ليبيا: حفتر يرفض إطاحة عقيلة... ونواب يتحدثون عن رشاوى لـ«شراء الولاء»

السراج ينفي عرضاً لـ«تقاسم السلطة»... ومعلومات تؤكد أن عضواً في المجلس الرئاسي نقل الاقتراح إلى قائد الجيش

رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مجتمعاً في طرابلس أمس مع لجنة متابعة الأوضاع في جنوب ليبيا (موقع حكومة الوفاق الليبية)
رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مجتمعاً في طرابلس أمس مع لجنة متابعة الأوضاع في جنوب ليبيا (موقع حكومة الوفاق الليبية)
TT

ليبيا: حفتر يرفض إطاحة عقيلة... ونواب يتحدثون عن رشاوى لـ«شراء الولاء»

رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مجتمعاً في طرابلس أمس مع لجنة متابعة الأوضاع في جنوب ليبيا (موقع حكومة الوفاق الليبية)
رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مجتمعاً في طرابلس أمس مع لجنة متابعة الأوضاع في جنوب ليبيا (موقع حكومة الوفاق الليبية)

فيما تصاعدت ردود الفعل حول رفض المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، لصفقة سرية طرحها عليه، عبر وسطاء ومبعوث شخصي، فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، لاقتسام السلطة، كشفت مصادر ليبية مطلعة عن أن المشير حفتر رفض أيضاً، في الآونة الأخيرة، مخططاً للإطاحة برئيس مجلس النواب عقيلة صالح من منصبه، ونقل مقر المجلس الحالي في مدينة طبرق في أقصى الشرق إلى بنغازي كبرى مدن شرق البلاد.
وبينما استقبل المشير حفتر، أمس، سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا فرانك بيكر وبحث معه المستجدات لا سيما ما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب، قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على اجتماع حفتر غير المعلن مع مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين أميركيين مؤخراً في الأردن، إن الولايات المتحدة تتحدث مع نطاق واسع من القادة الليبيين السياسيين والأمنيين من أجل دفع العملية السياسية قدماً وإعادة الاستقرار وذلك يشمل حفتر.
وأضاف المسؤول الذي طلب الاكتفاء بتعريفه على أنه مصدر دبلوماسي أميركي: «نحن ملتزمون تماماً بالعمل مع فائز السراج رئيس الوزراء في حكومة الوفاق الوطني والمبعوث الأممي الخاص غسان سلامة».
من جهتها، قالت مصادر ليبية واسعة الاطلاع إن المشير حفتر التقى قبل نحو شهر في اجتماع غير رسمي بمقر إقامته الملحق بمكتبه في الرجمة، خارج بنغازي، بمجموعة من أعضاء مجلس النواب المحسوبين على السراج في غرب ليبيا، الذين نقلوا إليه مقترحاً بإقالة رئيس البرلمان عقيلة صالح من منصبه.
وأضافت: «الفكرة الرئيسية كانت أن يتم الاتفاق على نقل مقر البرلمان من طبرق إلى بنغازي وعقد اجتماع لأعضائه يتم خلاله انتخاب شخصية أخرى لرئاسته، بخلاف رئيسه الحالي عقيلة صالح، الذي يرفض تمرير حكومة السراج أو منحها الشرعية تحت قبة البرلمان المعترف به دولياً».
وأوضحت أن حفتر أبلغ النواب رفضه للمشروع، ونقلت عنه في المقابل قوله إن «رئيس البرلمان شخصية وطنية لا تقبل في التفريط بثوابت الوطن، كما أنه أحد أهم الداعمين للجيش الوطني، ولا نسمح بالمساس به».
وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، إن فكرة الإطاحة برئيس البرلمان لا تقتصر فقط على السراج، بل يبدو أنها تشمل أيضاً غسان سلامة الذي كان قد أبلغ أعضاء في البرلمان التقاهم خلال زيارته الأخيرة إلى بنغازي، أن المجتمع الدولي، وتحديداً الاتحاد الأوروبي، لن يقبل باستمرار الشخصيات المدرجة على قائمة عقوباته. وبحسب المصادر، فقد تجنب سلامة الإشارة إلى الأسماء المقصودة، لكن العقوبات التي مددها الاتحاد الأوروبي لستة أشهر إضافية، اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، وسبق إعلانها في مارس (آذار) عام 2016. تشمل أيضاً رئيس مجلس النواب الليبي بالإضافة إلى نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، والمنتهية ولايته، ورئيس حكومته غير المعترف بها دولياً في طرابلس خليفة الغويل.
وتحدث أكثر من عضو في البرلمان الليبي من بينهم طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، عن تعرضهم لمحاولات لشراء ولائهم من السراج، مقابل الإطاحة بعقيلة صالح من منصبه كرئيس للبرلمان أو التصويت لصالح تمرير حكومته في حال الاتفاق على عقد جلسة للتصويت لمنحها الثقة.
وكشف الميهوب النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن أن آخر محاولة لاستمالته جرت قبل نحو عشرة أيام. وأضاف: «أبلغت الوسطاء أن الخلاف مع السراج ليس شخصياً، وسنتعاطى معه فقط في حال وجود ضمانات للمؤسسة العسكرية وعدم العبث بها، لن يفلح السراج في تمرير حكومته».
وتابع: «محاولات الإغراء كانت لجميع النواب بمن فيهم محدثكم، ولقناعتنا بمشروعنا القومي في محاربة الإرهاب، فإن الرد كان قاسيا». وقال: «زملاؤنا النواب منهم من ذهب باتجاه السراج لقناعته بالاتفاق ومنهم من بقي معارضاً حتى الآن». وأكد أن أي مشروع لن يفلح إذا كان قائماً على «توزيع المناصب وشراء الذمم».
وقال عضو آخر في البرلمان طلب عدم تعريفه: «مع الأسف هناك مجموعة قبلت منحها مناصب حكومية أو التعيين كسفراء في الخارج، وبعضهم حصل على رشاوى مالية، مقابل دعم السراج».
وقال مصدر مطلع لـ«لشرق الأوسط» إن المبعوث الذي نقل إلى المشير حفتر عرض السراج لاقتسام السلطة هو فتحي المجبري عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وأحد نواب السراج، والذي تراجع عن مقاطعته اجتماعات المجلس الرئاسي. وأوضح أن المجبري التقى حفتر في مقر إقامته بالرجمة ونقل إليه رسالة شفوية تتضمن إعادة تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة تحظى بموافقة حفتر، لكن المشير رفض العرض.
وظهر المجبري إلى جانب حفتر في صورة فوتوغرافية آنذاك، لكنه لم يكشف نقله أي عرض، مكتفياً بالإشارة إلى أنه ناقش مع حفتر الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد. كما اعتبر أحد مستشاريه في تصريحات لوسائل إعلام محلية «أن الأوضاع السائدة غير قابلة للاستمرار، وأنه ينبغي العمل على إعادة الاستقرار للبلاد وتوحيد مؤسساتها بما يمكن من القضاء على الإرهاب واستعادة هيبة الدولة». في المقابل، أكد فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني من العاصمة طرابلس، ترحيبه بأي مبادرات من شأنها حلحلة الأزمة الليبية، قبل أن ينفي المعلومات عن تقديمه أي عرض لأي طرف، بحسب ما أعلن أمس محمد السلاك الناطق الرسمي باسمه في بيان مقتضب عبر «تويتر». وأكد السلاك لاحقاً هذا النفي في مؤتمر صحافي عقده بطرابلس وقال فيه إن «هذا الأمر غير صحيح، وننفيه».
وكان المبعوث الأممي سلامة أعلن أنه ناقش لدى اجتماعه أول من أمس مع رئيس البرلمان عقيلة صالح ضرورة الإسراع بإصلاح الهيئة التنفيذية (الحكومة) في ليبيا وإجراء انتخابات عامة قبل نهاية العام الحالي.
وقال سلامة، في مؤتمر صحافي عقده بطبرق، إن «هناك إجماعاً دولياً بهذا الخصوص، لتشكيل حكومة واحدة وتوحيد المؤسسات السيادية، تمكن الليبيين من العيش، في أقرب فرصة ممكنة، في ظل دستور مقبول من الأطراف كافة».
وسئل عن عقد جولة ثالثة وأخيرة لتعديل اتفاق الصخيرات، فأجاب: «سأقوم شخصياً بمحاولة أخيرة لجمع الأطراف السياسية لعقد جولة تعديل الاتفاق».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.