سبعة صواريخ باليستية في آن واحد، يعلم الانقلابيون والإيرانيون أنها ستكون شظايا في الأجواء قبل تحقيقها أهدافها، لأنها لن تأتي بجديد، فحالها كما هي حال الـ98 صاروخاً السابقة التي أطلقتها إيران بقوة الدفاع المكامية في اليمن من خلال الحوثيين.
الهدف والطريقة والتوقيت والكم، للصواريخ السبعة، تبرز السعي الإيراني للتصعيد، صفحات ردة الفعل من أطراف الانقلاب تتلخص في: وهج متجدد في العلاقات بين الرياض وواشنطن، وسعي أميركي لتقليم أظافر إيران في المنطقة، وتعديل للاتفاق النووي، ووصول مبعوث أممي جديد لليمن وتوقعات انفراجات في العملية السلمية. هي صفحات أربع، هوامشها مليئة بالمعاني قبل متونها.
القصة اليوم من قبل الإيرانيين توحي بالتصعيد، بدأت تلك البوادر قبل أسابيع، وربما لن تهدأ إلا بمحاولة مس اللغم الأكبر بتنفيذ تهديدهم الملاحة البحرية في البحر الأحمر، فبعد الاتفاق النووي الشهير (5+1)، عادت المضخات الإيرانية إلى تفعيل ميليشياتها، في اليمن، الهدف الاستراتيجي، عبر عملائها لتحقيق الغايات العظمى وفق أوهام تتوالد لدى النظام الإيراني.
معادلة جديدة تتشكل في المنطقة لمواجهة المشروع الإيراني، تفاصيلها تتلخص في تعديل أو إلغاء الاتفاق النووي، وذلك على ما يلوح به الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر سارية البيت الأبيض التي أصبحت اليوم أكثر قوة بأن جعل ترمب محيطه من المساعدين مليئاً بصقور «حكومة حرب».
الدفء أيضاً يعود إلى العلاقات السعودية - الأميركية، التحالفِ الذي عادة ما يقلق طهران، لأن السعودية أكثر الدول التي تعرف مساعي النظام في إيران، وهي التي تعي أن مصافحة اليد معهم لن تحقق لهم سوى لعب على ظلال السلام، لذلك كانت أكثر الدول التي حذرت، ولا تتفاءل بإيجابية بأي موقف غربي مع طهران.
ومع صواريخ الحوثي على السعودية التي أطلقت أول من أمس، تؤكد الآراء اليمنية المناهضة للانقلاب أن الإيرانيين بتلك المراحل التصعيدية يسعون مع دخول الأزمة اليمنية عامها الثالث وإفشال انقلاب عملائهم الحوثيين، إلى إفشال أي انفراجة محتملة في الحل السلمي.
ويؤكد الكاتب اليمني، إبراهيم الأحمدي، أن ميليشيا الحوثي تنفذ ما يمليه عليهم الإيرانيون، خصوصاً مع المرحلة الزمنية الحالية، و«أن الصواريخ الباليستية مصدرها إيران التي طورت بعضها داخل اليمن عبر وكلائها من (حزب الله) و(الحرس الثوري الإيراني)».
واعتبر الأحمدي، الذي تحدث مع «الشرق الأوسط»، أن مرحلة الحوثيين الحالية تشير إلى رغبة الإيرانيين في إطالة أمد الأزمة داخل اليمن، لأن لذلك فوائد جمة يجنيها النظام في طهران، الذي يتعرض حالياً لاهتزازات اقتصادية وعقوبات تطال مؤسساته في الدول الغربية.
تسريع الحوثيين وانكشاف بعض أسلحتهم يعطي الانطباع أن ما يختبئ في دواخل التفكير القادم سيكون أكثر، خصوصاً أن القوة السعودية اليوم ليست في إطارها الدبلوماسي، أو الدفاعي فحسب، بل تكشفه أحاديث الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد وزير الدفاع السعودي، أن الرياض ستسعى إلى امتلاك قنبلة نووية إذا طورت طهران ذلك.
الأسابيع الأخيرة، أيضاً، كشفت عن استقراء التحالف، التصعيدَ الإيرانيَ - الحوثيَ، حيث أشار العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف، معلقاً على محاولة الحوثيين استهداف مقاتلة للتحالف العربي بصاروخ ليس معروفاً أن الحوثيين يمتلكونه، بأنها تفسير لاستمرار تهريب الإيرانيين لأسلحة نوعية، تتحدى بذلك القرارات الأممية.
ويمتلك الحوثيون أسلحة متنوعة، نجحت طلعات التحالف بقيادة السعودية في استهدافها مع أيام «عاصفة الحزم» الأولى، وضربت الكثير من مخازن ومستودعات الأسلحة، التي ظلت تتدفق على اليمن منذ ما يسبق العام 2009، وفق تقرير سري كشفه فريق خبراء من الأمم المتحدة، حيث كشف التقرير المقدم إلى مجلس الأمن في العام الماضي، على خلفية رحلات سفينة إيرانية تحمل اسم «جيهان»، أن الجمهورية الإيرانية تدعم «المسلحين الحوثيين في اليمن» بشحنات كبيرة من الأسلحة منذ العام 2009، وربما سبقتها إمدادات سابقة لأكثر من خمسة أعوام على الأقل، بأسلحة ومتفجرات بصناعة إيرانية، علاوة على تدريب عدد من الحوثيين على استخدامها في إيران وفي داخل اليمن.
الهدف من إطالة أمد الأزمة، غطاء جديد للمساعي الإيرانية في عدد من الدول، بتركيز نقطة الضوء على كيان دون غيره، وإن ظل الحلم الحوثي هو امتلاك زمام الأمور في منافذ البحر الأحمر ومحيط باب المندب الذي تمر به قرابة 10 في المائة من التجارة العالمية. القنبلة الموقوتة التي ستفسد على الحوثي ما يمكنهم صنعه إن كان هناك حل سلمي يسعى معه المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث.
مناورات طهران من نافذة اليمن... محاولة مشاغلة الخصوم
وهج العلاقات بين الرياض وواشنطن دفعها للتصعيد
مناورات طهران من نافذة اليمن... محاولة مشاغلة الخصوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة