إطلاق سراح شيخ معارض لـ«حزب الله» بعد توقيفه بتهمة مخدرات

عشية تشكيل لائحته في دائرة بعلبك ـ الهرمل

TT

إطلاق سراح شيخ معارض لـ«حزب الله» بعد توقيفه بتهمة مخدرات

تفاعلت قضية توقيف الشيخ الشيعي عباس الجوهري، المناهض لـ«حزب الله»، سياسياً وشعبياً، قبل أن يصدر قرار قضائي بالإفراج عنه، خصوصاً أن توقيف الجوهري من قبل جهاز الأمن العام اللبناني جاء عشية إعلانه لائحته الانتخابية في دائرة بعلبك - الهرمل، المنافسة بقوّة للائحة الحزب وحلفائه في دائرة حسّاسة يتخوّف فيها الحزب من اختراق حاضنته الشعبية، وأثار التوقيف الملتبس غضباً عارماً لدى عائلة الجوهري وأوساط العشائر في البقاع اللبناني، غداة التسريبات عن اتهامه بالاتجار بالمخدرات.
وتضاربت المعلومات حول ماهية الشبهة أو التهمة الموجّهة للموقوف، حيث أوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن الملف «بمتناول الهيئة الاتهامية في جبل لبنان»، مشيراً إلى الهيئة قررت إخلاء سبيل الشيخ بعد أن عقدت جلسة استثنائية واستجوبته، من دون أن يعطي إيضاحات عن طبيعة التهمة، والحيثيات التي استند إليها قرار الإفراج عن الجوهري. وأمام الغموض الذي لفّ التوقيف، كشفت مصادر مقرّبة من الشيخ المفرج عنه لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا دليل على أي شبهة حوله كرجل دين، وكمرجعية دينية وسياسية في بعلبك - الهرمل»، وقالت: «كلّ ما تبلغناه أنه خلال مراجعة حافظة أرقام هاتف أحد تجار المخدرات، تبين وجود رقم هاتف الشيخ عباس الجوهري ضمن القائمة، وهذا أمر طبيعي جداً، لأن معظم المطلوبين للعدالة لديهم أرقام نواب ووزراء، وهذا لا يستدعي إصدار مذكرة توقيف، أو استيضاح المدعى عليه أو استجوابه».
وسألت المصادر المقربة من الجوهري: «كيف تصدر مذكرة توقيف غيابية بحق شخص معروف العنوان ومكان الإقامة ويتحرّك بكل حرية، ولم يجر تبليغه أو استدعاؤه إلى أي تحقيق؛ وهذا دليل على فبركة قضية جنائية لتوقيفه، وإبطال ترشحه للانتخابات النيابية».
وترددت معلومات عن تعرّض عائلته لضغوط وابتزاز، ومحاولة الحصول على تعهّد بانسحابه من السباق الانتخابي مقابل الإفراج عنه، إلا أن ياسر الجوهري، نجل الشيخ عباس الجوهري، رفض تأكيد أو نفي هذه المعلومات، وأكد أن القضية بيد القضاء الذي عليه كشف حقيقة ما حصل، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «القضية سياسية من الألف إلى الياء، وليس لها أي مبرر قانوني أو دليل جرمي»، وقال: «عجزوا عن تطويع والدي في السياسة، ومحاولات إسكاته وثنيه عن رفع شعارات إنماء بعلبك - الهرمل كمنطقة محرومة، فانتقلوا إلى تلفيق ملف قضائي له». ودعا مفبركي هذا الملف إلى أن «يعيدوا حساباتهم، وأن يكفوا عن ممارسة الدور الذي كانت تمارسه المخابرات السورية لمعارضيها في أيام وصايتها على لبنان».
وكشف ياسر الجوهري أن مذكرة التوقيف بحق والده «صدرت قبل 5 أيام، وفوجئنا أمس (الأول) بأن الأمن العام اتصل بالشيخ وطلب منه الحضور لإكمال معاملة الإقامة العائدة للعاملة في منزلنا، ولدى وصوله إلى مركز الأمن، جرى توقيفه على الفور من خلال فخّ أمني»، وأضاف: «نحن لا نتهم الأمن العام، بل من فبرك الملف وأوعز بالتوقيف، لأن الأمر مرتبط بتركيب اللائحة التي كانت ستعلن اليوم (أمس)، ومحاولة استبعاد الوالد عن المعركة الانتخابية»، مذكراً بأن والده «ذهب بنفسه الشهر الماضي إلى مكتب السجل العدلي، واستحصل على هذا السجل، ولو كان ملاحقاً لجرى توقيفه في حينه».
وحظيت هذه القضية بمتابعة سياسية، حيث رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، أن «توقيف الشيخ عباس الجوهري في هذا الوقت بالذات هو اعتقال، وليس توقيفاً، خصوصاً أن الجوهري مرشح عن أحد المقاعد الشيعية في دائرة بعلبك - الهرمل، وهو يلعب دوراً فاعلاً في التحضير لإحدى اللوائح في المنطقة»، معتبراً أن «اعتقال الجوهري، مساء يوم الخميس، في آخر 24 ساعة فعلية يتم فيها تحضير الأوراق الثبوتية وكل ما يلزم لتسجيل اللوائح الانتخابية، آخذين بعين الاعتبار أنه في أيام الجمعة والسبت والأحد لا تلتئم عادة أي هيئة اتهامية، بمثابة منعه من الترشح على أي لائحة انتخابية، وبالتالي إسقاط حقه بالترشح».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.