على تذاكر، لكنها نفدت. ثم حدثت معجزة. قال رجل التقينا به: (أنتِ من إنجلترا، يمكنكِ الحصول على تذكرتي)».

جان أوين الوفية لبريسلي (مواقع التواصل)

وأضافت: «كنا على بُعد 8 صفوف من الصفّ الأمامي. كان الجوّ مشحوناً بالإثارة، والأمر بمثابة حلم يتحقّق. كان صوته رائعاً جداً، واستعان ببعض حركاته القديمة».

وفيما يتعلق ببيلي، فإنّ رحلةً إلى أحد الملاهي المحلّية أتاحت له فرصة سماع إلفيس للمرّة الأولى. عن ذلك، قال: «كنت في الـ12 من عمري. آنذاك، إنْ أردتَ الاستماع إلى هذا النوع من الموسيقى، فستذهب إلى الملاهي».

عام 1972، قصد الولايات المتحدة لرؤية مطربه المحبوب في حفل موسيقي بلاس فيغاس. قال: «أذكر الليلة الأولى عندما كنت جالساً هناك. همَّت الفرقة بالعزف، وفجأة ظهر الرجل ذو البدلة البيضاء. بدا رائعاً».

كما التقى إلفيس، وظهر في صورة بجانبه ضمَّت توني برينس من «راديو لوكسمبورغ»، وتود سلوتر من نادي معجبي إلفيس بريسلي الرسمي في بريطانيا. تابع: «كنا جميعاً في صف واحد وقُدِّمنا له. صافَحَنا وسألنا عن حالنا. أمضينا نحو 12 دقيقة معه».

يُذكر أنّ بريسلي تُوفّي عن 42 عاماً في قصره بغريسلاند، في ممفيس بولاية تينيسي، يوم 16 أغسطس (آب) 1977. وأكد بيلي: «سواء أحببته أو كرهته، تظلُّ الحقيقة أننا لن نرى أبداً مثله مرّة أخرى».