وقود مستخرج من «الطحالب الخضراء» ينجح في تحريك سيارة

فريق بحثي مصري يأمل باستخدامه في الطائرات

رئيس الفريق البحثي د. فاروق كامل الباز أمام المفاعل الضوئي الحيوي المستخدم في تخليق الوقود الحيوي («الشرق الأوسط»)
رئيس الفريق البحثي د. فاروق كامل الباز أمام المفاعل الضوئي الحيوي المستخدم في تخليق الوقود الحيوي («الشرق الأوسط»)
TT

وقود مستخرج من «الطحالب الخضراء» ينجح في تحريك سيارة

رئيس الفريق البحثي د. فاروق كامل الباز أمام المفاعل الضوئي الحيوي المستخدم في تخليق الوقود الحيوي («الشرق الأوسط»)
رئيس الفريق البحثي د. فاروق كامل الباز أمام المفاعل الضوئي الحيوي المستخدم في تخليق الوقود الحيوي («الشرق الأوسط»)

عامان فقط وسيتعين على جميع مطارات العالم استبدال نسبة 20 في المائة من الوقود التقليدي بوقود حيوي في خزانات الوقود، وذلك حسب ما تقضي اتفاقيات دولية مختلفة بينها «اتفاقية باريس للمناخ». وأظهرت حسابات شركات الطيران المحلية سيتعين عليها توفير 300 ألف طن وقود حيوي سنويا، وفي حال لم تنجح سيكون عليها دفع غرامات مقررة بموجب التوقيع وتقدر بـ9 يوروات عن كل كيو غاز ملوث.
ويبدو أن ذلك الإلزام كان الدافع لفريقي البحثي المصري، إذ يقول د. فاروق كامل الباز، أستاذ الكيمياء الحيوية والباحث الرئيسي للمشروع لـ«الشرق الأوسط»: «استطعنا إنتاج الوقود الحيوي اللازم لتسيير السيارات من الطحالب الخضراء، واستبدلنا 20 في المائة من الوقود التقليدي، ونعمل الآن على الوقود الحيوي اللازم لتسيير الطائرات».
وشرح الباز، أنه بدأ وفريق العمل في الوحدة البحثية الخاصة باستخراج الوقود الحيوي من الطحالب الخضراء في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، وذلك بعد الحصول على دعم من برنامج البحوث والتنمية والابتكار (RDI) بالاتحاد الأوروبي. ومرت تلك التجربة الناجحة بعدة خطوات يتحدث عنها د. الباز، وكان أولها اختيار المصدر الذي سيتم استخدامه في إنتاج الوقود الحيوي، فكان الاختيار لسلالة من الطحالب الخضراء تم عزلها من البيئة المصرية، وتحديدا من منطقة الملاحات بمحافظة الفيوم.
وشرح أنه تم اعتماد تلك النوعية من الطحالب بسبب نسبة الزيت العالية بهذه الطحالب وكفاءتها العالية في التمثيل الضوئي بما يجعلها سريعة التكاثر، وأخيراً لأنها مصدر غير غذائي، وبالتالي لن تكون هناك تأثيرات سلبية على الأمن الغذائي.
وأضاف: «كما أن الإنسان يسارع إلى تخزين المواد الغذائية كلما شعر بخطر نقص أحد المواد في السوق، فإن ما نفعله معمليا هو تحفيز الخلية الخاصة بالنبات على تخزين نسبة أعلى من الزيوت عن طريق تدخل ما نقوم به لإشعارها بالخطر، دون أن يوثر ذلك على نموها، وتولينا تسجيل تلك الآلية كبراءة اختراع بمكتب براءات الاختراع المصري».
وكان من نتيجة الطريقة المستحدثة لتحفيز إنتاج الزيت، هو الارتفاع بمعدل وجود الزيت في سلالة الطحالب المستخدمة من 8 في المائة إلى نسبة تتراوح بين 40 و50 في المائة، كما يؤكد د. الباز.
كانت هذه المراحل السابقة هي الإنجاز البحثي الذي أهل الفريق للحصول على تمويل الاتحاد الأوروبي للوحدة البحثية الاسترشادية لإنتاج الوقود الحيوي من الطحالب.
وتتكون هذه الوحدة من مفاعل ضوئي حيوي ومجفف شمسي، ومكان لفصل الزيت عن الطحالب، ويكون استخدامها هو المرحلة التالية للتجهيزات المعملية لسلالة الطحالب.
ويشرح الباز المكونات الثلاثة للوحدة قائلاً: «وظيفة المفاعل الضوئي الحيوي، الذي تبلغ تكلفته نحو 15 مليون جنيه مصري، هي أننا نستطيع من خلاله الارتفاع بمعدل تكاثر الخلايا لتعطي خلية كل ساعتين، ويحافظ على الظروف الجوية التي تسمح بنمو أفضل للطحالب، ويعمل 24 ساعة من دون توقف، بما يعني الحصول من خلاله على إنتاج دائم ومن دون توقف».
ويضيف: «تنقل الطحالب بعد النمو إلى المجفف الشمسي، والذي يتم من خلاله التجفيف، تمهيداً لنقل الطحالب المجففة إلى الجزء الثالث من الوحدة، والذي يتم فيه فصل الزيت من الطحالب المجففة باستخدام بعض المذيبات».
وتنتج هذه الوحدة الاسترشادية 4 آلاف لتر من الوقود الحيوي يوميا، بالإضافة إلى أن الطحالب المجففة يتم استخدامها بعد استخراج الزيت منها في تحضير بعض المواد الصيدلية التي تساهم في تخفيض معدلات السكر في الدم وعلاج الزهايمر وضبط وزن الجسم، كما تنتج كميات كبيرة من «البيتا كاروتين» كمضادات أكسدة، والتي تفيد كثيراً في الوقاية والحد من مرض السرطان، ويتم هذا الجانب المتعلق بالعقاقير بالتعاون بين باحثين من المركز القومي للبحوث، وكلية الصيدلة جامعة القاهرة.



«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»