واشنطن تدعم حملة إسرائيل للبحث عن المفقودين.. وحماس تهدد بانتفاضة ثالثة

تل أبيب تصادر 20 مؤسسة حمساوية.. وتحظر نشاط منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية

واشنطن تدعم حملة إسرائيل للبحث عن المفقودين.. وحماس تهدد بانتفاضة ثالثة
TT

واشنطن تدعم حملة إسرائيل للبحث عن المفقودين.. وحماس تهدد بانتفاضة ثالثة

واشنطن تدعم حملة إسرائيل للبحث عن المفقودين.. وحماس تهدد بانتفاضة ثالثة

وسعت إسرائيل بشكل لافت من حدود عملياتها العسكرية في الضفة الغربية بحثا عن ثلاثة مستوطنين مفقودين منذ أكثر من أسبوع قرب الخليل في الضفة الغربية، إذ لم يترك الجنود الإسرائيليون مدينة أو قرية أو مخيما إلا اقتحموه على مدار الأسبوع الماضي في مشاهد أعادت إلى الأذهان صور الاجتياح الكبير للضفة في عملية السور الواقي في 2002. وفي حين أعلنت واشنطن دعمها لحملة إسرائيل للبحث عن المفقودين، أمر رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية الجنرال بيني غانتس جنوده بمواصلة نشاطاتهم الرامية إلى إعادة الشبان الثلاثة بكل حزم. وقال قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي الجنرال نيتسان ألون في رسالة بعث بها إلى جنوده، إن العملية العسكرية الحالية ستتواصل في الأيام القليلة المقبلة، وقد تمتد لوقت غير معروف. واعتقل الجيش الإسرائيلي أمس 40 آخرين من مدن الضفة ليناهز عدد المعتقلين 350 في أسبوع واحد، معظمهم من حركة حماس، بينهم 51 من الأسرى المحررين في صفقة شاليط قبل عامين. وركز الجيش الإسرائيلي في هجماته فجر أمس على المنظمات الإسلامية الأهلية واقتحم مؤسسات أهلية ومدارس إسلامية مختلفة في مناطق الضفة وصادر محتوياتها، كما اقتحم جامعة بير زيت في رام الله لاعتقال طلبة متحصنين هناك.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أنه «في إطار سلسلة العمليات والنشاطات الاستخبارية والميدانية واسعة النطاق التي يقوم بها جيش الدفاع بتعاون مع جهاز الأمن العام للعثور على الشبان الثلاثة المختطفين اعتقلت قواتنا هذه الليلة نحو 30 مطلوبا، أحيلوا لتحقيق قوات الأمن. كما قامت قواتنا بمداهمة 14 مؤسسة حمساوية وبضمنها مقر نقابة الطلاب في جامعة بيرزيت، حيث جرت مصادرة معدات ووثائق مختلفة». وأضاف: «منذ بداية العملية اعتقل 280 مطلوبا وجرى تفتيش 1000 منزل، بالإضافة إلى مداهمة ومصادرة 20 مؤسسة حمساوية». وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، أمس قرارا بإعلان منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية «منظمة غير شرعية وحظر نشاطها في إسرائيل وفي مناطق الضفة الغربية». وعدت إسرائيل هذه المنظمة التي لها ممثليات في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا، بأنها من مصادر التمويل الرئيسة والكبيرة لحركة حماس.
وقال يعالون: «إن إصدار هذا الأمر هو خطوة أخرى من الخطوات المتخذة للمساس بالبنية التحتية لحركة حماس وبقادتها ونشطائها في الضفة الغربية». وكانت إسرائيل اتهمت حماس باختطاف شبانها الثلاثة، ولم تعقب الحركة على هذا الاتهام بالتأكيد أو النفي. وتعهدت إسرائيل بتوجيه ضربة قاسية لحماس في الضفة الغربية وطلبت من الرئيس الفلسطيني محمود عباس فك الشراكة مع الحركة التي وصفتها بالإرهابية. وقال مراقبون عسكريون، إن إسرائيل تستغل الوضع لتصفية الحساب مع حماس في الضفة وتخريب المصالحة.
ودعت رئيسة حزب ميرتس المعارض زهافا غالؤون، أمس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن تنصب جهوده والجيش على إعادة المخطوفين وليس على تحطيم حكومة الوفاق الفلسطينية. وحثت غالؤون، رئيس الحكومة الإسرائيلية بعقد لقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد انتهاء العملية، ليعرض عليه الأهداف السياسية التي يصبو إليها. وكان عباس أكد أن السلطة ستستمر في التنسيق الأمني مع إسرائيل وستساعد في البحث عن المخطوفين الثلاثة، وهي التصريحات التي لاقت رد فعل غاضبا من حماس.
