خواجا أحمد عباس: انظر إلى أي صورة أنتجتها.. وسوف تقابلني

الأوساط الأدبية والفنية في الهند تحتفل بالذكرى المئوية لميلاده

خواجا أحمد عباس
خواجا أحمد عباس
TT

خواجا أحمد عباس: انظر إلى أي صورة أنتجتها.. وسوف تقابلني

خواجا أحمد عباس
خواجا أحمد عباس

تحتفل الأوساط الأدبية والفنية في الهند هذا العام بالذكرى المئوية لميلاد الروائي والمخرج والصحافي الشهير خواجا أحمد عباس، التي تصادف هذا الشهر. والمعروف عن عباس أنه رفد الأدب الهندي بكثير من الروايات والقصص القصيرة، وطبع اسمه رائدا من رواد السينما الهندية، فهو مخرج ومنتج ومؤلف وكاتب سيناريو وحوار، بالإضافة إلى عمله صحافيا وصاحب عمود يومي.
ولد خواجا أحمد عباس في السابع من 1914 في مدينة بانيبات الهندية - مدينة الشاعر المعروف خواجا ألطاف حالي - وكان جده غلام عباس أحد قادة حركة التمرد ضد الإنجليز في عام 1857. درس عباس الأدب الإنجليزي والقانون في جامعة عليغاره، وبدأ حياته صحافيا في صحيفة «النداء الوطني» بعد تخرجه في الجامعة، وأصبح لديه عمود يومي بعنوان «الصفحة الأخيرة»، ويعد أطول الأعمدة عمرا في تاريخ الصحافة الهندية، وربما العالمية؛ إذ استمر منذ عام 1935 إلى عام 1987، حتى عندما توقفت الصحيفة نقل عموده إلى صحيفة «بليتز» ولم يتوقف إلا بوفاته. وخلال مسيرته، المتميزة التي استمرت لأكثر من خمسة عقود، كتب عباس 73 كتابا باللغات الهندية والإنجليزية والأردية، وتعد أعماله الروائية انقلابا في الأدب الهندي، لأن أغلبها تناول المشكلات المعاصرة التي واجهت الشعب الهندي، مثل العنف الطائفي والمجاعة والصراعات السياسية والعلاقات الاجتماعية بعد الاستقلال.
أبرز كتبه: «كفاح الهند من أجل الحرية»، «هزيمة الموت»، «دعوة إلى الخلود»، «أكتب كما أشعر»، «حتى نصل النجوم»، «عودة الوردة الحمراء»، «القلب المنشطر»، «عندما يهبط الليل»، «أجمل امرأة في العالم»، «وبي»، «حلم بعيد المنال»، «جدران من زجاج»، «يوم مثل بقية الأيام»، «العالم قريتي»، «كيف يتم صنع الأفلام».. وغيرها. لكن روايته «انقلاب» حول الثورة في الهند، تعد الأكثر شهرة، وقد جعلت منه اسما لامعا في الأدب الهندي. ويعد عباس أيضا من أهم الكتاب الرواد في مجال القصة القصيرة الأردية. وقد ترجمت كتبه إلى كثير من اللغات العالمية، مثل: العربية والروسية والفرنسية والألمانية والإيطالية، إضافة إلى اللغات المحلية في عموم الهند.
أما سينمائيا، فقد دخل عباس السينما الهندية عن طريق الإعلانات عام 1936، وكتب النقد السينمائي، لكن عمله الفعلي بدأ عام 1941 عندما باع أول سيناريو له بعنوان «نايا سنسار» (عالم جديد) إلى شركة «بومباي توكي»، ثم بدأ بكتابة القصة والسيناريو والحوار لكثير من الأفلام، أبرزها فيلم «حكاية الدكتور كونتس الخالدة». وفي عام 1945 أنتج وأخرج أول أفلامه «دارتي كي لال» (أبناء الأرض) حول المجاعة في البنغال عام 1943 الذي كتبت عنه «نيويورك تايمز» آنذاك أنه «دراما واقعية شجاعة».
وكتب أيضا سيناريو فيلم «نيتشا ناغار» (المدينة المنخفضة) للمخرج تشيتان أناند، وفاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان في نسخته الأولى عام 1946. ولأن مواضيع عباس كانت جادة وأفكاره جديدة على السينما الهندية فقد واجه صعوبات مع شركات الإنتاج؛ لذا أسس شركة إنتاج خاصة به عام 1951 سماها «عالم جديد»، ظلت تنتج أفلاما واقعية اجتماعية مثلت تيارا ووعيا جديدا في السينما الهندية ذات السمات التقليدية في ذلك الوقت، وأثرت على الجيل اللاحق من السينمائيين الهنود، مثل أفلام: «المستحيل»، «الطفل المفقود»، «الغريب»، وفيلم «راهي» (حول محنة العمال في مزارع الشاي) الذي فاز بجائزة الفيلم الوطنية عام 1953.
أما فيلمه «قطرتان من الماء»، عام 1972، فهو يتناول شعب الصحراء في راجستان، الذي ساهم في بناء نظام هائل للري، ويعد من أهم أفلامه رغم خسارته ماديا، مثل أغلب أفلام عباس التي نجحت فنيا إلا أن أغلبها خسر ماديا. لقد عاش معظم حياته يسدد ديونه، لكنه ظل يعمل بإصرار حتى آخر أيامه حين استطاع أن يجد المال لينتج ويخرج فيلمه الأخير «رجل واحد»، الذي عرض بعد وفاته عام 1987.
شكلت الصحافة المادة الخام لسيناريوهات عباس، واعتمد في أعماله على الأشكال الشعبية والفولكلورية والتعابير الأصلية لإيصال أفكاره، وحاول جاهدا طوال حياته الوصول إلى الجمهور غير المتعلم ورفع حالة الفرجة البسيطة عنده إلى درجة الفن والفكر، وتحقيقا لهذه الغاية يقول إنه «دمج الأغاني والرقصات والفولكلور وأنواع الحرف الشعبية وألغى الحلول المعتادة»، كما استبعد كثيرا من المواقف التقليدية. باختصار، إنه حاول الابتعاد عن الميلودراما المعتادة لصالح الدراما الواقعية الاجتماعية. وسعى لأن يكون للمرأة دور إيجابي في السينما بعد أن ظلت أدوارها تتراوح بين «الديكورية» و«الكآبة». مع ذلك، صنع عباس أفلاما تجارية، إلا أنها تميزت بوعي سياسي تقدمي، وكتب للمخرج راج كابور أفضل أفلامه، مثل: «المتشرد»، «السيد 420»، «بوبي»، «حنة» و«اسمي جوكر»
كتب عباس مذكراته عام 1977 تحت عنوان «أنا لست جزيرة» ركز فيها على حياته المبكرة والبيئة التي أثرت عليه ودور أمه الكبير في حياته (التي كانت تحب السينما وتروي حكايات شعبية وخيالية)، كما صدر كثير من الكتب عن أدبه وفنه أبرزها: «روايات خواجا أحمد عباس» لأحمد حسيب، «روحية أحمد عباس» لهيمندرا سنغ، و«خواجا أحمد عباس» لراج نارين راز، و«السينما الهندية سوق كبير» لفاسيديف ولنجلت. وقد كرمته الحكومة الهندية بجائزتها المعروفة باسم «بادما شري» عام 1969 إضافة إلى الجوائز والتكريمات الكثيرة من الجامعات والحكومات المحلية في الهند.
تعرض عباس لكثير من الأزمات الصحية، في حياته، إلا أنه ظل يعمل حتى أيامه الأخيرة. يقول أحد أصدقائه: «عباس كان دائما رجل الفقراء، الذين لا يستطيعون تحمل ترف السينما المعاصرة.. وهو لم يرغب في ذلك.. إلا أنه يعد دائما صانع أفلام ناجحا». وكتب هو في عموده الصحافي قبل أيام من وفاته: «انظر لأي صورة أنتجتها.. وسوف تقابلني».



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.