وقالت حماس إنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الجرائم الإسرائيلية. وهدد القيادي في حركة حماس صلاح البردويل بتفجير انتفاضة ثالثة قائلا، إنه لا أحد قادرا على إلغاء هذا الحق، مضيفا في كلمة تضامنية مع قناة «الأقصى» الحمساوية التي أغلقتها إسرائيل في الضفة: «إن كانت المقاومة الفلسطينية هي من قامت بعملية الاختطاف فنعم المقاومة». وتابع البردويل: «الاحتلال يهدف من خلال تصعيده إلى تصفية القضية الفلسطينية وضرب المقاومة وتصفية كل ما له علاقة بالانتفاضة والثورة في الضفة الغربية، كما يسعى أيضا إلى إلغاء المصالحة، لكن أقول لن يستطيع أحد إفشال المصالحة، فشعبنا متمسك بالوحدة وتحرير الأرض والأسرى وعودة اللاجئين والسيادة الكاملة على الأرض».
ورفضت السلطة العودة عن المصالحة، لكنها قالت إنها ستتحرك ضد حماس إذا ثبت أنهم من قاموا بعملية الاختطاف. وحذرت مؤسسة الرئاسة الفلسطينية من مغبة «استمرار الحملات وإجراءات العقاب الجماعي التي تقوم بها إسرائيل، والتي طالت جميع أرجاء الأرض الفلسطينية، وبخاصة محافظة الخليل المحاصرة هي ومئات الآلاف من أهلها الأبرياء». وقالت الرئاسة في بيان أصدرته الخميس: «إن اتخاذ حكومة نتنياهو من اختفاء ثلاثة مستوطنين، حيث سبق وأن حددنا موقفنا الرسمي من هذا الموضوع، ذريعة لإنزال أشد العقوبات بحق شعبنا وحصاره في مدنه وقراه ومخيماته يتناقض مع القانون الدولي الإنساني، كما أن حملات الاعتقال التي طالت المئات من أبناء شعبنا، وإعادة اعتقال الأسرى المحررين يمثل خرقا سافرا لاتفاق تحريرهم، والهجوم على الأسرى المضربين عن الطعام وسن قانون يخالف القانون الدولي بإطعامهم عنوة، واقتحام جامعة بيرزيت، ومواصلة سياسة الاستيطان وتهويد القدس، ومواصلة الاعتداءات العسكرية على قطاع غزة واستمرار حصاره، كلها إجراءات مرفوضة وتسهم في خلق أجواء سلبية».
وأضافت الرئاسة: «إنه في الوقت الذي ندين فيه العنف بغض النظر عن الجهة التي ارتكبته، ونؤكد التزامنا بعملية السلام، وبحل عادل وشامل يؤدي إلى قيام دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، نؤكد أننا نرفض أن يشكل هذا الالتزام بأي حال من الأحوال غطاء لسياسة القمع والبطش الإسرائيلية بحق شعبنا وأرضنا أو الرضوخ لسياسة الأمر الواقع، مهما كانت المبررات والذرائع». وفي الوقت الذي طالبت فيه الرئاسة الفلسطينية بتحرك دولي ضد الحملة إسرائيل العسكرية، حصلت إسرائيل على دعم كامل من الولايات المتحدة لإجراءاتها على الأرض. وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل دان شابيرو أثناء زيارته منزل عائلة الفتى المختفي نفتالي فرانكل، إن الولايات المتحدة تعبر عن دعمها القوي لجميع الجهود المبذولة لإعادة الفتيان المخطوفين إلى ذويهم. وأضاف: «هؤلاء الفتيان كانوا في طريقهم من المدرسة إلى منازلهم، وليس هناك أبدا ما يبرر عملية اختطاف من هذا النوع التي هي عمل إرهابي بشع».
وتطرق السفير الأميركي إلى حقيقة حمل فرانكل ووالدته الجنسية الأميركية، مضيفا: «إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية خاصة إزاء هذا الموضوع».
ولم تكتفِ إسرائيل بالدعم الأميركي، وقال الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، إنه يجب تجنيد زعماء العالم من أجل أن يعلنوا صراحة نبذهم للإرهاب وعزمهم على ضربه بيد من حديد. وأضاف بيريس أمام عائلات الشبان المختفين الثلاثة، أنه سينقل رسالة بهذا المعنى لدى اجتماعه بالرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع المقبل، ومن خلال خطابه أمام الكونغرس في واشنطن.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم